أسبوع ساخن يعيش فيه المجتمع المصري، لكن السخونة ليست من ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات الطقس، ولكنها سخونة الغلاء التي لا زالت تصيب المجتمع المصري كله على مدار 9 سنوات من الألم والمعاناة جراء الانقلاب.

 

رفع سعر بيع الغاز لمصانع الإسمنت

وقررت حكومة الانقلاب رفع بيع الغاز الطبيعي لمصانع الأسمنت بنسبة 109%، لتصل إلى 12 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وذلك مقارنة بــ 5.75 دولار قبل الزيادة.

يذكر أنه كان تم تحديد أسعار الغاز الطبيعي المورد لصناعة الأسمنت طبقًا للقرار رقم 2902 لسنة 2021 وتم تحديد السعر 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وصرح مصدر حكومي نفطي، طالبًا عدم نشر اسمه، إن "زيادة أسعار الغاز لقطاع الإسمنت في مصر جاء لمواكبة الأسعار العالمية الحالية للغاز"، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

ومن جهته أكد هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، على أن قرار رفع سعر الغاز للمصانع بنسبة تفوق الـ 100%؜ هو بداية لسلسلة من رفع الدعم تدريجيًا عن الطاقة وسلع أخرى، وهو مقدمة للركود التضخمي العالمي، والمتوقع حتى نهاية العام القادم على الأقل.

وسجل متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي نحو 6.7 مليار قدم مكعب يوميًا، ومتوسط الاستهلاك المحلي إلى نحو 6.1 مليار قدم مكعب يوميًا خلال عام 2021-2022، وفقًا لبيانات رسمية لوزارة البترول.

 

ارتفاع سعر طن الإسمنت 100 جنيه

ونتيجة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الإسمنت، ارتفعت بالتالي أسعار الإسمنت للطن بمقدار 100 جنيه، ليصل سعر الطن إلى 1600 جنيه.

وأكد ياسر محمد، المدير المسؤول بإحدى الشركات الكبرى لتجارة وتوزيع الإسمنت، أن الشركات أبلغتهم أول أمس فور صدور قرار ارتفاع سعر الغاز المورد لمصانع الإسمنت بارتفاع سعر الطن 100 جنيه على مرحلتين، 50 جنيهًا هذا الأسبوع و50 جنيهًا أخرى الأسبوع المقبل.

وأوضح أن القرار كان من المفترض ألا يؤثر على أسعار الإسمنت بشكل ملموس، إذ إن هناك 10 مصانع فقط تعمل بالغاز، كما أن تلك المصانع تعتمد أيضًا على الفحم كوقود رئيسي في الإنتاج ولا يمثل الغاز سوى 10 في المئة فقط من الوقود المستخدم وفقًا لـ"العربي الجديد".

وأشار محمد صالح، خبير في تجارة وصناعة الإسمنت، إلى أن القرار أدى لزيادة فورية في الأسعار عقب صدوره مباشرة، متوقعًا أن يتحرك الطن من 100 إلى 200 جنيه ليصل إلى 1700 جنيه للطن.

وأوضح أن كل مصانع الإسمنت في وجه قبلي تعتمد على الفحم كوقود، في حين أن بعض مصانع الوجه البحري تعتمد على الغاز كوقود، وبالتالي سترفع أسعارها بعد ارتفاع أسعار الغاز، وهو ما قد يؤثر على ارتفاع أسعار الإسمنت في الصعيد.

 

ارتفاع من دون مبرر

من جهته قال عضو شعبة الاستثمار العقاري بالغرف التجارية المصرية، علاء فكري، إن "أسعار الأسمنت في مصر ارتفعت بنسبة 100 في المئة في غضون عام واحد"، موضحًا أن "سعر طن الأسمنت ارتفع من 750 جنيهًا العام الماضي، إلى 1500 جنيه للطن في الوقت الحالي". وأشار إلى أن "الأسعار بالفعل مرتفعة ومتضخمة من دون مبرر على رغم أن مدخلات الإنتاج غالبيتها محلية ولا ترتبط بالسوق العالمية أو التضخم أو أزمة الحرب الروسية - الأوكرانية"، متوقعًا ألا ترتفع أسعار الأسمنت مجددًا "هي مرتفعة بالفعل، وهناك ركود في السوق"، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".

وزاد حجم سوق الإسمنت في مصر من 45 مليون طن سنويًا في 2021 إلى 49 مليون طن في العام الحالي، وتعد الشركات الأجنبية أكبر مستثمر في السوق المصرية، منها "هايدلبرغ سيمنت" الألمانية، و"فيكات" الفرنسية، و"لافارغ هولسيم" السويسرية، و"تيتان سيمنت" اليونانية، و"سيمكس" المكسيكية.

 

ارتفاع أسعار الطوب

ارتفاع الغاز المورد لمصانع الإسمنت أدى إلى ارتفاع أسعار الإسمنت المستخدم في البناء والتشييد، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار مواد البناء الأخرى.

ووفق علي سنجر، رئيس إحدى شركات صناعة الطوب، فإن الطاقة تعادل نصف تكلفة إنتاج الطوب، موزعة بين 40% للغاز الطبيعي و10% للكهرباء. وبالتالي، فإن رفع أسعار التوريد ستحمل بالتبعية ارتفاعًا في الأسعار.

وتحركت أسعار الطوب خلال الشهور الماضية؛ ليصل سعر الألف مقاس 20 سم إلى 480 جنيهًا، ومقاس 22 إلى 550 جنيهًا، ومقاس 24 بنحو 750 جنيهًاـ ومقاس 25 إلى 900 جنيه، لتتجاوز معدل الزيادة في الألف حاجز الـ100% خلال السنوات الأخيرة.

 

ارتفاع أسعار الوحدات السكنية

ارتفاع أسعار الطوب سيكون حافزًا لارتفاع بقية مواد البناء الأخرى مثل الحديد. وإذا كان الإسمنت يمثل نحو 30% من سعر العقار في مصر، والحديد نحو 20%، بينما تتراوح حصة الطوب الطفلي ما بين 7 و8% من التكلفة. لذا، فإن رفع أسعار الغاز يحمل تأثيرًا كبيًرا على المطورين العقاريين، الذين يرون أن زيادة أسعار الإسمنت والطوب ستحمل تأثيرًا على أسعار الوحدات السكنية. خاصة وأن مدخلات الإنتاج شهدت ارتفاعًا كبيًرا منذ الحرب الروسية الأوكرانية.

ويبلغ سعر طن الحديد ما بين 18 و19 ألف جنيه حسب المصنع والنوع. وقد ارتفع سعر الإسمنت خلال الأسابيع الأخيرة لما بين 1340 و1550 جنيهًا للطن الواحد.

يقول المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن القرار سيحمل تأثيرًا على أسعار بيع الوحدات الجديدة في السوق العقارية. لكن هذه الزيادات لا يمكن تحديدها؛ إذ أن الأمر مرهون بالمشروعات قيد التنفيذ من قبل كل مطور.

ويتابع فتح الله أن بعض المطورين سيحاولون استيعاب الزيادة بالخصم من أرباحهم، بينما قد يرفع آخرون الأسعار مع منح العملاء فترات سداد أطول ودفعات مقدمة أقل، في ظل عدم تناسب أسعار الوحدات مع القدرة الشرائية لغالبية العملاء.