محمد السروجي
المصاب كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معان ، ضحايا بالعشرات وجرحى بالمئات وخسائر اقتصادية بالمليارات في الجولة الأولى لموقعة إستاد بور سعيد ، هذا هو المشهد الأول وليس الوحيد على ساحة الأحداث ، مشاهد أخرى لا تقل ألماً ولا قسوة ولا خسارة لكنها مغيبة بقصد أو دون قصد ، اعتداءات على عدد غير قليل من مؤسسات الدولة "مصلحة الضرائب ، أقسام الشرطة ومديريات الأمن" أحداث جسام وضحايا كثر صاروا يكفرون بالثورة والثوار والنخبة والإعلام وإن طال الوقت فربما يكفرون بأنفسهم ، أحداث جسام فرضت مُناخاً عاماً من الابتزاز تاهت فيه الحقائق والحقوق بقصد أو دون قصد ، أحداث اختلطت فيها الأوراق ، من أراد ترتيبها أو مجرد الاقتراب منها وصم بعداوته للثورة والثوار وربما وصف بأنه من الفلول ، لكن تبقى أمانة الكلمة وواجب النصح فرض شرعي ومسئولية وطنية نحاسب عليها أمام الله وأمام التاريخ
المسكوت عنه في مصر الثورة كثير ومنه :
** المزايدات التي احترفها البعض من قِـوى الشباب الدخلاء على خط الثورة ، وبقايا الكيانات المتهالكة والأفكار المندثرة التي تجاوزها الزمن والتاريخ ولفظها الشعب في الانتخابات الأخيرة ، وبعض الإعلاميين كهنة معبد النظام البائد الذين سرعان ما تحولوا إلى أبطال ومناضلين وثوار ، الجميع ارتدى قمصان الشهداء وتقدموا الصفوف يرفعون مطالب شبه متفق عليها ليفرضوا مطالب أخرى مختلف فيها ، همّـهم الأوحد استعادة أجواء ثورة 25 يناير 2011 لنبقى في أجواء الفورة المستمرة التي لا تدعو لبناء ولا نهوض لكن تدعوا دائماً لإسقاط مؤسسات الدولة وتخريبها ونهبها "المتحف المصري – المجمع العلمي - مصلحة الضرائب " فضلاً عن التشكيك في شرعية أول مجلس شعب مُـنتخب في تاريخ المصريين
** حملات التشويه والتشكيك والإقصاء التي يمارسها فصيل من الثوار والثورجية ضد جماعة الإخوان الفصيل الرئيسي في التاريخ الحديث للنضال الوطني المصري وفي ثورة 25 يناير بخلفيات متعددة "راجع ما تم ضد منصة الإخوان يوم 26 يناير الماضي من هتافات عدائية وإشارات غير أخلاقية"
** الانحياز وعدم العدالة " الدخلاء والبلطجية الذين يحملون السلاح ويحرقون المنشآت و يقذفون بزجاجات الملوتوف يوصفون بأنه شباب معذور ومحتقن ، والجندي الذي يمارس واجبه في الدفاع عن وحدته أو موقعه، يوصف بأنه قاتل يجب القصاص منه فورا ، والناشط السياسي الذي يسب ويلعن ويرفع الحذاء ويشير بإشارات غير أخلاقية بل يدعو لممارسات غير أخلاقية يُحتفى به وتستقبله الفضائيات"
** التواطؤ الإعلامي لبعض الفضائيات بالبث الفوري والمباشر وبطريقة غير مهنية ولا بريئة لأحداث الشغب والفوضى والاعتداء التي تقودها فرق الفوضى والبلطجة في ميادين وشوارع مصر ، بث أصاب عموم المصريين بحالة من اليأس والإحباط وفقدان الأمل والثقة في كل شئ حتى أنفسهم
** التهوين المتعمد لأداء مجلس الشعب الوليد في مناخ فوضوي ، رغم قوة القرارات وسرعة التعاطي "الاتهام الجنائي لوزير الداخلية وعدد من القيادات التنفيذية وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر – التعديل التشريعي لقانون محاسبة الوزراء وهو ما قد يودي برقبة مبارك للمشنقة – لجنة فورية لتقصي الحقائق – قرارات جريئة للجنة الدفاع والأمن القومي " ، إلا أن تصفية الحسابات واختلاف الأجندات مازال هو الحاكم بديلاً عن العقل والحكمة والمصلحة الوطنية
** ترويع وتفزيع الآمنين بإشعال النيران حول ميدان بالكامل"ميدان سموحة بالإسكندرية" وحصار من ألسنة اللهب لآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ ، حالات من الفوضى المتعمدة والاعتداء الآثم على محلات شارع الإبراهيمية وتكسير السيارات والاعتداء على المارة فضلاً عن حصار لآلاف السكان في شوارع القصر العيني ومحمد محمود والمنصور والفلكي ، حصار لا يقل سوءً وظلما وضرراً عن حصار شعب غزة مع الفارق في الأطراف المتنازعة
** روابط المشجعين للأندية التي احترفت مؤخّـرا الفعل السياسي من زاوية التعامل مع وزارة الداخلية من منظور الثأر والانتقام وتصفية الحسابات ، سواء في الملاعب أو الميادين، كما أنها المسئولة عن حالة الشحن الشعبي ضد الفِـرق المُـنافسة ومشجِّـعيها، وهي المتورطة مباشرة في حوادث تخريب الملاعب وإشعال النيران أثناء اللعب، فضلاً عن عدم التزام القانون ونشر الفوضى وترسيخ القيم السلبية من التباغض والتشاحن والتلاسن
** التهديد الأمريكي للوفد العسكري المصري، الموجود حالياً فى واشنطن أن المساعدات العسكرية " 1,3مليار دولار خمس ميزانية مصر العسكرية" ستبقى معلقة حتى توقف الحكومة المصرية حملتها ضد منظمات المجتمع المدني "400 منظمة يتم التحقيق معها بسبب التمويل الخارجي، وأن شرط حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي سيكون صعبا ما لم تتوقف مصر عن مضايقة هذه المنظمات
خلاصة الطرح .... كشف المسكوت عنه بما يناسب طبيعة المرحلة واجب شرعي ومسئولية وطنية نؤديه برفق مهما كانت النتائج والتبعات
ــــــــــ
مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية

