فجّرت شركة وبريات سمنود للغزل والنسيج حالة من الغضب داخل صفوف عمالها، بعدما طبقت قرار رفع الحد الأدنى البالغ 7 آلاف جنيه على فئة محدودة من موظفي الإدارة ومشرفي الأقسام، بينما استُثني غالبية العمال من هذا الإجراء، وفق ما كشفه عمال بالشركة.

ووفق عاملين تحدثا بشرط عدم كشف هويتهم خوفًا من التعسف الإداري، فإن إدارة الشركة، برئاسة سعد الدين عبد ربه، قررت بصمت زيادة رواتب نحو 30 موظفًا ومشرفًا بالإدارة إلى 7 آلاف جنيه، دون إخطار رسمي أو إعلان داخلي، وهو ما كشفته لاحقًا صور مسربة من كشوف الرواتب.

ويأتي ذلك رغم القرار الصادر عن المجلس القومي للأجور في فبراير الماضي، برفع الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص إلى 7000 جنيه بدءًا من مارس، مع إلزام جميع الشركات، بما فيها المتعثرة، بتطبيق القرار دون استثناءات.
 

عدالة غائبة
   قالت عاملة بالشركة: "بقالي 20 سنة شغالة هنا، مرتبي 3500 جنيه، واللي مرتباتهم زادت مكملوش 6 سنين، وما بيشتغلوش أكتر مننا ولا بينتجوا زينا، دول بس قريبين من رئيس الشركة"، وأضاف عامل آخر أن "التمييز ده سبب احتقان كبير في المصنع، خاصة بعد ما اتأكدنا من الكشوف اللي اتسربت".

وأظهرت مستندات نشرتها دار الخدمات النقابية والعمالية على صفحتها في فيسبوك، إيصالين لرواتب عاملين بالشركة تجاوزا 7 آلاف جنيه، أحدهما بـ7050 جنيه والآخر بـ7200 جنيه، ما يدحض مزاعم الشركة حول عدم القدرة على الوفاء بالحد الأدنى.
 

دار الخدمات: انتهاك واضح للعدالة
   وصفت دار الخدمات النقابية والعمالية القرار بأنه "تمييز فج" يضرب مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في مقتل، معتبرة أن ما جرى يُعد خرقًا صريحًا للكتاب الدوري الصادر عن المجلس القومي للأجور، ويهدد استقرار بيئة العمل.

وحملت الدار إدارة الشركة "المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأزمات"، مطالبة بالتطبيق الفوري والعادل للحد الأدنى على جميع العاملين دون تمييز، ووقف كافة أشكال القمع الإداري والمالي ضد العمال.
كما دعت وزيرة الاستثمار ورئيسة المجلس القومي للأجور رانيا المشاط إلى التدخل العاجل لوقف التجاوزات وتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية.
 

خلفية مشحونة.. إضراب واعتقالات
   القضية الحالية تأتي على خلفية توتر مزمن داخل الشركة، إذ سبق أن دخل عمال وبريات سمنود في إضراب مفتوح يوم 18 أغسطس 2024 استمر 35 يومًا للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى، قبل أن يُجبروا على فضه تحت التهديد بالفصل والاعتقال.

وفي 25 أغسطس ألقت الشرطة القبض على 10 من عمال الشركة، بينهم القيادي العمالي هشام البنا، ووجهت لهم النيابة اتهامات "بالتحريض على الإضراب وقلب نظام الحكم"، ضمن القضية رقم 7648 لسنة 2024 إداري سمنود، وجرى حبسهم 15 يومًا.

لاحقًا، أخلت محكمة مستأنف المحلة سبيل 7 من المعتقلين، بينما استمر حبس البنا حتى أُطلق سراحه فجأة في 9 سبتمبر قبل موعد تجديد حبسه بيومين، في تطور فُهم على نطاق واسع كمحاولة لتهدئة الأجواء دون تغيير في السياسات.
 

أزمة أوسع من شركة
   قضية "وبريات سمنود" تعكس أزمة أوسع في سوق العمل، حيث تُطبق قوانين الحد الأدنى للأجور بشكل انتقائي، وتُمنح الامتيازات بناءً على الولاء الإداري لا الأداء والإنتاجية، في وقت يتصاعد فيه الغلاء وتتآكل القدرة الشرائية لمعظم الطبقات العاملة.