في مشهد يبدو وكأنه نسخة معكوسة من مشاهد التاريخ، تشهد المرافئ الإسرائيلية منذ أيام موجة فرار متسارعة عبر البحر، مع تصاعد التوترات الأمنية ومخاوف الحرب الشاملة.
فبعد أن دخل المستوطنون إلى فلسطين عام 1948 عبر البحر، ها هم اليوم، وبعد 77 عامًا، يفرّون عبر البحر ذاته، نحو قبرص، في ما اعتبره ناشطون "بداية النهاية لمشروعهم الاستعماري".
هروب عبر المرافئ.. والوزيرة تمنع المغادرة
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية أن مئات الإسرائيليين يتوافدون على مرافئ هرتسليا وحيفا وعسقلان، محاولين مغادرة البلاد على متن يخوت خاصة نحو قبرص، بحثًا عن الأمان من القصف واحتمالات الحرب الإقليمية المتصاعدة.
وفيما وصفت الصحيفة مارينا هرتسليا بأنها تحوّلت إلى "محطة انطلاق بديلة"، ظهرت مشاهد لعائلات إسرائيلية تجرّ حقائبها باتجاه القوارب منذ ساعات الفجر، في مشهد غير مألوف.
في المقابل، أصدرت وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف قرارًا استثنائيًا يقضي بمنع مغادرة المواطنين الإسرائيليين للبلاد، مع استثناء الأجانب والسياح فقط. قرار فُسّر على نطاق واسع بأنه محاولة للسيطرة على حالة "الهلع الجماعي"، ووقف موجة الفرار التي قد تتحوّل إلى ظاهرة سياسية واجتماعية خطيرة داخل إسرائيل.
https://x.com/tamerqdh/status/1934644623756120134
تكلفة الهروب.. والحديث ممنوع
بحسب "هآرتس"، تتراوح تكلفة الرحلة الواحدة عبر اليخوت الخاصة بين 2500 و6000 شيكل (700 إلى 1600 دولار تقريبًا)، بحسب نوع المركب ومستوى الراحة، بينما أكدت تقارير متقاطعة أن بعض الرحلات تتم دون وجود تأمين كافٍ.
ورغم محاولات الركاب تفادي التصريحات، أقرّ عدد منهم بأنهم "هربوا من الصواريخ"، في إشارة واضحة إلى هشاشة الشعور بالأمان في الداخل الإسرائيلي.
"عودوا من حيث أتيتم".. سخرية عربية واسعة
على الضفة الأخرى، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي العربية والفلسطينية موجة سخرية لاذعة من مشاهد الهروب، وتحوّلت إلى ظاهرة لافتة أعادت إنتاج خطاب تاريخي يعتبر أن "من جاء من البحر سيعود إليه".
وقد انتشرت صورة أرشيفية لمستوطنين يهود لحظة وصولهم إلى سواحل فلسطين عام 1948، أرفقها ناشطون بتعليق موحٍ: "كما جاؤوا.. سيرحلون". وتناقل آخرون وسم "#الهروب_الكبير"، مرفقًا بتعليقات توحي بأن المشروع الاستيطاني الصهيوني يتآكل من الداخل، مع كل تهديد أمني جديد.
وكتب أحد النشطاء: "الغزاة لا يملكون جذورًا… لذلك أول ما يفعلونه حين يشعرون بالخطر هو الفرار"، فيما اعتبر آخرون أن هذا الفرق الجوهري بين الفلسطينيين، الذين "يموتون على أرضهم لأنها أرضهم"، والإسرائيليين الذين "يهربون لأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن الأرض ليست لهم".
من الهروب إلى "الهجرة العكسية"
اعتبر مدونون أن ما يحدث ليس مجرد رحلات فرار مؤقتة، بل بداية موجة "هجرة عكسية" غير معلنة، تهدد تماسك المشروع الصهيوني في قلبه.
وكتب أحدهم: "من جاءوا على متن السفن سيعودون بها… المشروع الذي بدأ على أنقاض قرانا ومساجدنا ودمائنا بدأ يتفكك".
وسخر آخرون من قرار وزيرة المواصلات، واعتبروه "محاولة فاشلة لوضع المستوطنين في قفص ذهبي قبل أن يغرق المركب بالكامل".
بينما رأى آخرون أن هذا القرار بحد ذاته مؤشر على فقدان الدولة لثقتها في شعبها، وأن الحكومة الإسرائيلية باتت تتعامل مع مواطنيها كمن يحاول كبح جماح الهروب من سفينة تغرق.
ويقول أحد النشطاء في تغريدة تداولها الآلاف: "دولة لا تصمد أمام خطر… ومواطنون يهربون عند أول اهتزاز… أي مشروع هذا؟".
https://www.instagram.com/sh3aib/p/DK-kyZZKJgB
https://x.com/saleh_binali/status/1934722143583150098
https://x.com/BelalNezar/status/1934687082036842676
https://x.com/hosni_guermassi/status/1934706364066222320
https://x.com/MuktarOman/status/1934718797652611249