أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنها لم تعد تملك أي مواد غذائية لتوزيعها على سكان قطاع غزة، في وقت وصل فيه الوضع الإنساني إلى ما وصفه مسؤول أممي بأنه "مستوى ما بعد الكارثة".
وقال عدنان أبو حسنة، الناطق باسم الأونروا، إن الوكالة التي كانت تحتفظ بأكبر مخزون غذائي في القطاع، باتت عاجزة تمامًا عن توفير أي مساعدات لما يزيد على 2.3 مليون فلسطيني محاصرين.
وأضاف أبو حسنة بمرارة: "ليس لدينا ما نقوم بتوزيعه على أهالي غزة. الحياة تنفد هنا"، محذرًا من أن السلع القليلة المتوفرة لدى القطاع الخاص باتت بأسعار خيالية، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 1400%، مما يجعل الغذاء بعيد المنال عن الغالبية الساحقة من السكان، الذين يعتمد أكثر من 90% منهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
انهيار صحي شامل وانتشار للأوبئة
الوضع لا يقتصر على نقص الغذاء، إذ يشهد القطاع أيضًا انهيارًا شبه كامل للمنظومة الصحية. وأوضح أبو حسنة أن الأوضاع الصحية تتدهور بوتيرة متسارعة مع تفشي أمراض خطيرة جراء تلوث مياه الشرب وتعطل معظم محطات تحلية المياه والصرف الصحي.
وأشار إلى عودة أمراض منسية مثل التهاب الكبد الوبائي، والتهاب السحايا، والأمراض المعوية والصدرية، إضافة إلى ارتفاع أعداد الوفيات بين مرضى السرطان والكلى والقلب الذين يموتون بصمت، في ظل غياب الرعاية الطبية وانعدام الإمكانيات.
وتحدث أبو حسنة عن نفاد الطحين بشكل كامل، موضحًا أن آخر 270 ألف كيس تم توزيعها قبل نحو شهرين، بينما يتواصل النقص الحاد في الغذاء، والدواء، والمياه، والكهرباء، بشكل يهدد بانهيار شامل لجميع مقومات الحياة في القطاع.
كما حذر من كارثة صحية إضافية بسبب استمرار منع دخول الأدوية ولقاحات الأطفال لأكثر من 50 يومًا، مما يعرض حياة مئات الآلاف من الأطفال لخطر الموت أو الإصابة بأمراض مزمنة.
استخدام المساعدات كسلاح تفاوضي
في سياق موازٍ، أدان أبو حسنة بشدة التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن صراحة عن منع دخول الغذاء والماء والوقود والكهرباء إلى غزة بغرض الضغط في ملف الأسرى.
ووصف أبو حسنة هذه السياسة بأنها "سابقة خطيرة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية"، مؤكدًا أن استخدام التجويع لتحقيق مكاسب سياسية يعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني وجريمة موثقة أمام أعين العالم.
وأكد أن المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، أطلق تحذيرات دولية من خطورة هذا النهج، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لفك الحصار الإنساني عن القطاع ومنع استخدام المساعدات كسلاح في الصراع السياسي.
نداء أخير للعالم
في ختام تصريحاته، وجه أبو حسنة نداءً إلى المجتمع الدولي قائلاً: "غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة. نحن بحاجة إلى تدخل عاجل، لا نملك وقتًا إضافيًا"، في إشارة إلى حجم المعاناة الذي أصبح يتجاوز حدود الكارثة ويهدد بإبادة جماعية صامتة بحق سكان القطاع.