كان لافتا ومثيرا للتعجب عند جمهور محبي الشيخ يوسف القرضاوي غياب نعي-لم ينتظره هو نفسه- من مؤسسة الأزهر أو من شيخها أحمد الطيب أبرز من ظهر في مشهد الانقلاب في 3 يوليو 2013.


وزاد العجب قدرة علماء آخرين بحجم الدكتور حسن الشافعي قدم نعيا للشيخ القرضاوي صوتيا عبر فضائية "الجزيرة مباشر" مساء الاثنين، فكشف عن إمكانية تقديم العزاء وهو من المستحبات في مصر وواجب جرى به العرف لاسيما في الصعيد المعروف بالمروءة حيث ولد شيخ الأزهر "الطيب" في إحدى قرى قنا لأسرة صوفية.


وقال الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف -والمقيم بمصر- إن الفقيد الشيخ يوسف القرضاوي كان نموذجا للعالم والفقيه الموسوعي المعاصر، وإنه جمع بين التأليف في مجالات الفقه والعقيدة والأدب.


وأضاف الشافعي خلال مشاركته في برنامج المسائية على الجزيرة مباشر، مساء الاثنين، أن من أهم ما يحسب للشيخ القرضاوي أنه “تصدى وانتقد ظاهرة التكفير في الحركات الإسلامية المعاصرة، في مصر والعالم العربي والإسلامي”.


واعتبر الشافعي “أن هذا الاختيار في نقد مظاهر الغلو في العقيدة الاسلامية جعل من الشيخ القرضاوي رائد الوسطية والفكر الوسطي في الإسلام في العصر الحديث والخصم العنيد للفكر التكفيري”.
وأضاف أن “التجربة الفكرية الطويلة للشيخ القرضاوي جعلته يصل إلى أن هذا الفكر دخيل على الدعوة الإسلامية”.


وعن علاقته بالفقيد، أوضح الشيخ حسن الشافعي أن هذه العلاقة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، ورغم “وجود خلافات في وجهات النظر، فإن القرضاوي يظل عالما موسوعيا متعدد الجوانب”، مضيفا أن تخصص العلّامة الراحل مدة من عمره في فقه النوازل، جعله يقدم حلولا ناجعة للعديد من القضايا الجديدة والطارئة.


وقدم أ.د.أحمد عيسى المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية السابق عزاءه هو الآخر وقال: "خالص العزاء فى وفاة العلاّمة الشيخ #يوسف_القرضاوي بعد مسيرة طويلة من العلم.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. عظم الله أجركم وجبر مصابكم ".


وعبر حساب آخر للمعصراوي (@Ahmadelmasrwy) كتب: "خالص العزاء فى وفاة العلاّمة الشيخ #يوسف_القرضاوي بعد مسيرة طويلة من العلم والدعوة الى الله فى كل ارجاء العالم.. وهو الأديب الأريب، والخطيب اللبيب الفصيح، والفقيه المجاهد.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. عظم الله أجركم وجبر مصابكم .. نسألُ الله أن يرحمهُ رحمةً واسعةً".


الشيخ المحلاوي


ونقل علماء منهم فايز النوبي وخالد فياض تعزية الشيخ أحمد المحلاوي بوفاة الشيخ يوسف القرضاوي الذي كتب يقول: "لقد هزني وآلمني وعقد لساني نبأ وفاة أخي الفاضل الشيخ الجليل العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله ..وإنها لثلمة كبرى وفاجعة عظمى نزلت بالمسلمين في أنحاء المعمورة بوفاة هذا الشيخ الإمام رحمه الله؛ لكن قضاء الله عزوجل وقدره الحكيم لامفر منه، وقد كتب الموت على عباده وخلقه جميعا".


وأضاف "موت العلماء  المخلصين والنابهين من أعظم البلايا ، وفَقْدُهم من أشد مايصيب الأمة من رزايا، وحسبنا في بيان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)".


وأشار إلى تمنيه من سنوات طوال "أن لو كانت الأعمار توهب كي أهب شيخنا الجليل القرضاوي شطر عمري ليواصل مسيرته المباركة في الدعوة والعلم والجهاد بقلمه ولسانه ، وبما منحه الله عزوجل من مواهب قلَّ أن تجتمع في غيره".


وأكد أن للشيخ القرضاوي -رحمه الله- "مكانة في نفسي وقلبي لايعلمها إلا ربي عزوجل ، وإن كنت لم أحظ بشرف اللقاء به إلا مرة واحدة في الدوحة لكني دائم اللقاء والتواصل به عبر الهاتف ، ومن خلال هذا الفيض الذي حباه الله به من كتبه وخطبه ومحاضراته وبرامجه في وسائل الإعلام ".


عضو مستقيل


وكان الاستاذ الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله- قدم استقالته الى شيخ الازهر من عضوية هيئة كبار العلماء، أعلى هيئة علمية تابعة للأزهر الشريف، بعد انقلاب عام 2013، احتجاجا على موقف شيخ الأزهر أحمد الطيب من الانقلاب.


وقال القرضاوي في بيان الاستقالة: "أتقدم أنا يوسف عبد الله القرضاوي باستقالتي من هيئة كبار العلماء، إلى الشعب المصري العظيم، وليس لشيخ الأزهر"، مضيفا: "ويوم تعود للشعب حريته، ويرد الأمر إلى أهله، فإن على علمائه أن يختاروا شيخهم وهيئة كبار علمائهم بإرادتهم الحرة المستقلة".


وانتقد "القرضاوي" في بيان الاستقالة موقف الطيب ورئيس الهيئة من عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وقال "فجعنا وفجع الشعب المصري بمشاركة شيخ الأزهر في مشهد الانقلاب"، منتقدا عدم دعوة شيخ الأزهر لاجتماع لهيئة كبار العلماء "لترى رأيها في الأحداث الجسام التي تمر بها مصر".


وأضاف: "انتظرنا شيخ الأزهر أن يرجع إلى الحق، وأن يعلن براءته من هذا النظام التعسفي.. ولكن يبدو أن الرجل يفضل الجلوس بين لواءات المشيخة على الجلوس إلى إخوانه العلماء".


وأشار "القرضاوي" في بيان استقالته إلى أن منصب شيخ الأزهر والمناصب القريبة منه الآن تعد مغتصبة بقوة السلاح، لحساب الانقلاب العسكري المغتصب المشؤوم، على حد تعبير البيان، داعيا "كل الأحرار المخلصين من العلماء وأبناء الأزهر إلى أن يعلنوا رفضهم لما يجري في مصر بكلِّ شجاعة وكان النائب العام المصري قد أمر بوضع القرضاوي على قوائم ترقب الوصول، حيث يواجه تهم التحريض على قتل الجنود المصريين والتدخل في الشؤون المصرية.


نكبة الأزهر


أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر د.اسماعيل علي المقيم باسطنبول، استنكر أن "يسكت "أحمد الطيب" بل ويبارك الافتراءَ على العالم الكبير الدكتور "يوسف القرضاوي"، ابنِ الأزهر البارّ، ويرضى بالحكم عليه بالإعدام من قبل قضاء السيسي بتهم رخيصة مفتريات، واتهامِه ـ وهو أحد أعلام الوسطية في عصرنا ـ بالتطرف والإرهاب؟؟!!".


وأشار إلى أن "أحمد الطيب" وسعه أن ".. يسكتَ بل ويرضى بسَوْق العلماء إلى محاكمات كيدية يوقَّع عليهم فيها أشنع العقوبات الظالمة بتهم هزلية مثل قطع الطريق، ويُحكَم عليهم بالإعدام والمؤبَّد، ويهانون ويؤذَوْن؛ مثل العالم الدكتور "عبد الرحمن البَر" عميد كلية أصول الدين والدعوة، والدكتور "صلاح سلطان" أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وغيرهم ألوفٌ من العلماء والدعاة وطلبة العلم ؟؟!! ".


وأكد أن "أحمد الطيب" سيذهب "غيرَ مأسوفٍ عليه ـ بعد أنْ أدى دورَه الملعون مع عصابة الشر ـ، لا لأنه يختلف مع الانقلاب؛ بل لأن سياسة زعيم عصابة الانقلاب أن يتخلص من جميع شركائه، مثل "هشام جنينة" و "صدقي صبحي" وأعضاء المجلس العسكري الذين أطاح بهم، سيذهب "أحمد الطيب" محمَّلا بدماء الأبرياء، ومظالم الملايين الذين عاون وظاهَرَ الانقلابَ على ظلمهم وقتلهم؛ فهو مِن أكبر أسباب نكبة الأزهر، والإسلام والمسلمين، في الوقت الحاضر".