تحولت زيارة قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي الى بريطانيا من حلم كان يعمل طوال الشهور الماضية على تحقيقه، الى كابوس بات يتمنى لو أنه تجنب حدوثه، حيث انتهت زيارة السيسي الى العاصمة البريطانية بفشل ذريع وغادر دون أن يتم الاعلان عن أي انجاز أو مكسب.

وواجه السيسي الذي وصل الى لندن الأربعاء الماضي احتجاجات واسعة، فيما التقى مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لمدة ساعة واحدة فقط، فيما اعتبر العديد من المعلقين المصريين وكتاب الأعمدة والمقالات ان الزيارة كانت مجرد "اهانة" تلقاها السيسي، الذي وصل الى لندن بالتزامن مع قرار وقف الرحلات السياحية الى شرم الشيخ وسحب السياح البريطانيين من هناك.

واستعرض محلل سياسي قائمة الاخفاقات التي مني بها السيسي خلال زيارته الى لندن، مشيرا الى أن أول هذه الخسائر يتمثل في الجانب الاعلامي حيث كانت زيارة السيسي مناسبة بالنسبة لوسائل الاعلام البريطانية لفتح ملف حقوق الانسان في مصر، وحظيت سيدة محكومة بالاعدام في مصر لأول مرة بظهور إعلامي نادر على وسائل الاعلام البريطانية لتشرح وتكشف تفاصيل الانتهاكات التي يقوم بها العسكر في مصر.

العشرات من المقالات نشرتها الصحافة البريطانية تناولت الأوضاع في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، فضلا عن تقارير بثتها قنوات "بي بي سي" وغيرها من القنوات البريطانية التي اعتبرت أن الزيارة تمثل "انتهاكا للقيم والمعايير التي يقدسها المجتمع البريطاني".

ويقول محلل أن الخسارة السياسية للسيسي كانت هي الاخرى كبيرة من الزيارة، حيث لأول مرة اتفق الحزبان الأكبر في المعارضة بالبرلمان البريطاني على رفض الزيارة، وصرح –لأول مرة- زعيم حزب العمال ورئيس حكومة الظل بأن "السيسي انقلابي وأن زيارته تمثل تهديدا للأمن القومي البريطاني". كما وقعت 55 شخصية من كبار السياسيين والحزبيين في بريطانيا على رسالة طالبوا فيها بطرد السيسي، وهو ما يمثل موقفا سياسيا مهما لأكبر وأهم الأحزاب في بريطانيا.

كما يلفت المحلل الى اللطمة القانونية التي تلقاها السيسي على وجهه حيث تم الكشف لأول مرة عن أن الشرطة البريطانية تقوم فعلا بالتحقيق في جرائم حرب ارتكبها السيسي ورموز نظامه، وتبين لأول مرة أن لدى الشرطة قائمة تضم 43 اسما لكبار رجال الدولة ووزراء وقيادات في الجيش والأمن، ولأول مرة أبدت الشرطة  استعدادها لاعتقال أي منهم.

وبذل الوفد المرافق للسيسي  جهودا قانونية ودبلوماسية حثيثة من وراء الكواليس من أجل معرفة من هم المطلوبين للشرطة.

وأمام الخسائر الاعلامية والسياسية والقانونية التي مني بها السيسي ووفده في بريطانيا، فان لندن اتخذت قرارها بوقف الرحلات الى شرم الشيخ وسحب السياح من هناك في نفس يوم وصول السيسي، وهو ما دفع الكثيرين للاستنتاج بأن كاميرون لم يقم أي اعتبار للسيسي حيث كان بمقدوره تأجيل اتخاذ القرار ليوم واحد فقط، حتى يتم تمرير الزيارة لكنه لم يفعل ذلك، بل أعلن أمام السيسي أن الطائرة الروسية سقطت بفعل انفجار مدبر في الوقت الذي كان النظام المصري يجهد نفسه في نفي فرضية التفجير المدبر.

عربي 21