قالت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها إن سقوط الطائرة الروسية الأسبوع الماضي، شكل اختبارا مباشرا لروسيا، التي شكل مواطنوها معظم المسافرين الـ 224 الذين قتلوا في مصر، وهي المسؤولة عن الأمن في منتجع شرم الشيخ من حيث أقلعت الطائرة.
وتشير الافتتاحية إلى أن الحادث كشف عن النظامين الديكتاتوريين اللذين يتحكمان في البلدين، فأول تصريح باحتمال كون الحادث عملا إرهابيا جاء من الحكومة البريطانية، وأول إجراء اتخذ لحماية عشرات آلاف السياح الأجانب في سيناء، جاء من الحكومة البريطانية أيضا.
وتنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قوله إن سقوط الطائرة جاء "في الغالب" بسبب "قنبلة إرهابية"، مشيرة إلى أنه أوقف رحلات الطيران البريطاني إلى شرم الشيخ، واتخذ إجراءات لإخلاء حوالي 20 ألف سائح بريطاني عالقين هناك. بينما تصرفت حكومة فلاديمير بوتين في موسكو وعبد الفتاح السيسي في مصر بسخط.
وتستدرك الافتتاحية بأنه بالرغم من أن بوتين أوقف الرحلات الروسية إلى مصر الجمعة، إلا أن المتحدث باسمه كان لا يزال مصرا على أنه لا يوجد ما يدعو للاستنتاج بأن هناك عملا إرهابيا قد وقع. أما وزير المواصلات المصري، فبالإضافة إلى تصريحاته المنكرة لكون سبب الحادث إرهابيا، فإنه كان يعيق الجهود البريطانية في الإخلاء، حيث قلل من عدد الرحلات إلى لندن من 29 إلى ثماني رحلات.
وتقول الصحيفة إنه "بينما انصب هم الحكومات الغربية على حماية مواطينها، فقد انصب هم نظامي السيسي وبوتين على الدفاع عن أنفسهم.
وسوق كلاهما نفسه على أنه محارب يواجه تنظيم الدولة وفروعه، وكلاهما يستخدم هذه الحرب لتحقيق أهداف أخرى، مثل قمع المعارضين المحليين، ولفت الانتباه عن التراجع في مستوى الحياة. وفي الميدان الحقيقي فشل كلاهما؛ حيث فشل السيسي في تهدئة الوضع في سيناء، بعد عامين من اتباع سياسة الأرض المحروقة، بينما تعثرت حرب بوتين ضد الثوار الذين يقاتلون نظام بشار الأسد".
وتلفت الافتتاحية، إلى أن مسؤولا أمريكيا شدد على أن هناك مؤشرات قوية، وإن لم تكن أدلة نهائية، على أن الطائرة فُجرت. مستدركة بأن الاعتراف باحتمال أن يكون تنظيم الدولة اخترق الأمن المصري في مطار شرم الشيخ، وأن تكون مغامرة بوتين في سوريا سببا لأسوأ هجوم على الطيران المدني الروسي في التاريخ، لن يكون فقط أمرا محرجا، بل هو جرح سياسي خطير.
وتبين الصحيفة أنه لذلك يستخدم كلا النظامين تكتيكات معروفة: الجعجعة والتشويش. فقال السيسي لتلفزيون "بي بي سي" بأن الكلام عن إرهاب "يقصد منه تخريب الاستقرار والأمن في مصر، ويشوه صورة مصر".
ويصر المسؤولون الروس، الذين لا يزالون ينكرون الأدلة الكثيرة التي تشير إلى أن صاروخا روسيا ضد الطائرات أسقط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا العام الماضي، على أن التحقيق سيأخذ شهورا قبل التوصل إلى أي نتائج.
وتنوه الافتتاحية إلى أن "الإعلام الحكومي، الذي يسيطر عليه كل من بوتين والسيسي، اعتاد أن يلوم الولايات المتحدة عند وقوع أي كارثة، مهما كانت النظرية بعيدة الاحتمال. ولذلك لن نستغرب إن تم إخبار المصريين والروسيين بأن وكالة الاستخبارات المركزية مسؤولة بشكل أو بآخر علن كارثة سقوط الطائرة في سيناء".
وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالقول: "من يبحث عن سبب أكثر منطقية، عليه أن يفكر بهذه النقطة المتشائمة، وهي أن كلا من النظام المصري والروسي أقل مهارة في مكافحة الإرهاب وأكثر مهارة في الكذب".