فتح تعاظم الدين المصري لدول الخليج ونقص الموارد الدولارية في مصر وكذلك خروج استثمارات الأجانب غير المباشرة من السوق، بالإضافة لتزايد ضغوط تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا وزيادة فاتورة استيراد القمح والحبوب والنفط وتراجع إيرادات السياحة، الطريق أمام خطط الدول الخليجية الاستثمارية لشراء المزيد من الشركات والبنوك المصرية الناجحة.

مبادلة الديون بالأصول

أصبحت السياسة الخليجية تتعامل مع عبدالفتاح السيسي بمبدأ بيع وأنا أشتري، لا قروض ولا دعم بعد اليوم ولا ودائع جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي، لكن ربما يكون هناك تمديد للودائع الخليجية في البنك المركزي المصري، والتي يقدرها خبراء بأنها تبلغ نحو 15 مليار دولار، وفقا لمصادر مطلعة لموقع "إنتربرايز" المتخصص، لكن للموافة على تمديد الودائع يتوجب على السيسي تسريع عملية عرض أصول الدولة الجذابة للبيع للمشترين الخليجيين.

ويبلغ رصيد الودائع الخليجية في البنك المركزي المصري 15 مليار دولار بنهاية سبتمبر من العام الماضي، منها 5.7 مليارات دولار للإمارات، 4 مليارات للكويت، و2.3 مليار دولار للسعودية، و2 مليار قطر وفق تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي الذي كشف عن مد أجل استحقاق وديعة سعودية لدى مصر قيمتها 2.3 مليار دولار حتى 2026.

بيع الأصول والمشروعات الناجحة

شرع قائد الانقلاب في 2022 على بيع أصول هامة كالبنوك والفنادق والشركات التي تحقق أرباحاً لمستثمرين إماراتيين وسعوديين، وقطريين في مواجهة تراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي نتيجة التوسع في الاقتراض من الخارج، من أجل استكمال مشاريع غير مربحة كإنشاءات العاصمة الإدارية الجديدة، وبعض المشاريع الضخمة التي تصفها الحكومة بـ"القومية".

وأقحم السيسي المصريين في أزمات عديدة مثل أزمة سداد مستحقات والتزامات مالية تصل إلى 30 مليار دولار خلال العام الحالي، في ظل محدودية الخيارات المتاحة لتوفير النقد الأجنبي، وهذا المبلغ مقسم إلى 20 مليار دولار مديونيات يجب سدادها، و10 عجز في الميزان التجاري بين الصادرات والواردات.

النواب يعطي الضوء الأخضر لبيع أصول مصر

وصدّق مجلس النواب  في يوليو الماضي، على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء الصندوق السيادي، الهادف إلى تسهيل إجراءات نقل ملكية أصول الدولة للصندوق، بعد إعادة تعريف الأصول بأنها "الأوراق والأدوات المالية، والأصول والممتلكات الثابتة والمنقولة المملوكة للصندوق، أو التي يُعهد إليه بإدارتها".

وبهذا القانون أعطى النواب الضوء الأخضر للمنقلب لبيع الأصول كيفما يشاء فأصبح  "لرئيس الجمهورية الحق  في نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة أو المستغلة المملوكة للدولة، ملكية خاصة، أو للجهات التابعة لها، أو التي تساهم فيها الدولة، شرط الاتفاق مع وزير المالية، إلى الصندوق السيادي"، وهو ما يفتح الباب تلقائياً إلى بيع الآلاف من الكيانات الحكومية، والأصول المملوكة للدولة، في جميع المحافظات المصرية.

الأصول المباعة في 2022

وأوضحت  نشرة إنتربرايز الاقتصادية، أن الخليج  سيطر على الصفقات التي أبرمها السيسي لبيع الأصول، حيث شاركت الشركات والمؤسسات من السعودية والإمارات في 40 صفقة بينهما في عام 2022، بينما شاركت الكويت وقطر في عدد قليل.

فأبرم المنقلب  العديد من الصفقات منها ما جاء على صعيد القطاع الأكثر رواجا، كالخدمات المصرفية والمالية، تليها الصناعة والطاقة، واكتملت 16 صفقة دمج واستحواذ في القطاع المصرفي، و 9 صفقات، في القطاع الصناعي، و 4 منها في الطاقة واثنتان في مصادر الطاقة المتجددة.

قطاع الاتصالات

تعتبر صفقة استحواذ فوادكوم، على 55 بالمئة، هي حصة فودافون في "فودافون مصر"، هي الأكبر لهذا العام، وبلغت 2.5 مليار دولار.

الخدمات المصرفية والمالية

ضخ صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي (الشركة القابضة إيه دي كيو) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص أقلية كبيرة في بعض أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية من الحكومة.

أصبحت القابضة أيه دي كيو أكبر مساهم مستقل في البنك التجاري الدولي، أكبر بنوك القطاع الخاص في البلاد، وشركة فوري الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية. اشترى الصندوق حصة 17.2% في البنك التجاري الدولي مقابل 911.5 مليون دولار و11.8% من فوري مقابل 55 مليون دولار تقريبا.

كما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصة 25% في أي فاينانس الحكومية، بالإضافة للاستحواذ على 34% من شركة "بي تك"، المتخصصة في تجارة التجزئة وتوزيع الأجهزة المنزلية والإلكترونية مقابل مبلغ لم يكشف عنه، بينما أكملت القابضة إيه دي كيو الاستحواذ على حصة حاكمة في مجموعة عوف للأغذية الصحية المالكة لعلامة أبو عوف التجارية الغذائية الشهيرة. ودخل صندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب صناديق أخرى لم يكشف عنها، إلى قطاع التعليم من خلال الاستحواذ على حصة 15% في سيرا للتعليم.

القطاع الدوائي

 زاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي، من وجوده في قطاع الأدوية في مصر من خلال الاستحواذ على 4.7 بالمئة من شركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو) وزيادة حصته من شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (راميدا) ليصبح ثاني أكبر مساهم في الشركة.

القطاع العقاري،

 فبقيت المحاولات مستمرة لمزيد من الاستحواذ استحوذت القابضة أيه دي كيو، جنبا إلى جنب مع شركة العقارات الإماراتية العملاقة "الدار العقارية" على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) في أواخر عام 2021.

قطاع الموانئ

باتت الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع مملوكة حاليا لأغلبية من صناديق الثروة الخليجية، بعد موافقة مؤسسات الدولة على بيع حصصها لتوفير سيولة من العملة الصعبة للبلاد.

كما باتت إحدى شركات الشحن الرائدة في القطاع الخاص في البلاد، مملوكة الآن لشركة موانئ أبو ظبي التابعة للقابضة أيه دي كيو، ودفعت موانئ أبو ظبي، التي تمتلك القابضة إيه دي كيو حصة الأغلبية فيها، 140 مليون دولار لشراء حصة 70% من شركة الشحن والخدمات اللوجستية المصرية إنترناشونال أسوسييتيد كارجو كارير "أي أيه سي سي)" وهي شركة استثمار مصرية تمتلك شركتين محليتين للخدمات اللوجستية البحرية: شركة ترانسمار، وهي خط شحن مقره مصر، ومشغل المحطات ترانسكارجو الدولية "تي سي آي".

البورصة

واستحوذت القابضة أيه دي كيو على ثلث الشركة المدرجة في البورصة المصرية مقابل 186.1 مليون دولار في أبريل، وحذا صندوق الاستثمارات العامة السعودي حذوها بعد أربعة أشهر باقتناص حصة 20% مقابل نحو 156.3 مليون دولار.