يبدو أن أزمات صناعة الدواجن في عهد العسكر لا تنتهي،  فبعد ساعات من إعلان المربيين إعدام ملايين الكتاكيت الصغيرة، نتيجة لأزمة نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها، ظهرت في الأفق أزمة غلق العديد من المزارع، بسبب اضطرار عدد كبير من المربين في منظومة قطاع إنتاج الدواجن والبيض، التوقف عن العمل، ولجوء البعض منهم لبيع الدواجن بأي ثمن وإعدام الصغار منها.


وبدأت الأزمة عندما نُشرت صور لإعدام بعض مربي الدواجن في مصر صغار الدجاج أو "الكتاكيت"، إذ أظهرت مقاطع فيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الأشخاص يقومون بوضع "الكتاكيت" بشكل جماعي داخل أجولة ثم يغلقونها عليهم، ويعلق أحد القائمين على هذا الأمر خلال تصوير الفيديو "بأنه يجب إحكام غلق الأجولة لتموت الكتاكيت بسرعة".


حالة غضب كبيرة


وتسبب نشر الفيديوهات في حالة كبيرة من الغضب بين المصريين الذين اعتبروا هذا الأمر جريمة تستوجب عقاب ومحاسبة من تسبب في تلك الأزمة، مطالبين بإنقاذ صناعة الدواجن التي تتعرض لأزمة كبيرة حاليا، نتيجة عدم وجود الأعلاف وإذا وجدت فإنها تكون بأسعار مرتفعة جدا مما يجعل أصحاب مزارع الدواجن يتعرضون لخسائر بالغة.


بينما اشتد غضب المربيين بسبب الخسائر التي يتلقونها يوما تلو اليوم بسبب عدم توفير البنك المركزي للدولار، حيث يستورد مربو الدواجن العلف بالدولار الجمركي ويشترونه من البنك المركزي بسعر 19.36 جنيها، لكن سعر الدولار في السوق السوداء قد يصل لـ24 جنيها.


ويحتاج المربيين أن يمنحهم البنك المركزي المصري 340 مليون دولار في الشهر ليتمكنوا من شراء طعام الكتاكيت، رغم أنه موجود في الموانئ، والمربون ليسوا مجبرين على شراء الدولار من السوق السوداء بسعر مرتفع ليتكبدوا بذلك الكثير من الخسائر، فكان الحل أمامهم هو إعدام الكتاكيت.


كارثة


قال نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن في مصر، ثروت الزيني، إن "منتجي الدواجن يلجؤون لإعدام آلاف الكتاكيت بسبب شح الأعلاف وارتفاع أسعارها في الأسواق".


وأضاف الزيني في مداخلة متلفزة أنه "لا يمكن فعليا حصر أعداد الكتاكيت التي تم التخلص منها لأن مصر تنتج يوميّا نحو 4 ملايين دجاجة".


وطالب الزيني بضرورة الإسراع "بالإفراج عن الأعلاف والمواد الخام المتكدسة منذ شهرين في الموانئ المصرية"، محذرًا من أن استمرار الأزمة سيتسبب في ارتفاع أسعار الدواجن والبيض بشكل جنوني لن يتحمله المواطن المصري.


وفي خطوة أثارت مخاوف البعض، نشر الزيني تدوينة مرفقة بصورة نعى فيها "صناعة الدواجن".


مزارع دواجن مصر تواجه شبح الموت


فشل الحكومة في تدبير العملة الصعبة لتمويل شراء الأعلاف ومستلزمات الإنتاج بالعملة الصعبة، أدي إلى ترجع الإنتاج بشكل ملحوظ خلال الـ 3 أشهر الأخيرة، وبحسب خبراء فإن الأزمة الحالية تهدد مستقبل الثروة الداجنة في مصر، ويهدد الأمن الغذائي المصري من اللحوم البيضاء.


وأضافوا أن "نقص عدد الكتاكيت سيتسبب في تراجع إنتاج الدواجن في البلاد، ومن ثم ارتفاع أسعارها، وزيادة استنزاف العملة الصعبة لاستيراد اللحوم البيضاء لتلبية احتياجات الطلب المتزايد على الدواجن والبيض".


وطالبوا الحكومة بالتحرك الفوري لحل الأزمة، والإسراع في تسهيل إجراءات استيراد مستلزمات الأعلاف، والإفراج عن الكميات المتوافرة منها في الموانئ، فضلاً عن تشديد الرقابة على التجار الذين يستغلون الأزمة لرفع أسعار بيع الدواجن بصورة مبالغ فيها.


فيما يرجع المربون عدم شعور المواطنون بالأزمة، لوجود حالة من الركود الشديد في البيع، مع تراجع القوة الشرائية، وتصاعد حالة الغلاء بنسب تصل إلى 100% منذ بداية العام الحالي، فيما توقف العمل بنحو 25 ألف مزرعة في مختلف المحافظات، بعد انتهاء مخزون البلاد من الأعلاف.


وقفز سعر الأعلاف من 7400 جنيه إلى 16 ألف جنيه للطن، جراء صعوبة تدبير العملة الصعبة اللازمة للإفراج عن الأعلاف المكدسة في الموانئ.


نقص الأعلاف


ويشير مربي المزارع في مصر إلى أن البيانات المتاحة تشير إلى أن نسبة عجز الأعلاف مقارنة بالمطلوب لمزارع الدواجن في مصر حاليا تخطت 50 في المئة.


ونتج عن هذه الأزمة زيادة كبيرة في أسعار لحوم الدواجن بمصر حيث ارتفع سعر كرتونة البيض في الأسواق المصرية إلى 90 جنيهاً خلال الأيام الأخيرة، وأسعار الدواجن البيضاء إلى 40 جنيهاً للكيلو، والدواجن البلدية إلى 55 جنيهاً للكيلو، في وقت تواجه فيه صناعة الدواجن مخاطر جمة، على خلفية توقف العمل بنحو 25 ألف مزرعة في مختلف المحافظات، بعد انتهاء مخزون البلاد من الأعلاف.


ونتج عن ذلك أيضا ارتفاع أسعار لحوم المواشي نظرا لأن أزمة الأعلاف ممتدة إليها أيضا حيث وصل سعر كيلو اللحم إلى ما يتخطى الـ 200 جنيه.


وقبل الأزمة كانت استثمارات صناعة الدواجن في مصر تبلغ  نحو 100 مليار جنيه، ويعمل بها 3 ملايين شخص، وذلك لإنتاج نحو 95% من احتياجات البلاد من اللحوم البيضاء، بواقع 1.4 مليار طائر تنتج 14 مليار بيضة تكفي حاجات المستهلكين، وتصدر نسبة بسيطة من الإنتاج إلى الدول الخليجية.