طالبت منظمة العفو الدولية بإلغاء الأحكام الصادرة بإعـــدام 10 أشخاص في قضية كتائب حلوان، واصفة ما حدث بـ«محاكمة جماعية جائرة مشوبة بالتعذيب وإجراءات بالغة الغور».

وعقدت الجلسة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين رأفت زكي وحسن السايس، وحمدي الشناوي الأمين العام على مأمورية طرة وسكرتارية شنودة فوزي.

وتضمنت قائمة الأسماء الصادرة بحقهم أحكام بالإعدام كلا من مجدي محمد، محمود عطية، عبدالوهاب مصطفى، محمود أبو حسية، محمد إبراهيم، مصعب عبد الحميد، عبد الله نادر، عبد الرحمن عيسى عبد الخالق، محمود السيد كريم.

وتعقيبا على الأحكام، التي تراوحت بين الإعدام والسجن لمدد تبدأ من 10 سنوات وتصل لـ25 عامًا، أكدت نائبة المدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "العفو" الدولية "آمنة القلالي"، أن الأحكام بمثابة "إهانة للعدالة".

الاختفاء القسري والتعذيب

وقالت المنظمة: “كانت هذه محاكمة جماعية لأكثر من 200 شخص، وقد اعتُقل بعضهم قبل فترة طويلة من الأحداث التي أدينوا بسببها. وشابت القضية حالات اختفاء قسري وتعذيب تعرض لهما أشخاص، بينهم أطفال. ومنعت السلطات المصرية المتهمين من الاتصال بمحاميهم طوال الإجراءات السابقة للمحاكمة وخلال المحاكمة نفسها، حتى إنّ بعضهم مُنعوا من رؤية عائلاتهم منذ عام 2016. وقد احتُجز معظمهم في سجن العقرب وسجن طرة المشدد الحراسة في ظروف قاسية ولاإنسانية تصل إلى مستوى التعذيب”.

وأضافت المنظمة: “يجب على السلطات التحقيق في جميع مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب، والسماح فورًا لجميع المحتجزين بزيارات عائلاتهم ومحاميهم، وتلقي الرعاية الطبية الكافية. بالنظر إلى الانتهاكات الصارخة لإجراءات المحاكمة العادلة في هذه القضية، يجب على السلطات إلغاء الحكم والأمر بالإفراج عن المحتجزين، الذين ظل معظمهم محتجزين على ذمة المحاكمة لأكثر من عامين بما يخالف القانون المصري. وإذا وُجهت إليهم تهم بارتكاب جرائم معترف بها دوليًا، فيجب أن تُعاد محاكماتهم محاكمة عادلة من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام”.

وقالت المنظمة: “إن الحكم على 10 رجال بالإعدام، خاصة إثر إجراءات بالغة الغور، إنما هو انتهاك للحق في الحياة. ويجب على السلطات أن تعلن فورًا وقف استخدام عقوبة الإعدام، والامتناع عن إصدار أحكام إعدام كخطوات أولى نحو إلغائه كليًا”.

وفي فبراير 2015، قدمت نيابة أمن الدولة العليا أكثر من 200 متهم للمحاكمة بتهم مختلفة، من بينها الإرهاب، وتدمير الممتلكات، والقتل. وتُعرف أيضًا بقضية “كتائب حلوان”، وتدور المحاكمة حول مجموعة ظهرت في أغسطس 2014، وأعلنت مسؤوليتها عن الهجمات على الشرطة.

وكان ما لا يقل عن أربعة من المحتجزين تحت سن 18 عامًا وقت إلقاء القبض عليهم كان أحدهم، وهو يوسف سمير، يبلغ من العمر 16 عامًا عندما قُبض عليه في يوليو 2014، وتعرض للاختفاء القسري لما يزيد عن شهرَيْن.

وعلمت منظمة العفو الدولية أنه خلال هذه الفترة قام ضباط قطاع الأمن الوطني بتعذيبه بالصدمات الكهربائية، والتعدي عليه بالضرب. وقد توفي خمسة متهمين في السجن وسط أنباء عن حرمانهم من الرعاية الطبية الكافية، وقد برّأت المحكمة المتهمين الـ43 الباقين.

وحكمت المحاكم على ما لا يقل عن 356 شخصًا بالإعدام في عام 2021، وهو أعلى عدد من أحكام الإعدام تمكنت منظمة العفو الدولية من تسجيله في جميع أنحاء العالم في عام 2021، باستثناء الصين.

وأصدرت الدائرة الأولى إرهاب في محكمة جنايات القاهرة قرارات بحق 206 متهما، حيث حكمت على 10 أشخاص بالإعدام و153 شخصًا بالسجن لمدة قد تبدأ من 10 سنوات وتصل إلى السجن المؤبّد.

يريدوننا موتى

ومارست السلطات الأمنية أقصى أنواع الضغط والتعذيب والانتهاكات بحق المتهمين في القضية، حتى وصل الشعور العام لدى أغلبهم بأنهم "يريدوننا موتى"، وفقًا لتقرير صادر عن "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان".

ووثقت الشبكة 9 حالات وفاة بين المتهمين في القضية، إما للتصفية المباشرة، أو الموت بالإهمال الطبي داخل الحبس، أو الإصابة بفيروس كورونا. وحسب منظمات حقوقية، لم يقتصر التنكيل على منع المعتقلين من الزيارة منذ أكثر من خمسة أعوام، إذ أصدر فهمي حكمًا بالحبس مدة عام لقرابة 109 منهم بداعي إهانة القضاء، بسبب أدائهم الصلاة في جماعة.

وغالبية المعتقلين على ذمة القضية من فئة الشباب، وهناك من اعتقلوا وهم أطفال، ورغم ذلك جرى إيداعهم مع باقي المتهمين سجن الكبار بعد ضمهم للقضية، في مخالفة صريحة لقانون الطفل، ومن ضمن هؤلاء الأطفال يوسف سمير الذي اعتقل في 2014، وهو طالب بالصف الثالث الإعدادي، والممنوع من الزيارة منذ أكتوبر2017.

وكان النائب العام الراحل، هشام بركات، قد أحال المتهمين في القضية إلى محكمة الجنايات، بزعم تشكيلهم مجموعات مسلحة باسم "كتائب حلوان" جنوبي العاصمة القاهرة، بغرض "تنفيذ عمليات عدائية ضد أفراد وضباط الشرطة ومنشآتها في مناطق شرق القاهرة!".

وادعت تحقيقات النيابة تورط المتهمين في ارتكاب واقعتي استهداف للقوات الأمنية بمحيط جامعة الأزهر، نتج عن أولها مقتل 3 مجندين، وإصابة 12 ضابطًا، وأحد المواطنين، وإتلاف مركبتي شرطة، وعن الثانية إصابة 3 من أفراد الشرطة إثر تخريب مبنى نقطة شرطة الحي العاشر بحي مدينة نصر، ومحاولة استهداف كوبري المشاة بطريق النصر باستخدام مفرقعات.

ووثقت منظمات حقوقية صورًا قاسية وصادمة للمعتقل عماد حسن علي، (صور قبل الاعتقال وبعد الوفاة) الذي توفي أثناء احتجازه بسجن العقرب شديد 1، والتي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر الهزال الشديد الذي أصابه، والآثار المترتبة على إصابته بسرطان المعدة داخل محبسه، وبسبب عدم تلقيه العلاج والدواء اللازمين، وغياب الرعاية الصحية فى زنازين الموت بمقبرة العقرب، توفي في النهاية داخل مستشفى القصر العيني بالقاهرة في سبتمبر 2015.

وحسب منظمات حقوقية "لم يقتصر التنكيل على منع المعتقلين على ذمة القضية من الزيارة لأكثر من خمسة أعوام، فقد أصدر القاضي محمد شيرين فهمى حكمًا بالحبس سنة لقرابة 109 متهمًا بقضية كتائب حلوان بداعي إهانة القضاء، بسبب أدائهم للصلاة في جماعة، ليحكم عليهم جميعًا بالسجن لمدة عام يبدأ منذ تاريخ الحكم".