حددت المحكمة الإدارية العليا جلسة اليوم الاثنين لنظر دعوى قضائية اختصمت قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ورئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي، وطالبت بوقف عملية انتخابات مجلس النواب بنظاميها «القائمة والفردي»، وعدم الاعتداد بنتائج الانتخابات البرلمانية الجارية لدورة 2025 – 2030، إلى جانب حل مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات، ورد جميع المبالغ التي سددها المرشحون للمشاركة في العملية الانتخابية.

 

دعوى عاجلة بوقف الانتخابات وإلغاء نتائجها

 

وجاءت الدعوى، التي أُرفقت بها صورة إيصال إيداعها الرسمي، مقيدة أمام المحكمة الإدارية العليا، ومقدمة من المحامين علي الفيل وأحمد محمد عبد الرحيم، المحاميين بالنقض والدستورية والإدارية العليا، بصفتهما طاعنين في الدعوى. وطالب مقدماها في عريضتها الدائرة المختصة بالمحكمة، أصليًا واحتياطيًا وبصفة مستعجلة، بإلغاء قرار رئيس الجمهورية السلبي بالامتناع عن إصدار قراره الدستوري بوقف العملية الانتخابية لمجلس النواب بنظاميها، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.

 

وأوضحت الدعوى أن استمرار العملية الانتخابية، رغم ما وصفه الطاعنان بمخالفات جسيمة شابت إجراءاتها، يستوجب تدخلاً قضائيًا عاجلاً حفاظًا على النظام الدستوري ومبدأ سيادة القانون. وطالبت بعدم الاعتداد بكافة النتائج التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات بشأن انتخابات مجلس النواب لدورة 2025 – 2030، وعدم استكمال ما تبقى من مراحلها، مع إنهاء انتداب مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات وتوجيه الشكر لهم.

 

رد أموال المرشحين وتشكيل لجنة تحقيق رئاسية

 

وشملت طلبات الدعوى إلزام جهة الإدارة برد جميع المبالغ التي قام المرشحون بسدادها، باعتبار أن العملية الانتخابية، وفق ما ورد في الطعن، جرت في إطار يفتقد المشروعية الدستورية. كما تضمنت الدعوى طلبًا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية، وتضم عناصر قضائية مدنية إلى جانب قضاة من القضاء العسكري، للتحقيق في الوقائع والمخالفات التي شابت العملية الانتخابية.

 

وأشار مقدما الدعوى إلى أن ما نُسب من مخالفات، حال ثبوته، قد يشكل خطرًا مباشرًا على النظام الجمهوري الدستوري ومقومات الدولة المدنية، الأمر الذي يستوجب تحقيقًا موسعًا ومحايدًا تحت إشراف رئاسي مباشر، لضمان الشفافية وحماية الشرعية الدستورية.

 

استفتاء شعبي وقانون موحد للديمقراطية

 

وفي سابقة لافتة، طالبت الدعوى بإجراء استفتاء شعبي على مد عمل مجلس النواب عن دورته 2020 – 2025 لمدة عام كامل، استنادًا إلى القياس على المادة (137) من الدستور، معتبرة أن الدستور لم ينظم الحالة الراهنة بشكل صريح. واعتبر مقدما الدعوى أن هذا الإجراء يمثل حلًا انتقاليًا لتفادي فراغ تشريعي محتمل، إلى حين إعادة تنظيم العملية الديمقراطية بصورة شاملة.

 

كما طالبت الدعوى بتشكيل لجنة عاجلة تضم قامات من فقهاء القانون الدستوري، ومحامين، وشخصيات عامة سياسية وطنية غير منتمية لأي من الأحزاب القائمة، تتولى إعداد تصور متكامل لقانون موحد للممارسات الديمقراطية. ويشمل هذا القانون، وفق نص الدعوى، تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وحق التظاهر والإضراب والجرائم المرتبطة بهما، وتنظيم الأحزاب السياسية، وانتخابات رئاسة الجمهورية، ومجلسي النواب والشيوخ، والمجالس المحلية، إضافة إلى قواعد تقسيم الدوائر وتسكين اللجان، وتنظيم عمل الهيئة الوطنية للانتخابات، وآليات الطعن والتقاضي على القرارات الانتخابية أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض.

 

وطالبت الدعوى بأن تنتهي اللجنة من إعداد تصورها خلال مدة أقصاها تسعة أشهر، تخصص الأشهر الثلاثة الأولى منها لتلقي مقترحات الجهات والهيئات والكيانات القانونية والشعبية، على أن يُعرض المشروع لاحقًا على رئاسة مجلس النواب قبل انتهاء العام المقترح، وبمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل انتهاء دورة مجلس النواب 2025 – 2030.

 

واختُتمت الدعوى بطلب تنفيذ الحكم بمسودته ودون حاجة إلى إعلان، مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات وأتعاب المحاماة. ومن المقرر أن تنظر المحكمة الإدارية العليا الدعوى في جلسة الاثنين 29 ديسمبر 2025، وسط ترقب قانوني وسياسي واسع لما قد تسفر عنه، في ظل حساسية المطالب المطروحة وارتباطها المباشر بمسار العملية الانتخابية والهيئات المنظمة لها.

 

ساحة صراع خفية بين الأجهزة الأمنية

 

وفي وقت سابق، اعتبر "الاشتراكيون الثوريون" أن هذه الانتخابات، التي يُفترض، حتى دستوريًا، أن تُجسّد الإرادة الشعبية، تحوّلت إلى ساحة صراع خفية على المقاعد الفردية في معظم الدوائر، تتصارع فيها أجهزة أمنية مختلفة خلف الكواليس. تتعامل هذه الأجهزة مع المقاعد النيابية كغنائم تُوزّع على الموالين للنظام وشبكات مصالحهم، بينما يبقى الشعب المصري مجرد متفرج على مسرحية سياسية لا تعكس إرادته ولا تُمثّل تطلعاته.

 

وقالوا إن هذا التنافس تجلى في تبادل الاتهامات العلنية عبر وسائل الإعلام التابعة لكل جهاز، وفي استخدام أساليب غير قانونية للتأثير على النتائج.

 

وفي العديد من الدوائر الانتخابية، شهد الناخبون عمليات شراء صارخة للأصوات، وتزويراً صارخًا، وقيودًا على المرشحين المتنافسين، وحتى العنف المسلح في بعض الحالات، وخاصة في صعيد مصر، كما أشار "الاشتراكيون الثوريون".

 

ورصدوا غيابًا شبه تام لأي معارضة في المشهد الانتخابي، حيث تنافست أحزاب تحالف دعم مصر، ومستقبل وطن، والشعب الجمهوري، وحماة الوطن، والجبهة الوطنية، كلٌّ منها مرتبط بأجهزة أمنية مختلفة، على المقاعد الفردية. وكشفت المعركة عن الانقسامات العميقة في المصالح والشبكات داخل مؤسسات الدولة.

 

وأوضح "الاشتراكيون الثوريون" أن هذه الانقسامات قائمة داخل شبكات النفوذ والولاء والمحسوبية، لكنها لا تعكس أي انقسام في دعمها المطلق للسيسي. ستتحد هذه الكيانات جميعها في البرلمان في نهاية المطاف عندما يحين دورها الحقيقي: تعديل الدستور لتمديد فترات الرئاسة وضمان استمرار السيسي ونظامه لما بعد عام 2030.