11/12/2008

 

 

حفلت فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بظهور وانتشار العديد من البنوك والمؤسسات المالية التي تبني معاملاتها علي الالتزام بمبادئ و أحكام الشريعة الاسلامية الغراء‏.‏

وبسبب تنامي الشعور الديني لدي شعوب العالم الاسلامي‏,‏ والذي ظهرت بوادره مع بدايات القرن الماضي والاحساس العام لدي المسلمين بأهمية العودة إلي أصول دينهم في شتي مناحي الحياة لاسيما تلك المتعلقة بالمعاملات والجوانب الاقتصادية‏.‏ ظهرت الحاجة إلي إنشاء مؤسسات مالية ومصرفية تكون أحكام الشريعة الاسلامية هي الاساس الذي تقوم عليه معاملاتها ولتكون ركيزة لبناء نظام اقتصادي إسلامي متكامل‏.‏ فكان الاتجاه لإنشاء البنوك الاسلامية‏.‏

ويمكن تعريف البنك الاسلامي بأنه تلك المؤسسة المالية التي تعمل علي تجميع الاموال وتوظيفها وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية وبما يخدم المجتمع ويحقق عدالة التوزيع مع الالتزام بعدم التعامل بالربا واجتناب كل ما هو مخالف لاحكام الشريعة الاسلامية في تعاملات البنك‏.‏

أ ـ النشأة التطور‏:‏
‏*‏ مرت البنوك الاسلامية بمراحل عيدة منذ نشأتها كفكرة في القرن الماضي حتي صارت واقعا ملموسا حيث شهدت الفترة منذ منتصف الستينيات وحتي نهاية السبعينيات التجارب الاولي لبدائل مصرفية لاتقوم علي نظام أسعار الفائدة وكذا إنشاء الرعيل الاول من المصارف الاسلامية كبنك ناصر الاجتماعي والبنك الاسلامي للتنمية بجدة وبنك دبي الاسلامي وبيت التمويل الكويتي وبنك فيصل الاسلامي المصري‏,‏ وتميزت فترة الثمانيننيات والتسعينيات بظهور مجموعات مالية منظمة تتكون من عدد من البنوك الاسلامية وشركات الاستثمار المنتشرة حول العالم‏,‏ كما تميزت بالمحاولات الرائدة لتحويل النظام المصرفي في بعض الدول الاسلامية مثل السودان وباكستان وإيران حيث أصبحت جميع الوحدات المصرفية لديها تعمل وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية وخلال ذات الفترة ظهر اهتمام البنوك التقليدية بشكل متزايد بمجال العمل المصرفي الاسلامي‏,‏ واستجابتها للتعامل مع البنوك الاسلامية بالصيغ والعقود والمنتجات المقبولة شرعا والمصممة خصيصا لهذا التعاون‏.‏

*‏ خلال السنوات الاخيرة قام عدد من البنوك والمؤسسات المصرفية التقليدية ذات الثقل العالمي كمجموعة سيتي بنك‏,‏ ويونيون بانكو دي سويس ودوتيشه بنك ومؤخرا بنك إتش‏.‏ إس‏.‏ بي‏.‏ سي‏.‏ بإدخال بعض أنشطة البنوك الاسلامية ضمن أعمالها‏.‏

ب ـ الواقع الحالي للصناعة المصرفية الاسلامية وإنجازاتها‏:‏
شهدت الصيرفة الاسلامية تطورا وانتشارا خلال العقود الاربعة الماضية ليصل عدد البنوك والمؤسسات المالية الاسلامية حاليا إلي مايزيد علي‏300‏ مؤسسة مصرفية تنتشر في‏75‏ دولة تتوزع علي القارات الخمس‏,‏ وبحجم أصول يقارب‏320‏ مليار دولار أمريكي‏,‏ وإذا أخذنا في الاعتبار النوافذ الاسلامية بالبنوك التقليدية فإن هذا الرقم لن يقل عن‏(600)‏ مليار دولار‏,‏ وبمتوسط نمو سنوي في حدود‏15%.‏

ثانيا‏:‏ ما القواعد والاسس التي تحكم عمل المصارف الاسلامية‏:‏

من المعمول أن البنك الاسلامي مؤسسة مالية استثمارية تعمل في إطار الشريعة الاسلامية السمحاء وهناك عدد من القواعد التي تحكم عمل هذه المؤسسة منها قواعد شرعية وقواعد مصرفية اقتصادية‏,‏ وأهم هذه القواعد‏:‏

[1]‏ القواعد الشرعية‏:‏

‏1/1‏ الاستخلاف‏:‏ أي أن الملكية الموجودة في هذه الارض للمال وجميع الثروات ليست إلا لله وأن ملكية الانسان هي مجرد وكالة وهذا يوجب أن يتم استخدام الاموال طبقا لأحكام الشريعة وفي الاوجه التي تقرها‏.‏

‏1/2‏ لاضرر ولا ضرار‏:‏ ولا اصل في هذه القاعدة هو مراعاة الحقوق والواجبات وذلك مرهون بتجنب الاضرار بالغير وبالمال ذاته‏.‏ وأن كل امتناع عن الانتاج مع القدرة عليه والحاجة إليه فهو ضرر وضرار وفساد في الارض‏.‏

‏1/3‏ الغنم بالغرم‏:‏ وهذه القاعدة تقرر العدل في المعاملات فلا يصح أن يحصل المدخر علي عائد لمدخراته دون مخاطرة اقتصادية‏,‏ وهي تمثل أساسا فكريا لكل المعاملات التي تقوم علي المشاركات حيث يكون لكل طرف فيها حقوق تقابل أو تعادل ما عليه من التزامات‏.‏

‏1/4‏ عدم التعامل بالربا‏:‏ يمثل هذا المحدد أهمية أولي في عمل البنوك الاسلامية حيث إن الاسلام يعتبر المال وسيلة وليس غاية‏,‏ وأن النقود ليست ولا يمكن توليدها من ذاتها وهي ليست لها قيمة إلا من خلال ارتباطها بباقي عناصر الانتاج الاخري‏.‏

‏[2]‏ القواعد المصرفية والاقتصادية‏:‏
‏2/1‏ الالتزام بأحكام الشريعة الاسلامية في جميع الاعمال والمعاملات جملة وتفصيلا‏.‏

‏2/2‏ الاخذ بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة‏.‏

‏2/3‏ التوظيف الفعال لموارد البنك‏:‏ يتعين أن تتماشي أهداف البنك الاسلامي مع الاهداف التنموية والاقتصادية للمجتمع بالتركيز علي القطاعات الحيوية التي تهم جميع أفراده‏.‏ كما يفترض أيضا أن يتم توجيه الموارد المالية وفقا لأسس الانتاجية والكفاءة الاقتصادية من خلال الاهتمام ليس فقط بملاءة العملاء المالية ولكن أيضا بجدوي المشروع والثقة في جدية أصحابه وخبراتهم ومدي تفاعل المشروع مع عجلة التنمية الاقتصادية بالدولة‏.‏

‏2/4‏ الاهتمام بتنمية الحرفيين والصناعات الصغيرة والمتوسطة‏.‏

ثالثا‏:‏ مقارنة بين العمل المصرفي الاسلامي والتقليدي‏:‏

ينظر البعض إلي البنوك الاسلامية علي أنها مجرد بديل لنظام الفائدة المعمول به بالبنوك التقليدية عن طريق الاخذ بنظام المشاركة في الارباح ولكن واقع الامر أن أوجه الاختلاف بين العمل المصرفي الاسلامي ونظيره التقليدي أكبر وأعمق بكثير‏,‏ ويمكن إجمال أهم واجه الاختلاف بين البنك الاسلامي والبنك التقليدي فيما يلي‏:‏

‏1‏ ــ النشأة‏:‏
نشأت البنوك التقليدية بشكل عام نتيجة نزعة فردية نحو الاتجار بالاموال والاثراء من خلال التعامل فيها‏,‏ في حين جاءت البنوك الاسلامية نتيجة للحاجة إلي نظام مالي يجسد التطبيق العلمي للاقتصاد الاسلامي‏.‏

‏2‏ ـــ طبيعة النشاط‏:‏

يقوم البنك التقليدي علي أساس نظام مصرفي عالمي يقوم علي التعامل بالفائدة أخذا وعطاء أي استئجار النقود وتأجيرها‏,‏ ويتمثل ربح البنك في الفرق بين سعري الاستئجار والايجار‏.‏ أما البنك الاسلامي فتقوم فكرته علي أن الاموال وجدت للاتجار بها لا فيها‏.‏ حيث تقوم العلاقة في المعاملات بين البنك الاسلامي وعملائه علي نظام المشاركة في الارباح‏.‏

‏3‏ ـــ الودائع‏:‏
تتحدد العلاقة بين أصحاب الودائع في البنوك التقليدية وبين البنك في إطار شروط الوديعة والتي يلتزم فيها البنك بسداد الوديعة مضافا إليها فائدة محددة في مواعيد محددة بغض النظر عن النتائج الفعلية لاستخدام هذه الاموال‏,‏ في حين تعامل الودائع في البنك الاسلامي في إطار عقد المضاربة بين البنك ومدعيه‏.‏ فالمودع صاحب مال والبنك مضارب‏,‏ ويوزع مايتم تحقيقه من نتاج‏(‏ ربح أو خسارة‏)‏ بين الطرفين حسب الاتفاق المسبق لعقد المضاربة‏.‏

‏4‏ ــ ضوابط استثمار الأموال تحت الادارة‏:‏
لايضع البنك التقليدي ـ في الغالب ــ اعتبارا لكون المشروع المقترض من أجله حلال أم حرام فالعبرة أساس بالضمانات ومقدرة المشروع علي سداد القرض وفوائده‏,‏ في حين يضع البنك الاسلامي في أولي اهتماماته أن توظيف أمواله في مشروعات لاتتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية الغراء‏.‏

‏5‏ ــ الربح والخسارة‏:‏
يتحقق الربح في البنك التقليدي أساسا من خلال الفرق بين الفائدة المدينة والدائنة في حين يتحمل المقترض الخسارة وحده سواء كانت الخسارة بسببه أو لأسباب خارجة عن إرادته‏,‏ بينما يتحقق الربح في البنوك الاسلامية من خلال عمل حقيقي ونتيجة لاستثمارات فعلية‏.‏

‏6‏ ــ العلاقة بالمجتمع‏:‏
تؤدي البنوك التقليدية خدمة للمجتمع من خلال توفير التمويل لرجال الاعمال وأصحاب الشركات مما قد يفضي إلي التمييز بين طبقات المجتمع في الاقراض‏..‏ فالربح هو المؤشر الوحيد لتشغيل الاموال‏,‏ بينما يكون الهدف الاسمي للبنك الاسلامي هو وضع المال في موضعه الصحيح خادما للمجتمع ومفجرا للطاقات لخدمة المجتمع‏,‏ فضلا عن إشاعة روح التكامل بين أفراد المجتمع عن طريق تجمع الزكاة المفروضة وإنفاقها في مصارفها الشرعية وكذلك منح القروض الحسنة لمستحقيها من أفراد المجتمع‏.‏

‏7‏ ــ ممارسة النشاط التجاري والصناعي‏:‏
تحظر أغلب القوانين والانظمة الحاكمة لأعمال البنوك التقليدية ممارسة التجارة وتملك البضائع أو العقارات إلا سدادا لدين له علي الغير أن يبيعه خلال مدة معينة في حين يجوز للبنك الاسلامي ممارسة التجارة والصناعة وتملك البضاعة وشراء العقارات بالضوابط الشرعية‏.‏

‏8‏ ــ مفهوم الرقابة‏:‏
تنفرد المصارف الاسلامية بالرقابة الشرعية علي جميع معاملات البنك حيث تنقسم إما لرقابة مسبقة أو متلازمة أو لاحقة وبناء علي ذلك تقوم الهيئة المنوط بها القيام بتلك المهمة بإصدار شهادة في شكل تقرير معتمد له نفس قوة تقرير مراقب الحسابات الخارجي يشهد بموجبه أمام الجمعية العمومية للبنك عن مدي التزامه ــ أي البنك وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية‏.‏

رابعا‏:‏ الخدمات والمنتجات المصرفية الاسلامية‏:‏
قدمت الصناعة المصرفية الاسلامية العديد من الاوعية الادخارية وأساليب الاستثمار التي أصبحت تمثل جزاءا مهما في الكيان المصرفي العالمي وحرصت علي تقديم خدماتها المصرفية وفق أحدث وسائل الاتصال المتقدمة وشبكات ونظم المعلومات المتطورة‏.‏

وفيما يلي نبذة عن خدمات ومنتجات المصارف الاسلامية‏:‏

أ‏)‏ الودائع‏:‏
تتعدد أشكال الودائع المصرفية لتشمل‏:‏
ــ الحسابات الجارية‏:‏ لا تختلف خصائص خدمة الحساب الجاري في المصرفي الاسلامي عن التقليدي ولا يشترك في الربح وأيضا لا يحتمل بأية نتائج لأعمال البنك‏.‏

ـ حسابات الاستثمار‏:‏ وهي من أهم الاوعية التي توفر الموارد اللازمة لتشغيل نشاط البنك التمويلي وتمثل المضاربات الشرعية الاساس الحاكم للعلاقة بين أصحاب حسابات الاستثمار والبنك علي أساس أن البنك مضارب بعمله والعميل صاحب رأس المال‏.‏ ويمكن توجيه الوديعة لمشروع محدد بعينه فيصبح في هذه الحالة حساب استثمار مخصص‏,‏ أو يتم توجيهها لمجال أعمال البنك ونشاطه الاستثماري ضمن حسابات الاستثمار العام‏.‏

ــ شهادات الادخار الاسلامية‏:‏ وهي شهادات تصدر بفئات محددة ولمدة محددة يمكن تجديدها‏,‏ وتعتبر بمثابة حصة في مشاركة من حق حاملها استرداد قيمتها بعد فترة وهي تستحق نصيبا في أرباح البنك الفعلية يتم توزيعها إما بشكل دوري أو يتم تجميع الارباح لترد مع القيمة الاسمية للشهادة في نهاية مدتها‏.‏

ــ دفاتر التوفير‏:‏ وتتميز بانخفاض الحد الادني اللازم لفتح دفتر التوفير حتي يتم تنمية الوعي الادخاري عند أصحاب الدخل الصغير‏.‏

ـــ صكوك الاستثمار الاسلامية‏:‏ وتقوم البنوك الاسلامية بإصدار أنواع مختلفة من صكوك التمويل ووفقا للغرض فهناك صكوك المشاركة في العائد العام للبنك وأيضا صكوك الايداع الاسلامية متراكمة القيمة وأخري ذات العائد الجاري الشهري وهناك أيضا صكوك استثمار في مشروعات قطاعية زراعية أو صناعية أو إسكان كما يقوم بإصدار صكوك استثمار لمشروع معين بذاته وهي تعتبر من أفضل أشكال الصكوك للمتعاملين حيث تمكنهم من سهولة متابعة استثماراتهم‏.‏

وعلي اختلاف أنواع الحسابات المشار إليها فإنه يمكن القول أن خصائصها هي‏:‏
‏[1]‏ أن رب المال‏(‏ المودع‏)‏ سوف يشارك في الربح المتحقق الذي يخص مجموع حسابات الاستثمار بنسبة مبلغه والمدة التي استثمر فيها في البنك‏.‏

‏2‏ ـ ان البنك المضارب سوف يحصل علي نصيب من الربح الذي قد آل الي حسابات الاستثمار وذلك مقابل عمله وادارته لتلك الاموال بحصة معينة من الربح تحدد مسبقا عند فتح الحساب‏.‏

‏3‏ ـ عند حدوث خسارة في مجمل نشاط البنك يتحمل البنك والمودعون هذه الخسائر بنسبة الاموال الموظفة من كل منهما اي ان البنك لا يضمن اصل هذه المبالغ‏.‏

ب ـ الاستثمار وتوظيف الاموال‏:‏
تتعدد انشطة استثمار وتوظيف الاموال في البنك الاسلامي حيث تنقسم الي ثلاثة مجموعات رئيسية‏:‏

ب ـ‏1‏ الاستثمار المباشر ويشمل‏:‏
‏-‏ انشاء وتأسيس شركات ومشروعات مملوكة للبنك ملكية كاملة‏.‏

-‏ الاكتتاب في الشركات المساهمة التي يتوافق نشاطها مع سياس التوظيف بالبنك‏.‏

-‏ الاتجار المباشر حيث يجوز للبنك الاسلامي التعامل مع السلع والبضائع بيعا وشراء وتحقيق عائد مجزية‏.‏

ب ـ‏2‏ الصيغ التمويلية‏:‏
تتعدد صيغ التمويل في البنك الاسلامي بما يتوافق مع طبيعة المشروع ورغبات المتعاملين ومن هذه الصيغ‏:‏

التمويل بالمشاركة
المضاربة الشرعية
المزارعة‏:‏ يحث يشارك احد الشركاء بمال او احد عناصر الثروة وهي الارض والعنصر الثاني وهو العمل من جانب الشريك الاخر وعمليا فان البنك الاسلامي يقوم بتقديم التمويل لصاحب الارض او صاحب العمل الزراعي الذي يحتاج الي تمويل ويتم توزيع الناتج من استثمار الارض وفقا للاتفاق المبرم مسبقا واذا لم تأت الارض بغلة بسبب من الاسباب تحمل الطرفان الخسارة‏..‏ فالبنك يخسر امواله او جزءا منها وصاحب الارض او العميل يخسر منفعة ارضه وعائد عمله‏.‏

المساقاة‏:‏ وهي نوع متخصص من المشاركات في المجال الزراعي يتيح للبنك الاسلامي اقامة مشروعات تتولي عملية نقل المياه او توفيرها من باطن الارض او من خلال محطات تحلية مياه البحر وتوصيلها الي الزراع في المناطق التي تحتاج الي كميات مياه ضخمة للري والزراعة مقابل نسبة معلومة من الثمار‏.‏

الاجارة‏:‏ عقود تقوم علي اساس بيع منافع الاشياء مع بقاء اصولها في ملكية البائع او ان تؤول الملكية الي المستأجر في نهاية مدة الاجازة وهو ما يسمي بالاجارة المنتهية بالتمليك‏.‏

ب ـ‏3‏ عقود البيوع‏:‏ ويوجد منها عدة انواع مثل‏:‏

بيع المرابحة
بيع السلم‏:‏ والسلم هو بيع سلعة غير موجودة عند البائع وقت العقد بحيث يقوم المشتري بسداد قيمتها للبائع فورا واستلام هذه السلعة في وقت لاحق محدد ومتفق عليه وبهذا يتضح ان بيع السلم هو عكس البيع الآجل‏.‏

عقد الاستصناع‏:‏ يعرف عقد الاستصناع بانه عقد يشتري به في الحال سلعة او معدة مما تصنع يلتزم الصانع البائع بتقديمها مصنوعة بمواد من عنده بأوصاف محددة وبثمن محدد وفي توقيت محدد ولا يشترط قيام المشتري بدفع القيمة فورا مثل بيع السلم‏.‏

ج ـ الخدمات المصرفية‏:‏
تتشابه البنوك الاسلامية في هذه الانشطة مع غيرها في البنوك التقليدية ولاحرج في ذلك بشرط الا تقدم هذه الخدمات لانشطة محرمة وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية نوادي قمار‏,‏ مراقص‏,‏ الاتجار في سلع محرمة‏..‏الخ‏.‏

دـ التكافل الاجتماعي‏:‏
البنك الاسلامي كما اشرنا ليس مؤسسة اقتصادية تهدف الي تعظيم الربح فحسب بل هو ايضا مشروع اجتماعي يهدف الي الرقي بالمجتمع وتنمية موارده وقدراته‏,‏ ويقوم البنك الاسلامي بالعمل علي تحقيق ذلك من خلال تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات الاجتماعية وهي‏:‏
‏1‏ـ جمع وتوزيع الزكاة‏:‏ تنقسم مصادر الزكاة بالبنوك الاسلامية الي ثلاثة مصادر رئيسية وهي زكاة مال المساهمين وهي الزامية الاداء وزكاة مال المتعاملين مع البنك اصحاب الودائع وغيرهم وهذه اختيارية الاداء وزكاة مال من غير المتعاملين مع البنك ويتم توجيه اموال الزكاة الي المصارف الشرعية المقررة بنص القرآن الكريم‏.‏

‏2‏ ـ منح القروض الحسنة بدون فائدة‏:‏ يتيح هذا الاسلوب مبلغا من المال للعميل بحيث يضمن سداده بدون تحمل اية اعباء او عمولات اواي زيادة من اي نوع‏.‏

خامسا‏:‏ منظمات وهيئات البنية التحتية للصناعة المصرفية الاسلامية ودور كل منها‏:‏

نجح المنظمون والقائمون علي امور الصناعة المصرفية الاسلامية في انشاء وتكوين مجموعة كبيرة من منظمات وهيئات البنية التحتية والتي تحتضن العمل المصرفي الاسلامي ومن اهم هذه الهيئات‏:‏
‏*‏المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية البحرين‏WWW.ISLAMICFI,COM‏

*‏ هيئة المحاسبة والمراجعة المالية الاسلاميةالبحرين‏WWW.AAOLIFI.‏

*‏ مجلس الخدمات المالية الاسلامية بماليزيا‏WWW.IMCBAHRAIN.COM‏

*‏ البنك الاسلامي للتنمية جدة‏WWW.ISDB.ORG.‏

*‏ مركز السيولة المالية للمصارف الاسلامية البحرين‏WWW.IMCBAHRAIN.COM‏

*‏ المؤسسة الدولية الاسلامية لتمويل التجارة السعودية‏.‏

*‏السوق المالية الاسلامية الدولية دبي‏WWW.IIFM.NET.‏

*‏ الوكالة الاسلامية الدولية للتصنيف بالبحرين‏.WWW.IIRATING‏

سادسا‏:‏ العلاقة بين المصارف الاسلامية والمؤسسات الاخري‏.‏
‏*‏البنوك المركزية ومؤسسات النقد والسلطات النقدية

علي الرغم من انه توجد اجراءات رقابية موحدة علي البنوك الاسلامية والبنوك التقليدية في العديد من الدول ذات النظام الثنائي الا ان البنوك المركزية مارست نشاطها الرقابي بنوع من الفهم في هذه الحالات‏.‏

*‏المؤسسات الدولية المهيمنة علي النظام المصرفي العالمي‏:‏

خلال السنوات القليلة الماضية تم خلق مناخ ملائم كبداية للتعايش بين النظام المصرفي الاسلامي ومثيله التقليدي من خلال مد جسور تفاهم فتح قنوات اتصال بين الهيئات والمؤسسات المنظمة والحاكمة للعمل المصرفي الاسلامي‏,‏ وبين المؤسسات والجهات المعنية بالرقابة وسن التشريعات والقوانين المنظمة للعمل المصرفي علي مستوي العالم كبنك التسويات الدولية‏,‏ وصندوق النقد والبنك الدوليين وفي رأينا ان التعايش والتعاون مع النظام المصرفي التقليدي بشكل فعال امر مهم بالنسبة للمصارف والمؤسسات المالية الاسلامية بشرط ان يكون هذا التعامل بعيدا عما تحرمه الشريعة‏,‏ خاصة اذا نظرنا الي ان النظام المصرفي الاسلامي هو جزء من نظام مصرفي شامل يحتوي علي بنوك تجارية وبنوك متخصصة واستثمار واعمال وغيرها وان هذه التقسيمات وجدت لتناسب طبيعة كل شرائح المجتمع ومتطلبات التنمية داخله وكل هذه التقسيمات في مجملها تكون النظام المصرفي العالمي‏.‏

سابعا‏:‏ المصارف الاسلامية والازمة المالية العالمية الاخيرة‏:‏

في ضوء ماتقدم يتضح ان النظم والأسس والقواعد التي تقوم عليها الصيرفة الاسلامية مستمدة من احكام الشريعة الاسلامية والتي شرعت بهدف ضمان حسن ادارة المال وتنظيم العلاقات المالية بين الافراد والحكومات علي السواء ومن ثم حماية الاقتصاد وضمان استقراره وعدم تعرضه لهزات قوية تضر بالمنتجين وعناصر القوي الاقتصادية الفاعلة‏.‏

والمتتبع لاداء البنوك الاسلامية علي مستوي العالم في الآونة الاخيرة ـ وكما اجمع خبراء المال والاقتصاد ـ يجد انها لم تطلهاالازمة الحالية وبذلك بسبب طبيعة تعاملاتها التي سبق وان اشرنا لها‏,‏ وطبيعة الادوات المالية المستخدمة فيها كالمرابحات والمشاركات والمضاربات والاجارة والسلم والاستصناع‏..‏ فالبنوك الاسلامية لاتتعامل في شراء او بيع الديون كما هو الحال في النظام التقليدي لان هذه المعاملة محرمة في الشريعة الاسلامية‏..‏ بالاضافة الي انها حرمت ايضا بيع الانسان ما لا يملك اوما ليس عنده وهذاما يعرف حاليا بـ البيع علي المكشوف‏..‏ كما انهالا تبيح التعامل بأسلوب الشراء بالهامش القائم علي الشراء بدون دفع قيمة وكذلك النهي عن بيع ما لم يقبض فلابد من انتقال ملكية المبيع فعليا وليس ورقيا حتي يكون محل التعامل سلعا حقيقية يتم تداولها بشكل فعلي وليست مجرد تعاملات وهمية تزيد من الضغوط التضخمية علي الاقتصاد وتؤدي الي انهيارات كبيرة في الاسواق المالية كما حدث مؤخرا‏.‏

يضاف الي ذلك اننا نجد ان التعاملات في سوق المشتقات ـ والتي تعتبر من أكبر الادوات المالية تعرضا للمخاطر وسببا رئيسيا في حدوث العديد من الكوارث المالية الكبري ـ تقوم علي الأخذ بمعظم المحاذير السابقة التي حرمتها الشريعة الاسلامية ولا تتعامل فيها البنوك الاسلامية علي الاطلاق حيث اقر النظام الاسلامي انظمة بديلة لمثل هذه النوعية من التعاملات مثل البيع الآجل وبيع السلم‏.‏

والذي يؤكد امكان نجاح المعايير الاسلامية في التخفيف من حدة الازمة المالية العالمية لجوء الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا الي حذر عمليات البيع علي المكشوف في اسواقها المالية‏,‏ وبذلك تكون منعت منتجات لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية‏,‏ كما دعا مجلس الشيوخ الفرنسي الي ضم النظام المصرفي الاسلامي للنظام المصرفي الفرنسي حيث اشار التقرير الذي اعده المجلس الي ان هذا النظام مريح للجميع مسلمين وغير مسلمين وانه قابل للتطبيق بنجاح في فرنسا ويكفي انه في حين ان الانهيارات وشبح الافلاس كان من نصيب المؤسسات المالية التقليدية الكبري‏.‏

من جهة اخري لانتصور ألا يكون هناك تأثير علي المصارف والمؤسسات المالية الاسلامية نتيجة الازمة الحالية الا ان الواقع اثبت انها اقل المتضررين وهذا امر طبيعي بحيث كان لابد ان تتأثر بحكم الارتداد المتوقع لاي ازمة مالية عالمية نظرا لكون هذه المؤسسات جزءا من المنظومة المالية العالمية ومن الطبيعي التأثر بحالة الركود بشكل او بآخر‏.‏

كما انه لا يمكن انكار تعرض المؤسسات والصناديق المالية الاسلامية لبعض الخسائر لان كثيرا من هذه الكيانات وخاصة السيادية منها لها استثمارات كبيرة في اوروبا وامريكا وهذا ليس عيبا في المنهج نفسه بقدر ماهو اسلوب ادارة مخاطر هذه الاستثمارات والتي تختلف من مؤسسة لاخري ومن دولة لأخري‏.‏

وتجدر الاشارة في هذا الصدد الي التدابير التي اتخذتها بعض الحكومات والبنوك المركزية بها والتي كان لها تأثير فعال في تخفيف حدة اثار الازمة العالمية كما حدث في مصر علي سبيل المثال حيث ان نجاح البنوك العاملة بها في التقليل من آثار الازمة يرجع ايضا الي قيام البنك المركزي المصري باتخاذ خطوات استباقية حيث حدد نسبة تمويل الرهن العقاري بالبنوك بما لا يتجاوز‏5%‏ من محفظة الائتمان فضلا عن وضع قيود علي توظيفات البنك لدي المراسلين بما لا يزيد عن‏10%‏ ولم تتورط البنوك المصرية في شراء اجزاء من محافظ التمويل العقاري بالبنوك الامريكية علي النحو الذي حدث مع البنوك الاوروبية كما ان عمليات شراء الديون والتوريق المصري تعتبر ضئيلة للغاية وتكاد تكون معدومة‏,‏ وبهذا يتضح ان جانبا كبيرا من هذه التدابير والاجراءات تتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية‏.‏
 
 

المصدر : الاهرام الاقتصادي