قال الصحفي البريطاني البارز ديفيد هيرست أن حركة حماس لن تنهار تحت وطأة المجازر الإسرائيلية أو الحصار الطويل، لأن المسألة، كما يراها، لم تعد محصورة بالحركة بقدر ما باتت تمس جوهر القضية الفلسطينية ذاتها.

وفي مقاله المنشور بموقع ميدل إيست آي، يوجّه هيرست انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهماً إياه بعدم فهم طبيعة عدوه، ومحذراً من وهم الانتصار العسكري على غزة.

خرافة الهروب بالمال: درس من الماضي لا ينطبق على الحاضر
يرفض هيرست الفرضية الإسرائيلية القائلة إن قيادة حماس قد تأخذ الأموال وتفر من غزة كما فعل بعض قادة فتح في السابق، مشيراً إلى أن هذه النظرة تكشف عن فقر عميق في الفهم الإسرائيلي للمشهد الفلسطيني المعاصر. وقال:

"الاعتقاد بأن حماس ستفعل كما فعل زعماء فتح ذات يوم، وبعد 18 شهراً من حرب إبادة شاملة وتجويع ممنهج، هو في حد ذاته شهادة على عجز نتنياهو عن فهم من يقاتله".

ويضيف: "مثلما غيّر انهيار الجيش الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر وجه إسرائيل إلى الأبد، فإن غزة – بصمودها ومأساتها – غيّرت وجه القضية الفلسطينية إلى الأبد، وباتت مضمارًا مقدسًا في الوعي العالمي".

العروض الإسرائيلية: استسلام مقنّع
يتناول هيرست ما يسميه "العرض الإسرائيلي الأخير"، الذي يتضمن إطلاق سراح الأسرى مقابل 45 يومًا من الغذاء والماء، على أن تتبعها مرحلة لنزع سلاح حماس، ويصفه بـ"وثيقة استسلام" مرفوضة: "من لا يفهم أن هذا العرض يعني استسلامًا كاملًا، لا يدرك حجم الرهانات ولا واقع الحركة المقاومة على الأرض".

ويؤكد أن مثل هذه العروض لن تلقى قبولاً لدى حماس أو أي فصيل فلسطيني يملك أدنى ارتباط بالشعب والقضية.

نتنياهو... عقبة أمام التسوية لا مفتاحها
يرى هيرست أن نتنياهو نفسه هو العائق الحقيقي أمام أي حل سياسي قابل للحياة، مشيراً إلى أن الأخير خرق مرتين اتفاقيات مع حماس كان يمكن أن تؤدي إلى تهدئة دائمة.

ويكشف: "في آخر اتفاق لوقف إطلاق النار، وافق نتنياهو على إطلاق سراح 33 رهينة، وكان من المفترض أن تبدأ مفاوضات حول المرحلة الثانية ووقف دائم للقتال. لكنه مزّق الاتفاق من جانب واحد، بمباركة من الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب، الذي ادعى لاحقًا أن الاتفاق إنجازه الخاص".

دوافع الحرب: بقاء سياسي لا أهداف استراتيجية
بحسب هيرست، فإن عودة إسرائيل للحرب لم تكن من أجل تحقيق أهداف عسكرية – فقد استُنفدت منذ وقت طويل – بل لإنقاذ الائتلاف الحاكم الذي يترأسه نتنياهو من الانهيار السياسي، تحديدًا عشية التصويت على الميزانية.

ويختم مقاله برسالة مفادها أن نتنياهو يُطيل أمد الحرب لتأمين بقائه السياسي، بينما يتحول الدم الفلسطيني إلى وسيلة انتخابية.