بقلم - خميس النقيب :
لكل فريضة ثمرة تعود علي من أداها بالخير الوفير والنفع الكثير ، وهذه الثمرة قد يبينها الله وقد لا يبينها لحكمة بالغة ورحمة يانعة و نعمة ساطعة ، فمثلا في الصلاة : " ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ماتصنعون " العنكبوت ، والصلاة طمأنينة للقلب وراحة للنفس ، ارحنا بها يا بلال .. ( صحيح ) ، وفي الزكاة " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم "( التوبة ) ، والصدقة تطهر المتصدق من البخل والشح وتزيده نماء و نقاء ، وفي الصوم " كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون " البقرة ، وقول النبي عليه الصلاة والسلام : صوموا تصحوا ، وفي الحج : " الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج .. " البقرة ، فضلا علي انه يعيد الحاج كيوم ولدته امه خاليا من الذنوب نظيفا من العيوب ، ايضا في اعقاب كل فريضة يوجه الله تعالي المؤمنين الي امر هام كذلك يعود عليهم بالخير الكثير والنفع الكبير ، كيف ؟ في الصلاة قوله تعالى : " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "(ص ) استجلاب الرزق وإبتغاء الفضل بعد الصلاة شيء عظيم ، في الزكاة دعوة لعدم تجريح الفقير أو المن عليه لان ذلك يلحق الاذي ويبطل الصدقة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" البقرة
وفي الصوم كان توجيه الله للمؤمنين الي الشكر والتكبير علي توفيقهم للصيام والقيام " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون " البقرة
أما في الحج فالتوجيه بالذكر الدائم ، ذكر الله يكون أشد من ذكر ابائهم " فاذا قضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ َكُذكركمْ اباءكم أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا .... البقرة ، فعندما يَتفاخَر الناس بالأنساب، ويتنابَذُوا بالألقاب، ويَتذاكَروا بالأحساب، كان التوجيه إلى ذكر الخالق الرازق الصانع الموفق ....
المسلم يجبُ أنْ تكون ذاكِرًا لربِّه في كلِّ أحوالِه؛ في غِناه وفَقرِه، في قوَّته وضَعفه، في صحَّته ومرَضِه، في يُسرِه وعُسرِه ، في سفَرِه ومقامه، في حلِّه وترحاله، في حرَكاته وسَكناته، حاكمًا أو محكوما رئيسا او مرؤوسا ، الكل يجب ان يكون شاكرا لانعمه .....
الإنسان حين تُحِيط به النَّوازِل، و تُصارِعه الشدائد - يَأتِيه ذكرُ الله - عزَّ وجلَّ - فيُعلمه أنَّ الله على كل شيء قدير، وأنَّه بكلِّ شيء بصير، وأنَّه غالبٌ على أمره، وأنَّه لن يُفلِت أحدٌ من يده؛ لذلك يَرجِع إلى ربِّه ذاكِرًا فيَعلُو شأنه، ويطمئن قلبه، ويرتاح فؤاده، وهذا ما يُبيِّنه الله: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "( الرعد: 28) .
اذا تملك الشيطان من الانسان يأتيه ذكرُ الله فيفكه ويطلقه ، يُعلمه أنَّ هناك ربًّا غافر الذنب وقابل التَّوب شديد العقاب؛ فيَنهَض من كبوته، ويُقال من عَثرَته، ويَعُود إلى ربِّه، ويَستَغفِر من ذنبه، ويَستَأنِف الطريقَ إليه، كيف؟ " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " ( آل عمران: 135 )
في أوقات الجهاد يَأتِي ضِعاف القُلُوب يُحذِّرون المجاهدين لماذا تذهَبون للقِتال؟ ستقتلون..! هنا يأتيهم ذكرُ الله يُذكِّرهم بالثَّبات؛ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ( الأنفال: 45) .
وفي أوقات الفَراغ، يُوَسوِس له الشيطان، فيُغرِيه لعِصيان الرحمن، هنا يَأتِيه ذكرُ الله يذكره ؟ " وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا " الكهف:
ولما يتصدَّق يَأتِيه الشيطان فيُقيِّد يدَيْه، هنا يَأتِيه ذكرُ الله فيطلق يديه ويهديه نجديه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ " (المنافقون: 9 – 10).
والأمَّة الإسلاميَّة تُحاط من جميع الجِهات، وتُواجِه كلَّ يوم عقبات؛ تكالَبتْ عليها الأُمَم كما تتَكالَب الأكَلَة إلى قَصعَتها، ليس من شيءٍ إلاَّ لبُعدِها عن ذكر الله، وحبها للدنيا وكراهيتها للموت؛ لذلك يجب أنْ تستَفِيد من صلاتها وصيامها، وزكاتها وحجِّها، فتُداوِم على ذكر ربها، ولن تعود لسابق عهدِها إلا بذلك، ولن تعود إلى كامل مَجدِها إلاَّ بهذا، ولن تنتَصِر على أعدائها إلاَّ بذكر الله، وصدَق الله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ( الأنفال: 45) .
إذا انحاز الانسان للدنيا فيَعبُد ترابها ويَشتَهُي مَلذَّاتها، يَتَفاخَر بها، ويَتَقاتَل من أجلها، يأتيه ذكرُ الله فيعلمه أنَّ مع اليوم غدًا، وأنَّ مع الدنيا آخِرةً، وأنَّ الإنسان يجب أنْ يحسن وجهته، ويبرئ ذمَّته، وينظم شؤونه، فيَعمَل لمعاده كما يعمل لمعاشه، ويعمل لغده كما يعمل ليومه، وهذا ما عَناه القرآن؛ ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا " (النجم: 29)،
المسلم يجبُ أنْ يكون دائمَ الذكر لله - تعالى - حتى يستظلَّ بظلِّ الله يومَ لا ظلَّ إلاَّ ظل ، ورجلٌ ذكَر الله في خلاء ففاضَتْ عَيْناه. ؛ قال الشيخ الألباني: صحيح.
اللهم اجعلنا لك ذكارين شكارين منيبين لك مخبتين .