اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حكومة الانقلاب بفرض عقبات على عمل المجموعات البيئية المصرية، قبل أسابيع من استضافة مصر لمؤتمر الأطراف الدولي للمناخ (كوب 27).

وقال ريتشارد بيرس هاوس، مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش إن حكومة الانقلاب فرضت “عقبات على التمويل والبحث والتسجيل أضعفت الجماعات البيئية المحلية، وأجبرت بعض النشطاء على الهروب إلى المنفى والآخرين على الابتعاد عن العمل”.

وأضافت المنظمة في بيان نشر الاثنين، “تنتهك هذه القيود الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات وتهدد قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالعمل البيئي والمناخي، بينما تستضيف الدورة 27 لمؤتمر الأطراف في 27 نوفمبر 2022”.

 

انتقادات شديدة

وبينما تبدو مصر من أبرز المدافعين عن قضايا المناخ وتقدم نفسها على أنها متحدثة باسم أفريقيا في هذا المجال، داعيةً الدول المتقدمة إلى احترام التزاماتها المالية لمساعدة القارة على التكيّف مع التغيّر المناخي، نقل بيان “هيومن رايتس ووتش” عن ناشط بيئي طلب عدم الكشف عن اسمه أن موقف الحكومة هذا “يتقاطع مع مصالحها، مثل الحاجة إلى المزيد من التمويل”.

وحذرت المنظمة من أن “الأجهزة الأمنية ستركز على الأرجح الآن أكثر من أي وقت مضى على المجتمع المدني البيئي في مصر”.

وتشنّ وزارة الداخلية حملة قمع تستهدف معارضين وصحفيين ونشطاء عبر الإنترنت منذ عام 2013.

ولفتت المنظمة في بيانها إلى تنديد نشطاء بـ”الأثر البيئي للنشاط التجاري الواسع والتابع لوزارة الدفاع، مثل الأشكال المدمرة من استغلال المحاجر، ومصانع تعبئة المياه، وبعض مصانع الإسمنت”، بالإضافة إلى “مشاريع البنية التحتية الوطنية كالعاصمة الإدارية الجديدة” الواقعة على بعد 50 كيلومترا من القاهرة.

ودعت المنظمة غير الحكومية الدول المشارِكة في “كوب 27” إلى العمل مع حكومة الانقلاب لتوفير مساحة لمشاركة متنوعة من جانب المجتمع المدني في محادثات المناخ.

وتواجه الحكومة انتقادات شديدة بسبب سجلّها المتعلّق بحقوق الإنسان، في حين يقبع نحو 60 ألف شخص في السجون لأسباب سياسية، إلا أن النظام دائما ما ينفي ذلك.

وتراهن مصر على استضافة هذه القمة للعودة إلى صلب المشهد الدبلوماسي الإقليمي.

وفي حين هنأت العديد من العواصم الأجنبية الحكومة على اختيارها لاستضافة “كوب27” في شرم الشيخ على البحر الأحمر، شجبت المنظمات غير الحكومية هذا الاختيار.

 

المنع من المشاركة

وكانت منظمات المجتمع المدني قد اتهمت حكومة وقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بمنعها من المشاركة في الدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "COP27"، المقرر انعقاده في القاهرة نهاية العام الجاري، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وقالت الصحيفة، إن مجموعة من منظمات المجتمع المدني المصرية منعت من المشاركة في القمة بسبب إجراءات تسجيل سرية قامت بإخراج الجماعات الناقدة للحكومة.

وأضافت أن وزارات البيئة والخارجية والتضامن الاجتماعي قامت سرًا باختيار وفحص المنظمات غير الحكومية التي سيمسح لها بتقديم طلب تسجيل ولمرة واحدة وحضور القمة، وهي عملية منفصلة عن وضعية المراقب الرسمي والتي أغلقت العام الماضي.

 

ترهيب واستفزازات

ومنذ وصوله إلى السلطة بانقلاب عسكري عام 2013 تحرك قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لخنق المنظمات غير الحكومية. وتفرض الحكومة عليها شروطًا للتسجيل حتى يسمح لها بالعمل ويحظر عليها تلقي الدعم الخارجي للحد من عملياتها. وتعرضت المنظمات التي تسجل عمليات التعذيب والتغييب القسري للملاحقة ومداهمة مكاتبها وجمدت أرصدتها ومنع العاملون فيها من السفر أو تم إغلاق المكاتب بالقوة.

وواجهت الهيئة المصرية للحقوق والحريات والمنظمات التي منعت من التسجيل في "COP27" سنوات من الترهيب والاستفزازات، وتضم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية وجمعية حرية التفكير والتعبير.

وقال عبد الله إن الهيئة المصرية للحقوق والحريات تقدمت بطلب للمشاركة في قمة "COP27" ليس لتمثيل المواطنين المصريين ولكن لتقديم المساعدة القانونية لأي شخص اعتقل بسبب احتجاجه. وأوضح: "عدم السماح للهيئة المصرية للحقوق والحريات بالحضور يجرد المشاركين من حمايتنا، أي الحماية من المنظمة الرقابية التي تستطيع تقديم الدعم الحقيقي لهم".

وقال صابر عثمان، الذي حصلت منظمته "مؤسسة مناخ الأرض للتنمية" على تصريح بالمشاركة من خلال علاقته مع الحكومة المصرية ومشاريع المنظمة إنه يتفق مع موقف الحكومة التدقيق في المنظمات غير الحكومية "دعني أقول لك الحقيقة، لم ترتكب الحكومة المصرية خطأ"، مضيفا أن 35 منظمة غير حكومية حصلت على تصاريح بعد توصيات من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ.

وقال صابر إنه تقدم لوزارة البيئة للحصول على صفة مراقب في القمة، مع أنه لم يمض على نشوء منظمته سوى عدة أشهر وكانت "العملية سلسة بالنسبة لنا" و"لو وضعت نفسي في موقع الحكومة فهناك 46.000 منظمة غير حكومية في مصر"، وهو نفس الرقم الذي تستشهد به الحكومة دائمًا و"لو أعلنت الحكومة فستجد 46.000 طلب وسيكون الأمر صعبًا وفوضى".

ويرى دعاة العدالة للمناخ أنه ما كان ينبغي السماح لمصر باستضافة "COP27" وهي تواصل اعتقال عشرات الآلاف من سجناء الضمير، ومنهم الناشط البريطاني- المصري علاء عبد الفتاح الذي أعلن إضرابًا عن الطعام منذ أربعة أشهر. وأخبر عبد الفتاح الذي سجن بتهم إرهابية لأنه استخدم منصات التواصل الاجتماعي، عائلته التي زارته قبل فترة أنه سيموت في السجن.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن الوزارة قدمت قائمة من 56 منظمة غير حكومية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ كي يسمح لها بالتسجيل مرة واحدة.

وقال: "تم إعداد قائمة التوصيات المقدمة لرئاسة كوب القادمة بناء على مجموعة من المعايير بما فيها علاقة نشاطات المنظمات غير الحكومية بالتغيرات المناخية وقضايا البيئة، الوضعية القانونية للكيان، التجربة السابقة في تنفيذ والمساهمة في معالجة التغيرات المناخية، بما فيها التعاون مع الأجهزة التنفيذية المعنية ومدى ومستوى تأثيرها في المجال المحلي والوطني والإقليمي".