نافذة مصر
 توقع استمرار نقص العملات الأجنبية بالسوق المصرية أدى نقص العملات الأجنبية بالسوق المصرية ، الى وجود فجوة كبيرة بين أسعار الصرف للعملات الأجنبية حسب السعر الرسمى المعلن من قبل البنوك ، وبين السعر المتداول خارج البنوك ، وهى الفجوة التى تتراوح ما بين ثلاثون قرشا الى أكثر من خمسين قرشا ، حسب شدة نقص العملات الأجنبية وزيادة الطلب عليها
 وتعود مشكلة نقص العملات الأجنبية بالسوق المصرية الى خمسة عوامل رئيسية : العامل الأول : يعود لنقص حصيلة عدد من الموارد الأساسية للنقد الأجنبى ، حيث أشار أداء ميزان المدفوعات المصرى خلال الربع الأول من عهد حكومة الانقلاب العسكرى ، أى خلال أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من عام 2013 ، الى تراجع ايرادات السياحة بنسبة 65 % بالمقارنة بنفس الربع من العام السابق . والمتحصلات الخدمية بخلاف السياحة والنقل بتراجع 31 % ، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج بتراجع 17 % ،
وحصيلة الصادرات السلعية غير البترولية بتراجع 12 % ، والمتحصلات الحكومية من الخدمات التى تقدمها القنصليات بالخارج بتراجع 7 % ودخل الإستثمار بالخارج بتراجع 5ر3 % ، ورغم اعتمادية ميزان المدفوعات المصرى منذ سنوات طويلة على ايرادات الخدمات لتعويض عجز الميزان التجارى المزمن ، فقد انخفض فائض ميزان الخدمات خلال الربع الأول من عهد الانقلاب العسكرى ، الى 136 مليون دولار مقابل 1 مليار و648 مليون دولار بالربع المقابل من العام السابق . الأمر الذى أدى الى انخفاض نسبة المتحصلات الخدمية الى المدفوعات الخدمية ، الى 104 % مقابل نسبة 143 % خلال الربع المقابل

وكذلك انخفاض نسبة فائض الميزان الخدمى الى عجز الميزان التجارى ، الى نسبة 2 % مقابل نسبة 25 % بالربع المقابل . ولم يعلن البنك المركزى بعد عن أداء الربع الثانى لميزان المدفوعات أى لأشهر اكتوبر ونوفمبر وديسمبر ، إلا أن بيانات وزارة السياحة قد أشارت الى نقص عدد السياح خلال تلك الشهور ، حيث انخفض عدد السياح خلال اكتوبر بتراجع 52 % وفى نوفمبر بنسبة 39 % وخلال ديسمبر بنسبة 31 % . كما انخفض عدد الليالى السياحية خلال اكتوبر بتراجع 70 % ، وفى نوفمبر بنسبة 66 % وخلال ديسمبر بنسبة 63 % بما يشير لاستمرار نقص الايرادات السياحية ، كما أشار الجهاز المركزى للاحصاء الى تراجع حصيلة الصادرات خلال شهر اكتوبر بالمقارنة لنفس الشهر من العام السابق . العامل الثانى : تراجع أرصدة الودائع بالعملات الأجنبية بالبنوك ، خلال الشهور الأربعة من عهد الانقلاب العسكرى بأكثر من 11 مليار جنيه ، بعد تقويم الأرصدة بالجنيه رغم أنه يتم اضافة قيمة الفائدة على أرصدة الودائع السابقة تلقائيا ، وبما يشير الى أن حجم النقص بالأرصدة الأصلية أكبر من الأرقام المذكورة
 وارتبط ذلك بانخفاض نسبة الودائع بالعملات الأجنبية الى اجمالى الودائع بالبنوك الى أقل من 20 % فى اكتوبر الماضى وهى أقل نسبة منذ عدة سنوات ، والمعروف أن أسعار الفائدة على الودائع بالعملات الأجنبية تقل كثيرا عن معدل الفائدة على الودائع بالعملة المحلية . حيث تقل الفائدة بالنسبة للودائع الدولارية حول نسبة الربع بالمائة ، وأقل من ذلك للودائع باليورو ، وأكثر من ذلك قليلا للودائع بالجنية الاسترلينى ، ولكنها لا تصل حتى لنسبة النصف بالمائة . وقد أدى نقص الودائع بالعملات الأجنبية الى ، تراجع أرصدة القروض بالعملات الأجنبية بالبنوك ، خلال الشهور الأربعة الأولى للانقلاب ، وهى آخر بيانات معلنة من البنك المركزى ، العامل الثالث : تراجع أرصدة صافى الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفى خلال أشهر أغسطس وسبتمبر واكتوبر ،
 وهى آخر بيانات معلنة من قبل البنك المركزى ، وشمل الانخفاض تلك الأرصدة سواء بالبنك المركزى أو بالبنوك الأخرى . وارتبط بذلك تراجع عدد وقيمة التحويلات بالعملات الأجنبية عبر عمليات الانتربنك الدولارى بشكل ملحوظ ، حتى بلغت قيمة تلك التحويلات خلال شهر اكتوبر الماضى 388 مليون دولار خلال 338 عملية تحويل ، مقابل 3 مليار و797 مليون دولار للتحويلات للانتربنك بالعملات الأجنبية خلال نفس الشهر من العام السابق خلال 1057 عملية . العامل الرابع : استنزاف احتياطى العملات الأجنبية بالبنك المركزى ، فإذا كان الرئيس محمد مرسى قد ترك احتياطيات بلغت 14 مليار و936 مليار دولار بنهاية يونيو الماضى ، فقد بلغت أرصدة تلك الاحتياطيات بنهاية يناير الماضى 17 مليار و105 مليون دولار ، لتبلغ الزيادة بالاحتياطى بعد سبعة أشهر من الانقلاب العسكرى 2 مليار و169 مليون دولار . رغم تصريح رئيس وزراء حكومة الانقلاب بوصول 7 مليار دولار من دول الخليج الثلاثة : الامارات والسعودية والكويت خلال الربع الأول من عمر الانقلاب ، الى جانب وصول مواد بترولية وبترول خام بنحو 4 مليار دولار كمنحة من تلك الدول الثلاثة ، والتى كان سيتم دفع قيمتها فى حالة عدم ورودها من تلك الدول . وحسب بيان رئيس وزراء الانقلاب فإن السبع مليارات من الدولارات الواردة فى صورة نقدية من دول الخليج الثلاثة ، منها 1 مليار فقط من الامارات كمنحة ، والباقى فى صورة ودائع ، مما يعنى أن تلك المليارات الستة سيتم اضافتها للدين الأجنبى ، الذى بلغ بنهاية سبتمبر الماضى 47 مليار دولار ، بزيادة حوالى أربع مليارات من الدولارات خلال الشهور الثلاثة الأولى من عمر الانقلاب ، بعد دفع مستحقات قطرية . وكانت هناك اتصالات وزيارات مع تلك الدول الخليجية منذ شهر اكتوبر الماضى ، لتحديد حجم المعونات البترولية والمالية الجديدة ، إلا أنه وحتى بدايات شهر فبراير لم يتم الاعلان من قبل تلك الدول عن أرقام محددة سواء فى صورة منح أو ودائع أو قروض . واذا كان صافى الاحتياطيات من العملات الأجنبية قد زاد فى مجمله خلال فترة الانقلاب العسكرى ، فإن هذا الاحتياطى مكون من أرصدة شبه ثابتة ، تمثل الذهب ووحدات حقوق السحب الخاصة وقروض لصندوق النقد الدولى ، بالإضافة الى العملات الأجنبية . وفى نوفمبر الماضى سجل رصيد العملات الأجنبية باعتباره المكون الأكبر بالإحتياطيات ، أقل رصيد منذ بداية الانقلاب ، لينخفض من 15 مليار و122 مليون دولار بالشهر الأول للانقلاب ، الى 13 مليار و870 مليون دولار بالشهر الخامس للانقلاب . العامل الخامس : اقتصار تمويل البنوك لاستيراد السلع الأساسية والمواد الخام ، مما يشير الى الصعوبات التى تواجه الشركات لاستيراد قطع الغيار والسلع الوسيطة والمعمرة ، مما يدفعها للجوء الى شركات الصرافة لتدبير احتياجاتها من النقد الأجنبى . ورغم قيام البنك المركزى بإغلاق عدد من شركات الصرافة لفترات محدودة ، إلا ذلك يعنى مواجهة عرض المرض وليس جوهره ، والمتمثل فى نقص العرض من العملات الأجنبية بالمقارنة للطلب المتزايد عليها ، كما أن تلك الشركات لها زبائنها دائمى التعامل معها ، وتستطيع التعامل معهم خارج مقارها . والمعروف أن الطلب على العملات الأجنبية ينقسم الى ثلاثة أنواع وهى : الطلب المعتاد والطلب للاحتياط والطلب للمضاربة ، والطلب المعتاد هو الخاص باستيراد السلع والخدمات وسداد أقساط وفوائد الدين الأجنبى ، ومن الواضح أن البنوك لا توفى سوى جزء من ذلك الطلب المعتاد . والنوع الثانى وهو الطلب للاحتياط حيث يحتفظ كثير من الشركات والأفراد بالعملات الأجنبية ، خشية ارتفاع سعرها ولمواجهة احتياجاتهم منها بالمستقبل ، أما النوع الثالث والخاص بالمضاربة فهو يسعى للاستفادة من فروق الأسعار المتزايدة خاصة وقت الأزمات ،
 وبالتالى فإنه يتسبب فى الأزمة ويستفيد من استفحالها . ويدخل فى ذلك الطلب على العملات الأجنبية لاستيراد السلع غير المشروعة ، مثل استيراد السلاح والمخدرات والسلع المهربة عبر الحدود ، وهو نوع من الطلب يقبل بالأسعار العالية بسوق الصرف الموازى ، حيث أن مكاسبه ضخمة ويمكنها تعويض ذلك الفارق بسهولة . - وهكذا تتعدد الآثار السلبية لارتفاع سعر العملات الأجنبية والتى تمثل على الجانب الآخر تراجعا لقيمة الجنية المصرى ، مما يزيد من قيمة الواردات السلعية والخدمية ، حيث يصبح مطلوبا دفع عدد أكثر من الجنيهات لاستيراد نفس السلعة والمعدة حتى فى حالة ثبات سعرها بالخارج . فما بالنا بزيادة أسعار سلع عديدة يتم استيرادها ، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم فى دول الاتحاد الأوربى مؤخرا والذى يعد صاحب النصيب الأكبر من الواردات المصرية . وكذلك زيادة تكلفة تمويل الواردات فى ضوء تراجع التصنيف الائتمانى لمصر ، وزيادة هامش التأمين على الواردات المصرية فى ضوء انخفاض التصنيف الائتمانى وزيادة المخاطر ، فى بلد يعانى من انقلاب عسكرى وفوضى وانفلات أمنى ومجازر دموية واعتقالات للخصوم السياسيين . كما يؤدى تراجع قيمة الجنيه وارتفاع تكلفة الواردات الى زيادة تكلفة سلع البطاقات التموينية ، وبالتالى زيادة الدعم السلعى ، مما يزيد من عجز الموازنة وصعوبة تخصيص موارد للاستثمارات الحكومية ، وبالتالى زيادة الدين المحلى والخارجى . وذلك مع موازنة مصابة بالعجز المزمن . حيث بلغت قيمة العجز بها بالعام المالى 2012 / 2013 ، نحو 240 مليار جنيه بنسبة 7ر13 % من الناتج المحلى الاجمالى ، بينما تعتبر دول الاتحاد الأوربى الحد المقبول للعجز بالموازنة 3 % فقط . - وهكذا يشير اضطراب الأوضاع الداخلية الى صعوبة مساهمة السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر حاليا فى زيادة الموارد من النقد الأجنبى ، واقتصار العلاقات الدولية على ثلاث دول خليجية فقط ، الى صعوبة الحصول على تمويل خارجى ضخم يزيد من المعروض من العملات الأجنبية . حتى فى حالة عودة المعونات الأمريكية فإنها تدور حول 250 مليون دولار فقط ، كذلك تنخفض قيمة المعونات الأوربية ، أيضا ما زال الاتفاق على قرض من صندوق النقد الدولى يواجه صعوبات
 كذلك تركيز البنك المركزى حاليا على الحفاظ على قيمة الاحتياطى من العملات الأجنبية وتقليله من ضخ العملات للسوق لسد العجز به ، وحرصه فى نفس الوقت على استقرار سعر الصرف الرسمى الذى يقل عن السبع جنيهات ، مما يعنى توقع استمرار نقص العملات الأجنبية ، واستمرار السوق السوداء للصرف الأجنبى