كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الحكومة الإسرائيلية دخلت في مفاوضات مكثفة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحصول على ما يُعرف بـ"مكتوب جانبي" أو مذكرة تفاهم تضمن لإسرائيل حرية مواصلة عملياتها العسكرية في قطاع غزة دون التعرّض لأي عقوبات محتملة من الأمم المتحدة، في حال صدور قرار دولي بشأن نشر قوة دولية في القطاع.
يأتي ذلك بينما تستعد واشنطن لطرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن خلال الأيام القليلة المقبلة، يتضمن إنشاء قوة "إنفاذ" دولية تعمل داخل غزة لمدة عامين قابلة للتمديد، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار القائم منذ العاشر من أكتوبر الماضي بين الاحتلال وحركة حماس. وتعدّ هذه القوة أحد البنود الأساسية ضمن خطة الرئيس ترامب لتسوية النزاع، والتي تتضمن نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وتشكيل قوة شرطة فلسطينية جديدة بإشراف دولي.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية مطلعة، فإن المفاوضات التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مع واشنطن تهدف إلى ضمان أن لا يحد القرار الأممي من قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات عسكرية مستقبلية داخل القطاع، خصوصاً إذا أخفقت القوة الدولية المقترحة في تحقيق هدفها المعلن بنزع سلاح حركة حماس.
المصادر ذاتها أوضحت أن تل أبيب تريد من واشنطن إدراج تعهد صريح في المذكرة الأمريكية يتيح للجيش الإسرائيلي "التحرك بحرية كاملة" في حال عودة التهديدات من غزة، أو في حال فشل القوة الدولية في منع إعادة تسليح الفصائل الفلسطينية. كما تطالب إسرائيل بتوضيح النطاق الزمني والجغرافي لحرية حركتها العسكرية والأمنية بما يضمن لها السيطرة الميدانية الكاملة على الحدود مع القطاع.
وتشير يديعوت أحرونوت إلى أن هذه الخطوة تشبه إلى حد كبير ما حدث بعد حرب لبنان عام 2006، حين منحت الولايات المتحدة إسرائيل مذكرة جانبية أتاحت لها هامشاً واسعاً للتحرك ضد حزب الله رغم صدور القرار الأممي بوقف إطلاق النار. إلا أن هذا السيناريو يثير حالياً خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها، خاصة داخل أوساط اليمين المتشدد.
وزراء من حزب "الصهيونية الدينية" أبدوا اعتراضهم على سير المفاوضات مع الأمريكيين، مؤكدين أن الملف لم يُطرح للنقاش في المجلس الوزاري المصغر، فيما يخشى شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني من أن تؤدي القرارات الدولية المقبلة إلى تقييد يد الجيش الإسرائيلي أو منح القوة الدولية صلاحيات ميدانية قد تنتقص من السيادة الإسرائيلية داخل غزة أو على حدودها.
ووفقاً للتقديرات السياسية التي أوردتها الصحيفة، فإن نتنياهو يسعى عبر هذه المذكرة إلى تفادي أزمة داخلية في الائتلاف الحاكم، خاصة أن بعض الوزراء يرون أن أي التزام أمام الأمم المتحدة من دون ضمانات أمريكية صريحة قد يُفسر كتنازل سياسي. كما يعتبر نتنياهو أن الحصول على "مكتوب جانبي" من واشنطن سيشكل مظلة قانونية وسياسية تتيح له تجاوز أي مساءلة دولية في حال خالفت إسرائيل نص القرار الأممي المرتقب.
وفي ختام تقريرها، أشارت الصحيفة إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض التعليق على الأنباء المتعلقة بالمفاوضات، مكتفياً بالقول في بيان مقتضب: "لا تعليق"، ما يعكس حساسية الملف الذي يرتبط بشكل مباشر بمستقبل الوجود الإسرائيلي في غزة بعد أي تسوية سياسية أو عسكرية قادمة.

