تساءل ناشطون عن أسباب إجبار حكومة السيسي للمزارعين المصريين على توريد القمح والأرز بأسعارها البخسة دون تغيير دون مراعاة ارتفاع أسعار الري والخدمات الزراعية والأسمدة.
 
وقال الناشطون إن الحكومة تجبر الفلاحين على توريد الارز لها بسعر 6600جنية للطن ومن يمتنع يدفع غرامة 10الف جنيه عن كل طن
 
وسخر آخرون من أن الحكومة فشلت في زيادة توريد القمح رغم إعلانها عقوبات على غير الموردين وقال أحدهم "هى كانت نجحت مع القمح؟ قالوا 10 مليون طن و بعدين قالوا لأ 6 مليون طن بس و اخرتها 3.8-4.0 مليون طن! و نستورد الباقى استهلأكنا من 18-22 مليون طن اكبر دوله مستورده".
 
وقال حساب ربعاوي 2 (@1_s_herif): "الحكومة تجبر الفلاحين على توريد الارز لها بسعر 6600جنية للطن .. يعني الكيلو بسعر 6.6 جنيه.. في حين إن سعره يصل للمستهلك 16 جنيه.. الحكومة بتعمل سبوبة من دم الشعب وعرقه.. حكومة قطاع طرق".
 
ويتي إجبار الفلاحين على التوريد للقمح والأرز مع التلويح بفرض غرامات لتحسين توريد هذه المحاصيل للدولة، وألزمت وزارة التموين الفلاحين بتوريد 25% من إنتاجية فدان الأرز في موسم الحصاد الجديد، بواقع طن عن كل فدان تقريبًا، ولوحت بعقوبات حرمان من الدعم الزراعي وتغريم للفلاحين حال الامتناع عن التوريد
 
وترغب التموين في "جمع 1.5 مليون طن أرز شعير، بأسعار 6600 جنيهًا للطن رفيع الحبة، و6850 جنيهًا للطن العريض، وهي القيم التي اعترض الفلاحون" ومثار اعتراضهم أن أقل سعر للشعير في أسواق أغسطس تُسجل 10 آلاف جنيه.

العقوبة التي أعلنت عنها وزارة التموين هي تغريم الفلاحين الممتنعين بنحو 10 آلاف جنيه عن الطن الذي طلبته ولم يورد، بالإضافة إلى الحرمان من زراعة المحصول الموسم المقبل، والحرمان من الأسمدة والمبيدات المدعمة.

 

في حين أن حكومات السيسي ومنذ 2015، تجبر وزارة الزراعة الفلاحين على توقيع إقرارات بعدم زراعة الأرز كل عام، بدعوى شح المياه، وهذا العام 2022 سعت لإجبار المزارعين على توريد طن أرز بالسعر المعلن من قبلها وهو أقل من السعر المتداول.
 
ونقلت "العربي الجديد" عن "مصدر خاص" أن "الأقمار الصناعية رصدت زيادة في مساحات الأرز المنزرعة من قبل المزارعين، نتيجة ارتفاع أسعار الأرز هذا العام، مسجلة 1.8 مليون فدان مقابل 1.250 ألف فدان الموسم الماضي بزيادة 550 ألف فدان ( 45 في المائة).

 

وأضافت أن "حجم الإنتاج المتوقع يصل إلى حوالي 7 ملايين طن شعير، تعطي 3.6 ملايين طن أرز أبيض، فيما يبلغ حجم الاستهلاك السنوي 3 ملايين طن، فيتبقى 600 ألف طن زيادة عن حجم الاستهلاك وهو ما يعنى زيادة المعروض عن الطلب.
 
محصول القمح

وكتب اشرف البريري مقالا بالشروق تساءل فيه عن "أى منطق وراء إصرار الحكومة على إجبار الفلاحين بالتهديد والوعيد على توريد محصولهم من القمح بسعر 5830 جنيها فى حين أن السعر العالمى الذى استوردت به الحكومة القمح من أوروبا مؤخرا بلغ نحو 8300 جنيه"

وقال تقرير ل"ايكونومي بلس" أن هذه السياسة لم تنجح على تحقيق مستهدفات الدولة في توريد القمح، إذ كانت ترغب في الحصول على 6 ملايين طن من القمح المحلي، لكنها لم تحصل على أكثر من 3.8 مليون طن حتى 16 أغسطس الجاري، في حين أن وزير التموين أعلن قبل يومين أنها 4 ملايين طن.

 

وأضاف التقرير أن "سياسة الإجبار على التوريد ليست دستورية، فلا يمكن أن يتم إجبار الفلاحين على التوريد بأسعار معينة دون وجود سند قانوني بعقد مُلزم، والدولة لم تتعاقد مع الفلاحين على شيء، لكن النيابة العامة تأخذ بالقرارات الإدارية التي تُصدرها الدولة، وموقفها الدستوري شأن آخر يحتاج لمتخصصين للنظر في كيفية التعامل معه، أوضح نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، فريد واصل".
 
وقالت إن "الدولة قد تواجه مشكلة في التوريد هذا العام، وقد لا تبلغ المستهدفات التي وضعتها عند 1.5 مليون طن، فالفلاحين سيفضلون البيع للتجار من القطاع الخاص بدلًا من تحمل أعباء تحميل ونقل إلى أماكن التوريد التي ستخصصها وزارة التموين لاستقبال المحصول، قال مصطفى السلطيسي عضو شعبة الأرز بغرفة الحبوب في اتحاد الصناعات".
 
سياسة 9 سنوات
 
وكشف د.عبدالتواب بركات مستشار وزير التموين السابق في مقال له نشره موقع "الجزيرة نت" أن الحكومة تعلن منذ 2014 أنها تشتري القمح من الفلاحين بما يوازي السعر العالمي الذي يقل في الغالب عن تكلفة الإنتاج، ولا يحقق أي مكاسب تحفز الفلاحين على التوسع في زراعة المحصول الاستراتيجي، بل يكبده خسائر. وصل سعر الطن إلى 255 دولارا قبل الحرب على أوكرانيا. وفي منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي، اشترت الحكومة شحنة من القمح مقدارها 365 ألف طن من فرنسا ورومانيا وروسيا. وقال تجار لوكالة رويترز، إن سعر الشراء وصل إلى 460 دولارا للطن، وهو ما يعادل 1300 جنيه للإردب.

 

وتساءل: "..لماذا لا تشتري الحكومة القمح من الفلاح بالسعر نفسه الذي تدفعه للمزارع الأجنبي؟! في هذه الحالة، ستوفر الدولار الذي تعاني من شحه، وسيحقق الفلاح هامش ربح يشجعه على التوسع في زراعة المحصول الاستراتيجي ويقل الاستيراد بالعملة الصعبة".
 
وأوضح أن "السعر الذي تفرضه الحكومة للقمح المحلي يُلحق خسائر بالفلاحين الذين يحصلون على الأسمدة والمبيدات والتقاوي والوقود والكهرباء المخصصة لري المحاصيل بالأسعار العالمية. أقصى أماني الفلاح أن تشتري الحكومة منه القمح بسعر 1000 جنيه للإردب، وهو مطلب متواضع بالنسبة للسعر العالمي الذي وصل إلى 1300 جنيه للإردب".
 
احتكار القطن
 
وفي مواسم سابقة جربت الحكومة لتجربة نظام المزادات لتسويق محصول القطن بعقد مزاد في مراكز تجميع القطن، لضمان حصول المزارع على أعلى سعر لمحصوله.
 
وقال مراقبون إنه قلت انتاجية القطن بسبب عزوف الفلاحين المصريبن من زراعته بسبب احتكار الحكومة للمحصول ما أدى لانخفاض سعره من الفلاحين.
 
وفي كل عام تستحوذ شركة خاصة واحدة على ثلثي الكميات المباعة في المزادات حتى الآن، وأبرزها مزاد كفر الشيخ حيث المحافظة الأكبر في زراعته.
 
وقال خبير زراعي إن "الشركة الخاصة إما لها اتفاقات خارجية مع شركات عالمية تورّد لها كل الكميات المتعاقد عليها وبأسعار تكفل لها هامش ربح، أو يكون هذا الاستحواذ مرحلة تمهيدية لاحتكار السوق بعد انتهاء الموسم".
 
وبلغ حجم إنتاج محصول القطن لعام 2021، نحو 1.6 مليون قنطار، بينها 1.5 مليون قنطار من الوجه البحري و100 ألف قنطار من الوجه القبلي.
 
محصول الذرة
 
وبحسب المواقع المحلية التابعة لوزارة الزراعة لحكومة السيسي تعرض 6 آلاف جنيه لطن الذرة ويخشى الفلاحون أن تجبرهم الحكومة على توريد محصول الذرة كما فعلت بتوريد القمح، وسعر الذرة الصفراء الذي يشتريه الفلاح لتغذية المواشي وصل إلى 7700 جنيه للطن، خلال العام الماضي، وارتفع هذا العام إلى 10 آلاف جنيه للطن، عند الشركات الخاصة والتجار المحليين وهي مفارقة لا توجد إلا في مصر.
 
وقال خبراء إن المسيطر الاساسي على زراعة الذرة الصفراء والقمح في مصر هي مزارع الجيش والتحكم في السعر من خلالها، من ٣ شهور سعر طن الذرة كان مفروض انه بيطلع ب٥٠٠٠ جنيه للمستهلك، ومفترض انها من ارخص الزراعات لاسباب تتعلق بقدرتهم على زراعتها بالاراضي الاقل جودة.

وحذر عبدالتواب بركات من أن "التوريد الإجباري والسعر البخس في مصر كانا -وما زالا- السبب الأكبر في إفقار مزارعي القمح وصرفهم عمدا عن زراعته إلى محاصيل أخرى أقل أهمية، بعضها هامشية، مثل الفراولة والخوخ والكاكي والبرسيم، وبعضها استفزازية مثل الكنتالوب وبطيخ لب التسالي. والنتيجة أن مصر أصبحت أكبر مستورد للقمح في العالم، وتعاني من أزمات خبز متكررة، بعضها كان سببا في إشعال أكثر من ثورة شعبية.