شهدت أسعار الجنيه هبوطًا جديدًا أمام الدولار، وتراجع الجنيه نحو 20 قرشًا دفعة واحدة في البنوك، وبلغ سعر صرف الدولار 29.85 جنيه، في حين أنه كان يُصرف بـ29.65 في اليوم السابق.

وجاءت تراجعات الجنيه مقابل الدولار، الخميس الماضي، لتسجل أعلى وتيرة هبوط منذ يوم 5 يناير الماضي، وذلك عندما سجل الجنيه أدنى مستوى تاريخي على الإطلاق دون الـ 32 جنيه للدولار.

 وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، الأربعاء الماضي، مستقبلًا قاتمًا بشأن استمرار حالة الضغط التي يتعرض لها الجنيه، مؤكدة أن الضغط سيستمر خلال الأيام القادمة في ظل تراكم الواردات، وحاجة البلاد لتوفير المزيد من العملة الأجنبية للإفراج عن البضائع.

 

من أسباب الضغط على الجنيه

وفي مذكرة أصدرتها الوكالة، قالت: "تعد بنوك القطاع الخاص الكبيرة في وضع أفضل لتحمل انخفاض سعر العملة من أكبر بنكين في القطاع العام، وهما البنك الأهلي وبنك مصر، نظرًا لارتفاع رأس المال التنظيمي الوقائي"، وأشار التقرير إلى العديد من أسباب الضغط على الجنيه، نوردها في التقرير التالي.

 

تراكم الواردات

يأتي ذلك، بعدما تراجع الجنيه بنسبة 16% مقابل الدولار الأمريكي حتى الآن هذا العام، ونحو 40% منذ نهاية يونيو 2022. وقد تظل العملة تحت الضغط في عام 2023 نظرًا لتراكم الواردات في مصر، والمقدر بنحو 5.4 مليار دولار (16% من إجمالي الصادرات)، وفقًا لوكالة "فيتش".

يذكر أن البنك المركزي قال إن القطاع المصرفي قام بتغطية أكثر من 2 مليار دولار من طلبات المستوردين المصريين خلال الثلاثة أيام الماضية.

وقال المركزي أيضًا: أنه تم رصد عمليات دخول مستثمرين أجانب للسوق المصرية مرة أخرى، منذ يوم الأربعاء الماضي، بمبالغ تخطت الـ 925 مليون دولار أمريكي.

 

احتياطيات العملات الأجنبية

وأضافت أن احتياطيات العملات الأجنبية، واحتياجات التمويل الخارجي الإجمالية الكبيرة المقدرة بأكثر من 19 مليار دولار أمريكي لعام 2023 (حوالي 60% من احتياطيات العملات الأجنبية) تمثل أحد مصادر الضغط الأخرى على العملة المصرية. ويبقى أن نرى ما إذا كان البنك المركزي المصري سيسمح بتعديل سعر الصرف وأسعار الفائدة بشكل كافٍ لجذب تدفقات المحافظ الجديدة.

وفي بيان الثلاثاء الماضي كشف البنك المركزي عن استمرار الاحتياطي النقدي الأجنبي في الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، ليحقق زيادة تتجاوز الـ 860 مليون دولار خلال أخر أربعة أشهر، وفقًا لـ" Investing".

وقال المركزي في بيانه إن الزيادة في الاحتياطي جاءت على الرغم من سداد نحو 2.5 مليار دولار مدفوعات مرتبطة بالمديونية الخارجية للدولة، بواقع 1.5 مليار دولار خلال شهر نوفمبر، ومليار دولار في ديسمبر.

 

تضخم الأصول المرجحة بالعملات الأجنبية (RWA)

قالت وكالة فيتش إن بنوك القطاع الخاص الكبيرة في وضع أفضل لتحمل انخفاض سعر العملة من أكبر بنكين في القطاع العام، وهما البنك الأهلي وبنك مصر، نظرًا لارتفاع رأس المال التنظيمي الوقائي.

وأشار التقرير إلى احتفاظ بعض البنوك بمراكز معتدلة مفتوحة طويلة الأجل للعملات، مما قد يؤدي إلى الضغط على نسب رأس المال بسبب تضخم الأصول المرجحة بالعملات الأجنبية (RWA). وشكلت الأصول بالعملات الأجنبية 37% في المتوسط من RWA في أكبر 5 بنوك في نهاية النصف الأول من عام 2022، وفقًا لـ"العربية.نت".

 

تآكل نسب حقوق الملكية العامة

وقالت وكالة فيتش إنه وبافتراض وزن مخاطر بنسبة 100% لمعظم الأصول بالعملات الأجنبية، فإن أي انخفاض بنسبة 10% سيؤدي إلى تآكل نسب حقوق الملكية العامة للبنوك من المستوى الأول (CET1) بمقدار 30 نقطة أساس، في المتوسط.

وأضافت وكالة التصنيف الائتماني أن الأصول بالعملات الأجنبية من الأصول المرجحة قد تضخمت بنحو 60% منذ نهاية النصف الأول من عام 2022.

 

خسائر القيمة العادلة

وتوقع التقرير، أن يتعرض رأس المال للخسائر في المحافظ الاستثمارية بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة والعوائد على الأوراق المالية السيادية منذ الربع الأول من عام 2022.

وأكد التقرير أن خسائر القيمة العادلة ستستمر في التأثير على رأس مال البنوك في عام 2023، ولكن أقل من عام 2022 عندما زاد متوسط العائد على أذون الخزانة بنحو 540 نقطة أساس.

كما أشارت وكالة التصنيفات الائتمانية إلى أن خسائر الدخل الشامل الأخرى (OCI) أدت إلى تآكل نسب رأس المال التنظيمية بمقدار 90 نقطة أساس في المتوسط في النصف الأول من عام 2022 (بعد ارتفاع تراكمي قدره 300 نقطة أساس من ارتفاع معدل السياسة)، ولكن يمكن عكس الخسائر إذا احتفظت البنوك بالأوراق المالية حتى تاريخ استحقاقها.

 

تأثير الشهادات والفائدة والتعويم

وحافظت البنوك المصرية حتى الآن على ربحية جيدة على الرغم من تحديات الاقتصاد الكلي، مدعومة بارتفاع أسعار الفائدة ومكاسب إعادة تقييم العملة الأجنبية.

وأشارت الوكالة إلى ان متوسط الدخل الصافي السنوي ارتفع 2.6% في النصف الأول من عام 2022، مما أدى إلى تعويض تضخم انخفاض قيمة العملة، فضلًا عن خسائر الدخل الشامل الآخر.

وتوقعت فيتش أن تقلص شهادات الـ 25% هوامش الفائدة الصافية للبنك الأهلي وبنك مصر، بينما من المرجح أن تشهد بنوك القطاع الخاص مزيدًا من تدفقات الودائع إلى الخارج.

ومع ذلك، فإن العوائد على الأوراق المالية السيادية، التي زادت بأكثر من 500 نقطة أساس في عام 2022، يجب أن تدعم صافي هوامش الفائدة لبنوك القطاع الخاص ومقاييس الربحية الإجمالية.

وحتى المزيد من الانخفاضات الحادة في العملة لا ينبغي أن تؤدي مباشرة إلى خفض التصنيف، وفقًا لـ "فيتش". إذ تتمثل حساسية التصنيف الرئيسة للبنوك المصرية في التغيير في التصنيف السيادي السلبي عند "B +" لمصر.