يرى مراقبون أن السيسي يستجير بالقوات المسلحة تحسبا للتحركات الشعبية المرتقبة نتيجة حدث جلل يمكن أن يقع خلال الأيام القادمة أكثر سوءا من تضخم الأسعار وانحسار القدرة الشرائية إلى  حدها الأدني، وذلك بعدما اجتمع في 9 أكتوبر الجاري مع ما يسمى "الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة" والتي يشكل لجانها الرئيسية والتنفيذية 6 عسكريين.
 

وفي سياق المعلن، لم تخف تصريحات السيسي الهواجس التي تنتابه من وقوع مثل هذه التحركات الشعبية، فأشارت الصحف المحلية إلى أن متابعة إنشاء الشبكة هو للتكامل مع المشروعات التنموية والخدمية فى كافة أنحاء البلاد "لتصبح منظومة أساسية للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وصون أصول الدولة الآخذة في النمو والتطور"!.


كما أمد الهواجس هاجسا جديدا بغياب المدنيين عن الاجتماع، بما في ذلك رئيس حكومة السيسي نفسه مصطفى مدبولي، حيث اجتمع رئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي مع الفريق أحمد خالد قائد القيادة الاستراتيجية والمشرف على التصنيع العسكري، واللواء أ.ح أحمد فتحي خليفة رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، واللواء كمال وفاء رئيس هيئة تسليح القوات المسلحة، واللواء أ.ح محرز عبد الوهاب القائم بأعمال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، واللواء أ.ح بكر البيومي مدير إدارة الإشارة للقوات المسلحة، واللواء أ.ح أكرم الجوهري مدير إدارة نظم المعلومات للقوات المسلحة، واللواء محمد سعيد مساعد مدير إدارة الإشارة للتسليح.


ودعا السيسي بحسب المعلن أيضا "جميع الجهات المعنية بالدولة" لتحقيق "الاستغلال الأمثل من الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة التي تهدف إلى تسخير إمكانات الدولة للتعامل الفوري مع مختلف بلاغات الطوارئ من المواطنين وكذلك مع كافة أنواع الأزمات والأحداث الطارئة والسيطرة عليها وإنهائها باستخدام أحدث وسائل تكنولوجيا الاتصالات، وللتكامل تلك الشبكة الحديثة مع المشروعات التنموية والخدمية فى كافة أنحاء البلاد..".


وجدد البيان الصادر هذا الهدف عدة مرات فكتب مستطردا "تهدف إلى سرعة احتواء ومجابهة جميع أنواع الطوارئ والأزمات والكوارث بكفاءة تامة وخلال إطار زمني محدد، عن طريق تحقيق السيطرة الكاملة والتعاون والتنسيق بين جميع الجهات المعنية بالدولة، سعياً نحو ربط كافة عناصر الطوارئ والمرافق الحيوية عبر مركز رئيسي وغرفة عمليات تخصصية في كل محافظة، باستخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة في إطار شبكة موحدة ومؤمَّنة بالكامل وطبقاً لأحدث المعايير العالمية".


وسربت اللجان الالكترونية أن السيسي يعلن بشكل غير رسمي حالة الطوارئ بجمهورية مصر العربية، وأن الحدث الجلل المرتقب، ربما يكون بحسب ما أكدوا "إفلاس البنك المركزي" بعد وجود عجز في الموازنة العامة بعشرات مليارات الدولارات"!


وقال مراقبون إنه جرت العادة في إدارة الانقلابات العسكرية أن يحرق العسكر ثم يعلنون الطوارئ ثم ينشرون الجيش والشرطة في الشوارع والميادين استعداداً لمواجهة غضب الشعب لأسباب اقتصادية بحتة مثل؛ إرتفاع غير متحمل في الأسعار، ويظهر قائدهم ليجمع الجماهير على "تفويض" لمواجهة عناوين تبدعها أجهزته مثل "الارهاب المحتمل"!


الضبطية القضائية


وبدأ السيسي  يمنح رجال القوات المسلحة صفة الضبط القضائي أثناء الطوارئ، وأصدر في 3 أغسطس الماضي، قرارًا جمهوريًا بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ. تضمن القرار تعديل الفقرة الأولى من المادة الرابعة بالقانون التالي: "تتولى القوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ويكون لها صفة الضبط القضائي، تختص النيابة العسكرية بالتحقيق المبدئي في أي من المخالفات لأحكام هذا القانون مع عدم الإخلال باختصاصاتها، وتختص النيابة العامة في جميع الأحوال دون غيرها بالتصرف النهائي في التحقيق".


إلا أنه يروج في زياراته لأوروبا إدعاءات كاذبة عن ملفه الحقوقي، ففي زيارته لألمانيا في يوليو الماضي تحدث السيسي مع المستشار الألماني عن "تطورات ملف حقوق الإنسان في مصر" زاعما أنه "حق الإنسان في الحياة الكريمة" وأن أطلق "جلسات الحوار الوطني" وأنهى الطوارئ"!


منظمة (الديمقراطية الآن للعالم العربي) عقبت على ذلك قائلة "كما هو الحال مع رفع حالة الطوارئ، لا تمثّل دعوة السيسي لحوار وطني تراجعًا عن نظامه، ولا حتى تليينًا لمواقفه. إنها تمثّل ثقته في ديمومة نظامه الاستبدادي وقدرته على تقبّل معارضة مروّضة تمامًا. هذا الحوار الزائف لا علاقة له بإقامة دولة مصرية ديمقراطية حقيقية".


مدنيين في الخدمة


وشهد شهر أغسطس أيضا، أحداثا غريبة، كإعلان وزارة البترول والشؤون المعدنية عن "إنشاء شبكة الطوارئ والسلامة العامة" التي اجتماع بها السيسي أخيرا، للأهداف السالفة..


وكان الهدف واسعا في بداية الإنشاء فأضيف لما سلف ".. دعم خطط التنمية المستدامة ومتابعة معدلات المشروعات القومية وجهودها فى تسخير الوسائل التكنولوجية الحديثة لدعم إستراتيجية رقمنة الدولة بما يؤهل الجهاز الإدارى بالدولة للإرتقاء بمستوى كافة الخدمات الحكومية المُقدمة للمواطنين والتحول الرقمى الآمن وتنفيذ رؤية مصر 2030"!


وشهد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية بحكومة السيسي توقيع برتوكول تعاون للإستفادة من الخدمات التى تقدمها الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة في انشطة وزارة البترول والثروة المعدنية ، وقام بالتوقيع على البروتوكول اللواء / بكر محمد البيومى مدير سلاح الإشارة رئيس اللجنة العليا لتنفيذ الشبكة والمهندس أحمد السعيد رئيس الإدارة المركزية لتكنولوجيا المعلومات.


ويبدو أن وزارة البترول تقوم الآن بمهام وزارة الاتصالات، حيث "يهدف البروتوكول الى تحديد أسلوب تجميع الإحتياجات الفنية "الشبكة الوطنية المُوحدة للطوارئ والسلامة العامة" والتى تعمل بتكنولوجيا إتصالات لاسلكية مُتطورة وتوفر جميع الإتصالات الحديثة المؤمنة والتطبيقات المحمولة لصالح جميع الجهات الإدارية بالدولة و توفير إمكانيات وخدمات الشبكة على مراحل وأسبقيات تماشياً مع حجم ونوع الخدمات المختلفة التى يقدمها قطاع البترول والثروة المعدنية وضعاً فى الأعتبار تنوع أنظمة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات العاملة"!


تداخل المهام وصل أيضا إلى اعتناء البروتوكول ب"تطوير الخدمات المميكنة والتحول الرقمى وإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعى وتطوير قدرات وإمكانيات قطاعات البترول والثروة المعدنية المختلفة بتحقيق أفضل إستفادة من إمكانيات وخدمات الشبكة الوطنية الموحدة ، وتأمين البنية التحتية المعلوماتية وإنشاء وتجهيز غرف ومراكز الطوارئ والعمليات والمشاركة في وضع وتنفيذ الرؤية الفنية لمواجهة التهديدات ومخاطر الأمن السيبراني بكفاءة وفعالية سواء بالنسبة لمشاريع التحول الرقمى و بشبكة معلومات وإتصالات وزارة البترول ".


ميزانية مليارية

وبنفس خطة التركيز على قطاع الاتصالات، وقعت الشبكة "الوطنية الموحدة لخدمات الطوارئ والسلامة العامة" أن يكون عملها ضمن خطة عام 22/23 باستثمارات قدرها 67.1 مليار جنيه لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مقابل 58.2 مليار جنيه استثمارات بنهاية العام السابق  بمعدل نمو 15%، مع ملاحظة أن نسـبة استثمارات القطاع لإجمالى استثمارات الخطة فى حدود 5%.