أوعزت إسرائيل إلى سفرائها في دول العالم بعدم التوقيع على دفاتر التعازي الخاصة برحيل البابا فرنسيس في سفارات الفاتيكان، وذلك احتجاجًا على مواقفه الصريحة الرافضة للإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
هذا القرار، الذي كشفت عنه صحيفة "هآرتس" العبرية، يسلط الضوء على التوتر المتصاعد بين إسرائيل والفاتيكان منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.
فيما أصدرت إسرائيل توجيهات لبعثاتها الدبلوماسية في مختلف أنحاء العالم بحذف أي منشورات تعزية على حساباتها الرسمية، وهو ما تضمنه أيضًا أمر داخلي يمنع السفراء من التوقيع على دفاتر التعازي في سفارات الفاتيكان.
ويأتي هذا القرار بعد أيام من وفاة البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عامًا في دار القديسة مارتا في الفاتيكان، إثر تدهور حالته الصحية.
إلغاء التعزية الرسمية واتهامات بخلفية سياسية
وفقًا لصحيفة "هآرتس"، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية بررت حذف المنشورات المتعلقة بالتعازي بالقول إنه "تم نشر الرسالة بالخطأ"، بينما أشار بعض السفراء إلى أن هذا الإجراء قد يكون مرتبطًا بمواقف البابا المنتقدة للهجوم الإسرائيلي على غزة. في إطلالته الأخيرة، وصف البابا فرنسيس الحرب على غزة بأنها "تولد الموت والدمار"، وأدان الوضع الإنساني "المروع والمشين" في القطاع، كما دعا في خطاب ألقاه قبيل وفاته إلى "وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني".
التوترات الدبلوماسية.. دعوات للاعتذار وتعميق الخلاف
أدى الموقف الإسرائيلي إلى تصعيد التوترات الدبلوماسية مع الفاتيكان. بعض الدبلوماسيين الإسرائيليين أبدوا استياءهم من عدم إصدار الحكومة الإسرائيلية أي رسالة تعزية رسمية للكنيسة الكاثوليكية.
النائب الإسرائيلي المعارض جلعاد كاريف، الذي حضر قداسًا تذكاريًا للبابا في القدس، عبّر عن خجله من تصرف الحكومة الإسرائيلية، وأكد على ضرورة الاعتذار، قائلاً إنه جاء ليعبر عن تعازي الشعب الإسرائيلي.
فيما كتب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عبر منصات التواصل الاجتماعي معبرًا عن حزنه قائلاً: "أتقدم بأحر التعازي إلى العالم المسيحي، خاصةً للطوائف المسيحية في إسرائيل بفقدان أباهم الروحي العظيم".
غياب التمثيل الرسمي في الجنازة.. انقسام الدبلوماسية
ومن المقرر أن تقام جنازة البابا فرنسيس في ساحة كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان السبت المقبل، حيث سيحضرها عدد من قادة الدول ورؤساء الحكومات، في حين قررت إسرائيل إرسال سفيرها لدى الفاتيكان فقط، يارون سايدمان، ليكون ممثلها الوحيد في الحدث.
وفي مقارنة مع جنازة البابا يوحنا بولس الثاني في 2005، حيث حضر الرئيس الإسرائيلي ووزير الخارجية، فإن هذا القرار يعكس فتورًا دبلوماسيًا غير مسبوق.
مواقف البابا.. التضامن مع الفلسطينيين وخلفيات التوترات
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، اتخذ البابا فرنسيس موقفًا ثابتًا ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث وصف الوضع في غزة بـ "المخزي"، محذرًا من أن ما يحدث يحمل "سمات إبادة جماعية".
هذه التصريحات أثارت موجة من الغضب لدى المسؤولين الإسرائيليين، لكن في المقابل، اعتبر مؤيدو البابا أن مواقفه كانت تعبيرًا عن التزامه العميق بالسلمية والعدالة الإنسانية.