تجدد مسلسل إهدار دم الفتيات الصغيرات اللاتي لم يتجاوزن العشرون عاما، ليفجع الشارع المصري مرة أخرى بمأساة جديدة على غرار مقتل نيرة أشرف وسلمى بهجت ومريم، وهي مقتل الفتاة الرابعة في أقل من عام، حيث أقدم شاب على قتل خطيبته خنقا، وسط الشارع في منطقة العرب بمحافظة بورسعيد.


ووقعت الجريمة البشعة في منطقة عمارات الحديدي بشارع أوجينا التابع لحي شرق بورسعيد، حيث فوجئ المارة بشاب يمسك بفتاة ويعتدي عليها ركلا وصفعا ثم يخنقها بكلتا يديه حتى لفظت أنفاسها.


وبالفحص تبين أن الفتاة تدعى خلود السيد فاروق درويش، وتبلغ من العمر 20 عاما، كما تبين أن الفتاة تم قتلها وضربها بآلة حادة على رأسها، ويوجد برقبتها علامات الخنق بالأيدي.


وقامت السلطات الأمنية بالقبض على القاتل وقررت النيابة تكليف المباحث بسرعة إجراء تحرياتها حول الواقعة، فيما أكد شهود عيان أن القاتل هو خطيب الفتاة ويدعى محمد سمير أحمد، ويعمل معها في منطقة الاستثمار، وكان من المنتظر زواجهما قريبا.


ثلاث مجازر دموية


وتكررت حوادث الاعتداء على الفتيات وقتلهن تحت مزاعم "الحب" في مصر خلال الفترة الماضية، حيث بدأت مجازر قتل الفتيات هذا العام بالمنصورة بذبح الفتاة الجامعية نيرة أشرف وإهدار دمها وبعد أقل من شهرين على مقتلها تعرضت طالبة أخرى، وهي "سلمى بهجت"، صاحبة العشرين ربيعا، للطعن 15 مرة على الأقل في الزقازيق، واتُهم زميل لها بقتلها بعد أن رفضت عرض زواجه، ثم بعد أسبوعين، تسارعت الأحداث، وفي الرابع من سبتمبر 2022 الماضي، قتلت أماني عبد الكريم الجزار، 19 عامًا، طالبة بالفرقة الرابعة بكلية التربية الرياضية، ومقيمة بقرية طوخ طنبشا التابعة لمركز بركة السبع في محافظة المنوفية، على يد شاب بطلق خرطوش في الظهر، وذلك لرفضها الارتباط به.


إعلام البلطجة والعنف ضد المرأة


منذ الانقلاب العسكري في 2013، وتعمد الإعلام الرسمي للسيسي على بث أفكار للتفرقة بين الرجال والنساء، ظهرت جليا من خلال أعمال السكر والبلطجة والعري الذي أصبح السمة الأساسية في هذا الإعلام، ومن ثم ففي دراسة أجرتها مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة (EFDE)، العام الماضي "2021"، وقعت 813 جريمة عنف ضد النساء والفتيات في مصر.


كما رصدت المؤسسة "296 حالة قتل لنساء وفتيات في مختلف الأعمار، و78 حالة شروع في قتل، و54 حالة اغتصاب، و74 جريمة ضرب، منها 49 جريمة ضرب من أفراد الأسرة، بالإضافة إلى 125 جريمة تحرش جنسي، و100 واقعة انتحار، غالبيتهن بسبب العنف والمشاكل الأسرية والابتزاز الجنسي، والتعنيف على التحصيل الدراس".


وأضافت (EFDE)، أنه "بلغ إجمالي عدد جرائم العنف الأسري والمنزلي ضد النساء والفتيات وحدها 413 جريمة خلال 2021، فيما ارتفعت حالات العنف المُسجلة ضد الفتيات الصغيرات إلى 30% من إجمالي جرائم عام 2021".


الدولة تترك الفتيات لمصير مجهول


وكما جاء بالتقرير نجد أن تلك الجرائم تمت في غياب تام للأمن تاركا تلك الفتيات لمصيرهن، ومن ثم بعد الاعتداء عليهن نجد الآلة الإعلامية تسن أسنانها نحو المعتدين للمطالبة بالقصاص منهم متناسية دور الشرطة في حمايتهن من المصير الذي وصلوا إليه.


ووفقا لعدد من المحامين والضحايا فإن النساء اللائي طلبن مساعدة السلطات لم يتلقينها في أحوال كثيرة، حيث تحدث خالد عبدالرحمن محامي أسرة نيرة أشرف لرويترز قائلا، "إن المجرم  الذي قتل نيرة كان يلاحقها ويرهبها علنا كما أنشأ حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام صور إباحية معدلة لوجهها وهددها بالقتل في رسائل نصية".


وأضاف محامي نيرة: "عندما قدمت بلاغين بعدم تعرضه لها وأبلغت مباحث الإنترنت برسائل التهديدات، قوبل ذلك بالتجاهل.


ونوه خالد: "الإجراءات الخاصة بالمباحث والاطلاع والتحريات وفحص البلاغ وفحص الأكاونت (الحساب) بتطول، بتاخدلها شهرين تلاتة أربعة".


واختتم تصريحاته قائلا: "إنه لم يتم استدعاء عادل لاستجوابه وتقرر حفظ البلاغ المقدم إلى مباحث الإنترنت. وأردف "لو كانت المحاضر دي اتفعّلت تفعيلا قانونيا صحيحا وتم إجراء ضد هذا المتهم مكانتش نيرة اتقتلت".


عقوبات مغلظة دون حل جذور المشكلة


ويبدو أن العسكر كعادتهم يظهرون في المواقف الإعلامية التي تشغل الرأي العام بل يقوموا بتضخيمها وتوجيهها إعلاميا من أجل اللقطة فأحكاما وعقوبات مغلظة، لكن ساعات ونجد أن الجريمة تتكرر عدة مرات وفي هذا الصدد قالت لبنى درويش، مسؤولة ملف العنف الاجتماعي وحقوق الإنسان في منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "الدولة تحاول أن تضرب مثلا من خلال فرض عقوبات صارمة في بعض القضايا التي أثارت الرأي العام".


وأضافت لبنى "لكننا لا نتعامل مع جذور العنف ضد النساء وحجم العنف ضد النساء اللي بيحصل في مصر جوا وبرا البيت".


وشاركتها انتصار السعيد، المحامية ورئيسة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون وهي إحدى منظمات المجتمع المدني المستقلة، قائلة : "إن إحدى المشكلات تتمثل في عدم وجود قانون يجرم العنف ضد المرأة ويمكنه أن يمنع الجرائم قبل وقوعها وأن الضغط الاجتماعي على النساء اللواتي يبلغن عن الجرائم ما زال يمثل مشكلة".


الحكومة تجعل من مقتل الفتيات ترندات


وكعادة أي حكومة أتت على دماء شعبها، تصنع دائما من الأحداث ما يشغل الرأي العام  لصرف النظر عن  سقطاتها وضعف سياستها الداخلية والخارجية، وتبعده عن المشاكل التي يعانون منها عبر تكبير الآلة الإعلامية لها، جعلت حكومة الانقلاب الجريمة حديث الساعة في المجتمع المصري وأخذت حجما كبيرا بين المصريين أنستهم إعدام الكتاكيت والظروف الاقتصادية التي يقبعون بها.