اللحظات الصعبة تبدأ مع فريق الإنقاذ في حال اختل توازن القارب وقُلب رأساً على عقب، وهنا الامتحان الصعب، "من ينقذون؟"، يقول السباح والمنقذ الأرجنتيني نيكولاس منغوز مونتان ويضيف: "أن تسبح بين 300 شخص غارق كما حصل معنا وتسعى إلى إنقاذ من تستطيع منهم وسط جثث عائمة، هو ما يمكن أن يقال عنه لحظات عصيبة في حياة أي شخص".
السباح البالغ من العمر 34 عاماً قفز مباشرة إلى المياه بعدما شاهد من بعيد قارباً خشبياً يقلّ قرابة 300 شخص قلبته أمواج البحر، حيث وجد نفسه في نهاية الأمر يسبح بين جثث تطفو فوق الماء، "حاولتُ إنقاذ من بقي على قيد الحياة، يومها لم أستطع النوم بكيت مثل الأطفال"، كما صرح لأحد الصحف الأرجنتينية.
15 يوماً اختار أن يقضيها المنقذ الأرجنتيني على جزيرة لسبوس اليونانية، وهي وجهة المهاجرين غير الشرعيين من تركيا عبر بحر إيجة للانطلاق منها إلى أوروبا.
Proactiva Open Arms هي المنظمة الإسبانية غير الحكومية التي اختار نيكولاس الانضمام إليها والعمل معها في "الجزيرة اليونانية البائسة"، على حدّ وصفه لها.
الصحافة الإسبانية أطلقت لقب البطل على السباح، لكنه رفض هذه الصفة، وبرر ذلك في أحد تصريحاته بأنه "ليس البطل، بل السوريون والأفغان والعراقيون والهاربون من الحرب هم الأبطال؛ لأنهم استطاعوا اجتياز البحر، وتابعوا بعد ذلك رحلة برية شاقة وصولاً إلى إحدى الدول الأوروبية".
الموقف الأصعب أن تختار من تنقذ من الغارقين!
نيكولاس، وإلى جانب مجموعة من المنقذين الإسبان، اختاروا أعلى نقطة في الجزيرة للوقوف عليها ورصد القوارب غير الشرعية القادمة من بعيد.
هي فقط 9 كيلومترات ما تفصل بين تركيا وأول جزيرة يونانية، وفي حال كانت الظروف الجوية جيدة وتمت قيادة القارب بشكل جيد فلن تستغرق الرحلة أكثر من 90 دقيقة.
20 قارباً تصل يومياً إلى هذه الجزيرة اليونانية، كلّ منها تحمل قرابة 50 شخصاً، مع العلم أن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى 20 شخصاً، لذلك بالكاد تحافظ على توازنها.
نيكولاس، وهو من بيونس آيريس، معروف بحبه للمشاركة في النشاطات والأعمال الإنسانية، يعيش في برشلونة منذ أكثر من 7 سنوات ويعمل في مجال الإنقاذ هناك.
صور الأطفال هي السبب
بداية شهر سبتمبر الماضي باشرت منظمة Proactiva Open Arms عملها في مساعدة اللاجئين، حيث تحرص المنظمة الإسبانية على استبدال طاقم الإنقاذ كل 15 يوماً بطاقم آخر.
مدير المنظمة الإسبانية، أوسكار كامبس، أوضح في رسالة نشرها على موقعهم على الإنترنت، أن "رحلة البحر التي يخوضها اللاجئون صعبة جداً، ونسب الموت غرقاً مرتفعة بشكل كبير".
وتابع "بدأ كل شيء بسبب صور نُشرت على الشبكات الاجتماعية لـ4 أطفال ماتوا غرقاً، وبما أن عملنا هو إنقاذ الناس من الغرق ونقوم بذلك على شواطئ محلية لماذا لا نقوم بذلك لإنقاذ أشخاص لا يجدون من ينقذهم ولا أحد يساعدهم".
يغطي الفريق مسافة 17 كم من الشواطئ اليونانية والبحر لمساعدة اللاجئين القادمين في النزول بأمان إلى الشاطئ، وللأطفال الأولوية، حيث يحرص المنقذون بملابسهم الصفراء على استقبال الأطفال وإنقاذهم وتهدئة روعهم.
في لسبوس، على الساحل الشمالي لليونان، اختفت معالم الشاطئ بسبب ما تركه اللاجئون خلفهم من الملابس والأحذية وسترات النجاة وقوارب اضطروا إلى قيادتها وهم لا يملكون لا معرفة ولا خبرة، الأمر الذي كان سبباً في كثير من الأحيان في اصطدامهم بسفن أخرى.
وكان قد وصل أكثر من 200 ألف لاجئ إلى اليونان في شهر أكتوبر/تشرين الأول وحده، ، طبقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
ويشكل السوريون أكثر من نصف عدد اللاجئين الذين وصلوا، بينما يأتي الأفغان والإريتريون في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.
وقالت المنظمة إن أكثر من 450 لاجئاً ومهاجراً قتلوا أو فقدوا في حوادث غرق خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مشيرة إلى أن السياج المقام بين تركيا واليونان فاقم المشكلة.