وسط طلب كبير على الدولار، قررت البنوك المصرية، رفع رسوم استخدام بطاقات الدفع والائتمان في الخارج من 3% إلى 6%، أو تقييد سقف السحب في الخارج بقيم محددة.

وفي مطلع هذا الأسبوع سجل الجنيه المصري خسائر جديدة مقابل الدولار، ليجري تداوله، عند مستويات تتراوح بين 19.72 جنيهاً كأعلى سعر للبيع، مقابل 19.61 جنيهاً كأعلى سعر للشراء، بينما يباع في السوق السوداء بقيم تتراوح بين 23 و25 جنيه.

تخفيض سقف "السحب" للمصريين بالخارج

ومنذ أيام قليلة فوجئ عملاء بنوك مصرية بتعليمات جديدة تحدد مبالغ الدولار المتاح لهم سحبها من أجهزة الصراف الآلي أو الشراء بها عبر البطاقات البنكية، خارج البلاد.

فتلقى عملاء بنك "إتش إس بي سي" مصر رسائل نصية مفادها أن حد السحب النقدي الشهري من أجهزة الصراف الآلي من الخارج باستخدام بطاقات البنك الائتمانية أو الخصم المباشر سيكون 5000 دولار أميركي (أو ما يعادلها) بدءاً من 6 أكتوبر 2022.

بينما وضع بنك أبوظبي الأول مصر حدا أقصى لسحوبات الدولار من ماكينات الصراف الآلي خارج مصر عند 500 دولار لبطاقات الائتمان "تيتانيوم".
كما خفض بنك مصر الحد المتاح للعميل المسافر، إلى 1000 دولار من 2000 دولار في السابق.

ومن جانبه، رفع البنك التجاري الدولي (CIB) الحد الشهري للسحب النقدي خارج مصر لبطاقة "بلاس تيتانيوم" 10 آلاف جنيه، وحد الاستخدام الشهري للشراء خارج البلاد 50 ألف جنيه، أو ما يعادلها بالعملة الصعبة.

فيما كشفت صحف محلية أن بنك مصر خفض حدود السحب النقدي بالخارج إلى 1500 دولار شهريًّا، كما حُدِّد السحب من بعض بطاقات الائتمان بـ500 دولار شهريًّا.

انخفاض الجنيه وراء القرار

يرى خبراء اقتصاديون أن الإجراء الأخير جاء تزامنًا مع "هبوطًا غير مسبوق للجنيه المصري" في ظل حاجة الحكومة الشديدة إلى العملة الصعبة مع تكهنات باقتراب اتفاق مصري مع صندوق النقد الدولي.

وأوضح عبد النبي عبد المطلب -وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السابق- في منشور "الجنيه المصري ينخفض إلى أدنى قيمة له أمام الدولار عبر التاريخ، ترى ماذا ستكون قيمة التخفيض حال وصول مصر إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي؟ ربنا يسترها على مصر والمصريين".

فيما أكد الاستشاري في التمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية في تصريحات صحفية: "يأتي هذا الإجراء المصرفي غير القانوني من البنوك المصرية ليمنع المودعين من استرداد أموالهم وودائعهم في البنوك كما يشاؤون وبالمبالغ التي يحتاجونها".

وأرجع ذلك إلى أن "الدولة قد سطت فعليا على ودائع المواطنين من خلال الاقتراض المحلي الحكومي عدة مرات في الأسبوع الواحد ولسنوات طويلة، لسد عجز الموازنة العامة للدولة ولسداد الديون المحلية والخارجية".

الإفلاس وشبح لبنان

كما يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، علاء السيد، أن تقليص البنوك حد السحب ورفع رسومه وغيرها من الإجراءات المماثلة، "يقترب بالجهاز المصرفي المصري من الحالة اللبنانية بشكل متسارع".

كما نصح المودعين بأن "يسارعوا بكل الطرق والوسائل لسحب أرصدتهم النقدية من البنوك المصرية، وتحويلها لعملة صعبة سواء دولارات أو يورو أو جنيه إسترليني أو ريال سعودي أو ما شابه، وشراء سبائك ذهبية بنصف مدخراتهم على الأقل والتي لا يحتاجونها لمدة سنة فما فوق".

وأضاف: "كما أنصح كل من امتلك فائضا من المال بتخزين طعام يكفيه لمدة عام، والامتناع عن شراء السلع غير الضرورية، وتسييل كافة الأصول العقيمة غير المنتجة بأي ثمن، وتحويل قيمتها لسبائك ذهبية بأسرع وقت ممكن".

وأكد الخبير المصري أن هذه الخطوات ضرورة حالية "قبل أن يأتي يوم لا نحب أن نرى فيه شعبنا يكرر حوادث اقتحام البنوك لصرف أموالهم بالقوة كما يحدث في لبنان لا قدر الله".

نقص حاد في العملات الأجنبية

ويعاني الاقتصاد المصري من نقص حاد في العملة الأجنبية، وأمرت الحكومة بتخفيف الإضاءة في ساحات المدن وقررت إغلاق المتاجر والمراكز التجارية في وقت مبكر نسبيا لتوفير الغاز الطبيعي للتصدير.

وفقد الجنيه 24.8% من قيمته أمام الدولار منذ بداية العام، بما في ذلك الانخفاض المفاجئ بنسبة 15.9% في مارس، والتخفيض التدريجي الذي سمح به البنك المركزي منذ ذلك الوقت.

وتوقع استطلاع لنشرة "إنتربرايز" الاقتصادية المحلية انخفاض سعر الصرف إلى مستوى 22.12، بينما توقع بنك "غولدمان ساكس" استقرار الجنيه عند النطاق 22 إلى 24 أمام الدولار، في حين يتوقع بنك "بي إن بي باريبا" انخفاض الجنيه إلى مستوى 22 إلى 23 جنيها للدولار بنهاية العام.