في واقعة تدل، مجددا، على حالة الغرور والبلطجة التي باتت تسيطر على المنتسبين للجيش والشرطة ضد فئات المجتمع، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بأخبار الاعتداء السافر لأسرة ضابط طيار على طاقم التمريض بمستشفى قويسنا المركزي بالمنوفية بسبب ما وصفوه بأنه تراخي المستشفى عن إنقاذ إحدى قريباتهم التي أصيبت بنزيف.

وبسبب الحملة التي قادها نشطاء "السوشيال ميديا" ضد الطيار وأسرته تحركت الجهات المعنية للسيطرة على الفضيحة؛ حيث أصدر المتحدث العسكري للقوات المسلحة بيانا تعهد فيه بمحاسبة الضابط وساندت نقابة الأطباء طاقم المستشفى وانتقل وزير الصحة بحكومة الانقلاب إلى المستشفى لدعم العاملين فيها، إلا أن تهاون مدير المستشفى ووكيلة مديرية الصحة بالمنوفية في دعم طاقم المستشفى عقب الاعتداء عليهم وإجهاض إحدى الممرضات وإصابة نحو 8 من العاملين، تسبب في حالة أخرى من الغضب ضد المسؤولين الذين خافوا من الضابط ولم يتحركوا إلا بعد تيقنهم من أن القضية اشتعلت إعلاميا وجماهيريا. 

واستنكرت النقابة العامة للتمريض الاعتداء الذي وقع على أطقم التمريض بمستشفى قويسنا المركزي من جانب الضابط الذي يدعى مصطفى أشرف حسن وأسرته، وأشار أحد أعضاء مجلس نقابة الأطباء إلى أن أسرة الضابط انتقلت، عقب الاعتداء على العاملين بمستشفى قويسنا، إلى مستشفى آخر واعتدت على العاملين فيه أيضا!

وبدأت أحداث الواقعة عند وصول الضابط بصحبه أخيه وعدد من السيدات إلى طوارئ مستشفى قويسنا المركزي، نتيجة لإصابة إحدى السيدات بنزيف بسيط، وذلك وقت انشغال كافة أطباء النساء بعمليات جراحية أخرى، وعند إبلاغ الممرضة للطبيب بتفاصيل الحالة طلب منها إجراء سونار وبعض التحاليل حتى الانتهاء من العمليات الجراحية، وإذا بالضابط المصاحب للحالة يرفض ذلك ويطالب بضرورة مناظرة الحالة وبدأ في سباب العاملين بالمستشفى، في الوقت الذي اصطحب فيه التمريض للحالة وإيداعها بسرير في الطوارئ لإجراء السونار والتحاليل المطلوبة حتى يتم مناظرتها.

ووفقًا لشهادة التمريض في المستشفى، والفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، فإن السيدات المصاحبات للحالة بدأن في تهديد أطقم التمريض بالمستشفى وتوعدوا لهم بالضرب، وبعدها دخل الضابط ومعه أحد الأشخاص لقسم النساء، وضربوا كافة الممرضات بجنزير وكرباج، وأخرجت ممرضة هاتفها للاتصال بالطوارئ، فتم الاعتداء عليها بالضرب ما أسفر ذلك عن إجهاضها.

أول رد فعل من وزير الصحة بشأن الاعتداء على تمريض مستشفى قويسنا – بوابة الصبح

مطالب باتّخاذ الإجراءات القانونية العاجلة ضد الضابط وأسرته

واستنكرت النقابة العامة للتمريض في مصر، اعتداء ضابط طيار في الجيش المصري على أفراد من طاقم التمريض بـ"الجنازير"، وذلك في مستشفى قويسنا المركزي بمحافظة المنوفية، الأمر الذي تسبّب في إصابة خمس ممرّضات وتعرّض سادسة للإجهاض، بالإضافة إلى إصابة ثلاث عاملات.

وطالبت نقيبة التمريض، النائبة في مجلس شيوخ الانقلاب، كوثر محمود، الجهات المعنية في الدولة بسرعة التحقيق في الواقعة، بعد أن أرسلت النقابة تليغرافًا إلى وزير الدفاع الفريق أوّل محمد زكي، لاتّخاذ الإجراءات القانونية العاجلة ضدّ الضابط المتسبّب في واقعة الاعتداء على الممرّضات في المستشفى.

وشدّدت كوثر على "عدم تنازل النقابة عن حقوق أعضائها من الممرّضات والممرّضين، الذين يؤدّون دورهم على أكمل وجه من دون تقصير"، داعية أجهزة الدولة إلى "ضرورة التصدّي لحالات الاعتداء على أطقم التمريض في المستشفيات، باعتبار أنّ ترويع الأطقم التمريضية لن يصبّ في مصلحة تطوير المنظومة الصحية".

 

مسلسل الاعتداء على الأطباء وطواقم التمريض مستمر

وفي 18 سبتمبر الماضي، أفادت النقابة العامة لأطباء مصر بأنّ "أطباء وممرّضين في مستشفى البنك الأهلي للرعاية المتكاملة، الكائنة في حيّ المقطم بالقاهرة، تعرّضوا لاعتداءات مبرحة من أهالي أحد المرضى"، واصفة ما حدث بأنّه "معركة في ساحة المستشفى، ويرقى إلى حدّ الجريمة في حقّ أعضاء الفريق الطبي".

وقبل ذلك بأيام، تعرّض طبيب عظام مقيم في مستشفى ناصر العام بمحافظة القليوبية لاعتداء من قبل مرافقي أحد المرضى، في أثناء تأدية عمله بقسم الاستقبال والطوارئ.

وقد سبقه اعتداء آخر على طبيب طوارئ في مستشفى بمنطقة حلوان، وإصابته بجرح قطعي في الكتف.

فضلًا عن ضرب طبيب أمراض نسائية في مستشفى السويس العام من قبل مرافقي إحدى النساء، الأمر الذي أدّى إلى إحداث كسر في يده اليسرى.

وفي شهر يوليو الماضي تم الاعتداء بأسلحة بيضاء على الطبيب السيد الدركي بالمنصورة بعد أن توفيت مريضة بالسكتة القلبية، وحينما خرج لإخبار أهل المريضة فوجئ بنجليها الشباب ووالد زوجها يعتدون عليه بأسلحة بيضاء مما تسبب في إصابته بجروح قطعية في مناطق متفرقة بالجسم استلزمت خضوعه للتدخل الطبي العاجل وإجراء خياطة طبية له قوامها 68 غرزة، وفقًا لـ"سكاي نيوز".

 

عقوبة التعدي على الأطباء وأطقم التمريض

في هذا الصدد أكدت دكتور مايا مرسي، رئيس المجس القومي للمرأة، في تدوينة لها عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «أوضح قانون العقوبات، في المادة 136 الخاصة بالاعتداء على الموظف أثناء تأدية عمله، أن كل من تعدى على أي من الموظفين العموميين، ورجال الضبط، وأي شخص مكلف بخدمة عمومية، وكل من يقوم بمقاومة الموظف بالقوة أو العنف أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأدية عمله، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 شهور أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه».

وتابعت: «وفي حادث قويسنا والتعدي على الممرضة أُجهض الجنين، وهنا المادة 260 من قانون العقوبات كل من أسقط عمدًا امرأة حبلى بضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء يعاقب بالسجن المشدد من 3 إلى 15 سنة»، 

وطالبت رئيسة المجلس القومي للمرأة، المشرع المصري بضرورة تغليظ عقوبة التعدي على الموظف العام لفظيًا أو جسديًا، لافتًا إلى أن تغليظ عقوبة الحبس والغرامة التي تصل في بعض الدول العربية إلى 10 سنوات وأكثر من ما يعادل ثلاثة ملايين جنيه، لأن هذا الحادث ليس الأول ولن يكون الأخير.

 

قانون السلامة الطبية يُغلّظ العقوبة

من جانبه، أكد الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس نواب الانقلاب، أن مشروع قانون المسئولية الطبية، يتم مناقشته تحت قبة البرلمان، وضع عقوبات مغلظة ورادعة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الأطباء أو أطقم التمريض.

وأوضح حاتم أن عقوبة التعدي على الأطباء وأطقم التمريض حسب مشروع قانون المسئولية الطبية تصل للحبس والغرامة، مشيرًا إلى أن عقوبة الحبس ألا تقل مدتها عن 5 سنوات، أما الغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه في حال أدى التعدي على الأطباء إلى إيذاء بدني أو الإتلاف للشخص الاعتباري.

 

اشتعال الغضب بوسائل التواصل الاجتماعي

وانتشر هاشتاج #مستشفي_قويسنا_المركزي، وعبر فيه العديد من المصريين عن حالة الغضب التي انتشرت جراء هذا الفعل الوحشي من قبل ضابط الطيران والأشخاص الذين كانوا معه.

وقال الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحيفة الأحرار اليومية الأسبق، سليم عزوز: "بعيدًا عن اللف والدوران واللت والفت، دي واحد بتضرب موظفة بالكرباج أثناء تأدية عملها لماذا لم يتم القبض عليها حتى الان؟ يقولون أم الضابط، ويقولون أخته، ويقولون حماته".

الصورة

وتابع الناشر هشام قاسم في عدة تغريدات: "لم تجرؤ وسيلة إعلام مصرية أن تذكر إن الشخص الذي اعتدى على الممرضات في مستشفى قويسنا بكرباج، هو ضابط طيار اسمه مصطفى أشرف حسن، كما شاهدنا مدير المستشفى يحذر الممرضات المعتدى عليهن من اتخاذ إجراءات قانونية ضده، وتحمل نتيجة فعل ذلك، فهل عدم نشر اسم الضابط، ثم التحذير من اللجوء إلى القانون صدفة، أم حالة تجبر تفشت بين بعض ضباط الجيش، وغيرهم من أصحاب النفوذ والحظوة لدى النظام الحاكم؟ إنها ممارسات تذكرنا بما كان يحدث قبل هزيمة 1967 العسكرية، والتي تبعها اختفاء الزي العسكرية خارج معسكرات الجيش، اتقاءً للغضب الشعبي.

ويواصل قاسم قائلًا: والآن عاد ذات التجبر منذ وصول عبد الفتاح السيسي لكرسي الحكم. هذه أسئلة واطروحات لم تعد تتردد فقط في أروقة المعنيين بالشأن العام، ولكن على المستوى الشعبي، فهل هي نتاج سوء تقدير تسببت فيه سياسات القمع التي عشناها في السنوات الماضية؟ أم أن هذا الإذلال وهذه المهانة من سياسة النظام للسيطرة على الدولة؟ الأحداث تتسارع والإجابات لن تتأخر، وحتى ذلك الحين كسر أي أيد تتمد على مواطن مصري تحصنًا بموقع صاحبها الوظيفي".

ونشرت شهرزاد فيديو لـ"مدير المستشفى وهو يهدد التمريض بضـــياع مسـتقبلهم لو بلغوا أو شهدوا ضد ضابط الجيش اللي ضـربهم وجـلدهم وسحلـهم وأجهض زميلتهم هو وحماته وأسرته. احتفظوا بالفيديو دا ووروه لأولاده ولأسرته ويا ريت أهل المنوفية المحترمين اما يشوفوهم يزفوهم بكل احترام لولاهم ماطـــغوا".

https://twitter.com/shahrzad_msr/status/1598931182762487808

وقال الإعلامي أسامة جاويش: " يعاني العاملون في القطاع الصحي بمصر من اعتداءات لفظية وجسدية متكررة يصل بعضها إلى إحداث عاهات مستديمة. وصل عدد حوادث الاعتداء على الأطقم الطبية في النصف الأول فقط من 2022 إلى أكثر من 20 واقعة (نقابة الأطباء)".

وغرد محمد سلامة: "ما آلمني في واقعة الاعتداء الوحشي لضابط قوات مسلحة وعائلته على خمس ممرضات وثلاث عاملات ليس أن الاعتداء وصل إلى حد تكسير أيديهن وأرجلهن وإسقاط حمل إحداهن! بل هو مشهد اعتداء أخت الضابط على احدى الممرضات وجلدها إياها بالكرباج هذا المشهد يلخص تاريخ مصر الحديث. #مستشفي_قويسنا_المركزي".