تتواصل يومياً في مصر مغادرة الحافلات التي تقل لاجئين سودانيين عائدين إلى ديارهم، خاصة بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على مناطق واسعة من قوات الدعم السريع، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.

عودة اللاجئين السودانيين تبشّر بالاستقرار في السودان، لكنها تُهدد في الوقت ذاته سوق العقارات في مصر، الذي شهد طفرة كبيرة نتيجة تزايد الطلب منذ اندلاع الحرب الأهلية السودانية في أبريل 2023.

قال عادل الأسواني، وسيط عقاري من محافظة الجيزة، لـ"العربي الجديد"، إن السوق العقارية المحلية أصيبت بالشلل نتيجة لانخفاض الطلب بشكل كبير، مشيراً إلى اختفاء العملاء بصورة غامضة.

وصل عدد السودانيين الذين لجؤوا إلى مصر بسبب الحرب إلى نحو 1.5 مليون شخص وفقاً لتقديرات الحكومة المصرية. هذا التدفق رفع الطلب على السكن وأدى إلى قفزات كبيرة في الإيجارات وأسعار الشقق، وصلت إلى 500٪ في بعض الحالات.

إلا أن عودة اللاجئين السودانيين أدت إلى تراجع هذا الزخم، خاصة مع تزايد النجاحات العسكرية للجيش السوداني وطرد قوات الدعم السريع من المدن واحدة تلو الأخرى. وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، عاد نحو 156 ألف لاجئ سوداني، منهم 50 ألفاً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط.

انطلقت الحافلات من مختلف مناطق مصر، حاملة لاجئين يتوقون للعودة إلى منازلهم في المناطق التي أعيدت السيطرة عليها.

مخاوف من انفجار الفقاعة العقارية

انضم اللاجئون السودانيون إلى ملايين الأجانب الذين يقيمون في مصر هرباً من الحروب في دولهم. وتستضيف مصر حالياً نحو 9 ملايين لاجئ من دول عربية وأفريقية مضطربة، حسب المنظمة الدولية للهجرة.

هؤلاء اللاجئون يعيشون وسط المدن المصرية وليسوا في مخيمات، ما ساهم في تنشيط الثقافة المحلية، لا سيما في مجال الطعام. كما أن سوق العقارات كانت أحد أبرز القطاعات التي استفادت من تدفق اللاجئين، نظراً لارتفاع الطلب على الوحدات السكنية.

لكن مع بدء المغادرة، هناك مخاوف من انفجار "فقاعة" عقارية، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي في هذا القطاع.

مصطفى كمال، موظف حكومي في الأربعينات من عمره، يمتلك شقة في حي فيصل بالجيزة، وهو من المناطق التي جذبت أعداداً كبيرة من اللاجئين السودانيين بسبب انخفاض أسعار الإيجارات.
رفع كمال إيجار شقته من 2000 جنيه إلى 8000 جنيه شهرياً بعد زيادة الطلب، واستأجرها سودانيون بهذا السعر. لكن المستأجرين غادروا قبل شهرين، ويعرض الآن شقته للبيع دون أن يتلقّى عروضاً مناسبة.
قال كمال إن شقته كانت تُقدّر بـ1.5 مليون جنيه منذ سبعة أشهر، لكنه خفض السعر إلى 1.3 مليون جنيه دون جدوى.

يرى البعض أن الانخفاض التدريجي في أسعار الفائدة – نتيجة تراجع التضخم – قد ينعش السوق مرة أخرى ويوفر بعض الأمل للملاك.

بصيص أمل للمستأجرين الفقراء؟

مع تراجع الطلب على السكن، بدأت الإيجارات تنخفض، ما قد يتيح فرصة للسكان المحليين الذين عانوا من غلاء الأسعار.

عصام رسلان، ميكانيكي سيارات وأب لثلاثة أطفال، اضطر لترك شقته في حي حلوان جنوبي القاهرة العام الماضي بعد أن رفع مالكها الإيجار من 1500 إلى 6000 جنيه شهرياً.
يقول رسلان إن هذه الزيادة الكبيرة تزامنت مع موجة قدوم اللاجئين السودانيين إلى منطقته. ويأمل الآن أن يعود لاستئجار شقة بسعر معقول بعد مغادرتهم.

يرى رسلان أن انخفاض الإقبال على الوحدات السكنية يعني نهاية الارتفاع غير المبرر في الأسعار، وهو ما يعد تطوراً إيجابياً لشريحة واسعة من محدودي الدخل في مصر.

https://www.newarab.com/news/egypts-property-market-dips-sudanese-refugees-return-home