شهدت بداية العام الدراسي الجديد العديد من الحوادث والاضطرابات التي لم تتوقف، أسفر عنها وفيات ومصابين بين الطلاب والمدرسين تعكس الفوضى التي انتشرت في المدارس خلال هذا العام، فضلا عن الأزمات التي تعاني منها الأسر مع بداية العام وعلى رأسها زيادة المصروفات الدراسية وارتفاع أسعار الكتب المدرسية، والزحام الشديد والتكدس داخل الفصول لدرجة وصول الكثافة داخل الفصول إلى 119 طالبا، فضلا عن إصابة بعض الطلاب بسبب التدافع لحجز المقعد الأول.

واشتكى الطلاب من عدم نظافة الفصول وانقطاع الكهرباء في عدد من المدارس، وتعنت إدارات بعض المدارس في تشغيل المرواح ووسائل التهوية على الرغم من ارتفاع حرارة الشمس، بجانب ترك الطلاب الصغار في الشمس لساعات لعدم قدرة المدرسة على التنظيم.

 

عام ملطخ بالدماء 

كان الإهمال والفوضى الحاضر في جميع المدارس، سواء الحكومية أو اللغات الرسمية، فنظرًا لعدم وجود تنظيم للطلاب فضلا عن نقص عدد الديسكات التي يجلس عليها الطلاب، شهدت جميع المدارس الحكومية مباراة حماسية يتخلف عنها العديد من الإصابات للفوز بمقعد إستراتيجي داخل الفصول الدراسية وللعام الثاني يشهد اليوم الدراسي الأول حالة وفاة وإصابات متعددة، بينها حالات حرجة.

كانت البداية يوم السبت بوفاة الطالبة "ملك محمد محمد" بمدرسة المعتمدية الإعدادية بنات بمحافظة الجيزة، فيما أصيبت 15 تلميذة بالمدرسة، جراء حدوث تدافع بين الطالبات علي سلم المدرسة ما أدى إلى سقوط جزء من سور السلم على الطالبات.

والطالبات المصابات هن: فرحة محمد سعد، نيجار عبدالحليم، وعد محمد، كريمة عرفة عبدالمحسن، رحمة عبدالباقي، جنا سعد محمد، شروق أحمد، ملك كامل، فرحة سليمان، حنين عز محمد، فاطمة حمادة، أميرة حسام عطية، بسمة أحمد فتحي، مريم عبدالرؤوف، شهد إبراهيم.

وأوضح المصدر أن الإصابات أغلبها كدمات بالساقين، والظهر والساقين، وكذلك سحجات متفرقة بالجسم، باستثناء حالتين إحداهن ارتجاج بالمخ، والأخرى اضطراب في درجة الوعي.

وفي اليوم التالي توفيت طالبة بالعجوزة بعد سقوطها من الدور الثالث،

وتوفيت معلمة اللغة العربية أنديرا غاندي عبد الحميد، بمدرسة مطوبس الثانوية التجارية، إثر حادث سيارة، أثناء توجهها إلى المدرسة لأداء عملها.

كما تعدى تلميذ في الصف الخامس الابتدائي، على زميله بالمدرسة بالصف السادس الإبتدائي، وأصابه بجرح سطحي بالرقبة من الخلف؛ إثر المزاح فيما بينهما بفناء المدرسة، في أول يوم دراسي في سوهاج. 

وفي سوهاج أيضا طعن سكرتير مدرسة مدير المدرسة بسكين بسبب معاتبة المدير له على الغياب خلال وقوفهما بفناء المدرسة أمام الطالبات.

 وأصيب تلميذة بالصف الرابع الابتدائي بغيبوبة ونزيف حاد فى المخ بعد اعتداء معلم عليها بعصا على الرأس بمدرسة طرانيس العرب الابتدائية التابعة لإدارة السنبلاوين التعليمية.

 

كثافة بالفصول

وفي الوقت الذي تناقل فيه إعلام نظام العسكر الرسمي ومعظم القنوات الفضائية “صورة حالمة” لمدارس ليست موجودة على أرض الواقع، كانت السوشيال ميديا هي الوسيلة اوحيدة لنقل المشاكل التي حاول النظام إخفاءها عن الرأي العام، حيث تحدث المواطنون بأنفسهم عن مشكلاتهم من زاوية “المجرب”، وليس من جرب كمن سمع.

ورغم نفي وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب ما تم تداوله بشكل موسع على منصات التواصل الاجتماعي عن وجود 119 طالب داخل أحد الفصول، وزعمها أنه تم تقليل كثافة الفصول إلى الحد الأدنى من 65 إلى 75 طالبا، ما أثبت أن كثافة قبل التداول كانت 119 وبعد التداول (الفضيحة) بات 75 طالبا وطالبة في حد لا يمكن تحمله أيضا.

يذكر أن الوزير السابق  للتعليم في حكومة الانقلاب تحدث مرارا عن أزمة الكثافة داخل الفصول المدرسية وحاجة قطاع التعليم إلى 100 مليار جنيه لحل تلك الأزمة؛ إلا أن السيسي قرر على الفور تخصيص 370 مليارا لقطار (العين السخنة-العلمين) الذي يخدم فئة قليلة جدا من الشعب عوضا عن مشكلة زحام الفصول التي تمس كل بيت في مصر.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورة بها قائمة تخطي عدد التلاميذ بها بأحد الفصول بمدرسة الشهيد عبدالله عيسوي التابعة لإدارة الخانكة التعليمية بمحافظة القليوبية، عدد 119 طالبًا وطالبة بفصل واحد بالمدرسة، وهو ما أثار حفيظتهم حول الكثافة العالية.
وفي تصريحات حديثة، قال وزير التعليم بحكومة السيسي رضا حجازي، إن "النقص في الفصول الدراسية يتجاوز حاليا 300 ألف فصل دراسي في كل أنحاء البلاد"، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".

 

حرائق متزامنة
وتزامنا مع حالات الإصابات نتيجة التدافع والفوضى شهدت بعض المدارس والجامعات حرائق نتيجة عدم وجود وتطبيق معايير السلامة، حيث اندلع حريق عصر بأكاديمية السادات بالمعادي، أسفر عن خسائر بالمبنى الجديد الملحق بالأكاديمية.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا ومقاطع فيديو للحظة اندلاع الحريق، أظهرت ارتفاع ألسنة اللهب من داخل أحد المباني الخاصة بجامعة السادات، وتصاعد الأدخنة بكثافة.

ومن جهة أخرى نشب حريق بأحد المخازن التابعة لجامعة مصر، بسبب احتراق التكييفات نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، دون وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح.

 

زيادة المصاريف الدراسية

صاحب تعيين وزير جديد للتعليم بحكومة الانقلاب، أعباء إضافية أثقلت كاهل أولياء الأمور وضاعفت الأزمة الاقتصادية المستمرة التي أصيبوا بها بسبب سوء إدارة البلاد، فضلا عن ارتفاع أسعار المدارس والطلبات المبالغ فيها لمستلزمات الدراسة.

وتعالت صرخات الأسر من الغلاء وارتفاع الأسعار وعدم قدرتهم على تحمل أعباء إضافية، حيث أقر وزير التعليم الجديد بحكومة الانقلاب رضا حجازي زيادات على المصروفات الدراسية بجميع المدارس الحكومية والخاصة واللغات وجاءت تلك الزيادات كما يلي:

زيادة 25% سنويًا للمدارس التي تصل مصروفات التعليم بها لأقل من 2000 جنيه.

زيادة 20% سنويًا للمدارس التي مصروفات التعليم بها من 2000 جنيه إلى أقل من 3000 جنيه.

زيادة 15% سنويًا للمدارس التي مصروفات التعليم بها من 3000 جنيه إلى أقل من 5000 جنيه.

المدارس التي تبدأ المصروفات التعليمية فيها من 5000 جنيه، إلى أقل 10000 جنيه، تصل الزيادة فيها إلى 10%.

زيادة 7% سنويًا للمدارس التي وصلت مصروفات التعليم بها إلى 10000 فأكثر.

وعلق عدد من الخبراء على ارتفاع أسعار مصاريف المدارس الحكومية بأن نظام الانقلاب جعل التعليم للأغنياء والمقتدرين ماديا، أما الفقير فسيحرم من التعليم كما حرم توفير الطعام له ولأسرته.

تهالك المدراس

وتعالت شكاوى أولياء الأمور من تهالك عدد كبير من المدراس، فمياه المجاري تغرق أحواشها، كما تتساقط المياه من جدران بعض منها، حيث تداول النشطاء صورا غرق فناء المدرسة الإعدادية بدمياط، بمياه الصرف، وسط استياء كبير بين أهالي طلاب مدرسة الشوايحه الإعدادية بنين، بسبب تسرب مياه الصرف الصحي في فناء المدرسة في أول أيام العام الدراسي، متهمين المسؤولين بالتقاعس.

وغاب أغلب الطلاب بعد أن تداول غرق المدرسة وعدم الاستعداد للعام الجديد بسبب توقف طلمبة الرفع بالمحطة رقم 3.

كما اشتكى طلاب مدرسة أم المؤمنين بالحي ال31 بالعاشر من رمضان من وجود رشح بجدارن المدرسة التي تم تسليمها العام الماضي، متسائلين "من المسئول عن الاستلام واين مقاول المدرسة وأين مسئولي الجهاز؟".
 

غلاء المستلزمات وتأخر الكتب

وتعد مستلزمات الدراسة أحد الأعباء الثقيلة التي تقع على كاهل أولياء الأمور في هذا العام، مما سبب لهم صداعا شديدا، نظرا لارتفاع الأسعار ووقف الاستيراد، في ظل عدم وجود كفاية لبعض الأدوات والمتطلبات، وهو ما يتحمله ولي الأمر في نهاية المطاف.

ويقول محمد عيسى لأحد المواقع الإلكترونية إن السوق في حالة ارتفاع مستمر وإن المواطن يعاني من ضعف السيولة، وأشار إلى أن لديه ثلاثة من الأبناء في المراحل الدراسية المختلفة، وواصل حديثه: نسبة للحالة الاقتصادية التي وصفها بالقاسية، أنه اكتفى بشراء الكراسات والأقلام والزي المدرسي، وزاد: أما بالنسبة للأحذية والحقائب المدرسية نسبة لأسعارها العالية هذا العام، قائلاً: (إن القديمة بحالة جيدة وبتمشي الحال).

كما تأخرت المدارس في تسليم الكتب بعد إشاعة ربطها مع دفع المصروفات التي تخطت 250 جنيه لطلاب الابتدائي وقال مراقبون إن العام الدراسي الجديد هو الاختبار الأول للدكتور رضا حجازي، مؤملين أن تحل مشاكلهم في تسليم الكتب لأبنائهم وأيضًا مساعدتهم في تقسيط المصروفات الدراسية؛ لأنها تمثل عبئا كبيرًا عليهم خاصة بعد زيادتها إلى حوالي 600 جنيه للتلميذ الواحد، فما بالك بمن له ثلاثة أو أربعة تلاميذ في المراحل التعليمية المختلفة.

 

بيانات رنانة

“بيانات رنّانة” و “صوّر مُبهجة” و “الوضع تحت السيطرة”.. ذلك ملخص ما حاول المسؤولون تصديره إلى الرأي العام، فقبيل بدء العام الدراسي جاءت جميع التصريحات لتؤكد أن أمور تطوير التعليم تسير على قدم وساق، وأنه تم اتخاذ جميع الاستعدادات اللازمة والعمليات التنظيمية اللازمة، وبعد بداية العام وفي ظل “الكوارث التنظيمية” التي شهدها التلاميذ وأسرهم على أرض الواقع، عادت التصريحات لتؤكد أن “كل الأمور بخير، ومفيش مشاكل نهائيًا”.

وتعتبر كثافة عدد الطلاب في الفصول الدراسية، إلى جانب المباني المدرسية، وآلية جدوى تطبيق الفصول الدراسية الثلاثة، واختبار القدرات والتحصيلي للمرحلة الثانوية، والرخصة المهنية للمعلمين، والاختبارات الدولية وآلية تطبيقها في المدارس، من أبرز الملفات التي كانت تنتظر تدخلا سريعا وخطة من وزير التعليم، بحسب المراقبين.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أن عدد أيام الدراسة خلال الفصل الدراسي الأول 98 يوما وذلك بعد حذف أيام الإجازات الرسمية، وينتهي العام الدراسي بالفصل الأول في يوم 26 يناير، وتبدأ إجازة منتصف العام من يوم السبت الموافق 28 من يناير 2023 حتى يوم الخميس الموافق 9 فبراير 2023، وفقًا لـ"مصراوي".

كما يشمل الفصل الدراسي الثاني 96 يوما ليكون موعد الانتهاء منه هو 1 يونيو لعام 2023، وتكون مواعيد امتحانات نهاية العام 2023، لصفوف النقل والشهادة الإعدادية يوم السبت 3 يونيو، أما الثانوية العامة في يوم 10 يونيو والدبلومات الفنية يوم 8 يوليو.