اجتاحت قوات الدعم السريع بقيادة عبد الرحيم دقلو، مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين بولاية شمال دارفور، مخلفة وراءها أكثر من 140 قتيلًا وعشرات الجرحى، بينهم أطفال ونساء، إلى جانب تصفيات جسدية استهدفت الكوادر الطبية وطلاب خلوات تحفيظ القرآن، وسط صمت دولي مطبق ومخاوف من ارتكاب جرائم تطهير عرقي جديدة.
مجزرة مخيم زمزم.. دماء تروي أرض النازحين
بدأت المجازر بهجوم وحشي نفذته قوات الدعم السريع، الجمعة، على مخيم زمزم الواقع جنوبي مدينة الفاشر، والذي يعد من أكبر تجمعات النازحين في السودان، ويأوي أكثر من 100 ألف شخص من الفارين من ويلات الحرب التي اندلعت قبل عام بين الجيش والدعم السريع.
وقال إبراهيم خاطر، المدير العام لوزارة الصحة في شمال دارفور، إن عدد القتلى تجاوز 100 شخص، مشيرًا إلى استخدام الطائرات المسيّرة ومدافع ثقيلة خلال الهجوم، فيما شاركت في الاجتياح قرابة 30 عربة قتالية مزودة بأسلحة متوسطة وثقيلة، إلى جانب مئات الجنود على متن دراجات نارية، في مشهد أقرب إلى عملية عسكرية مكتملة الأركان ضد مدنيين عزّل.
تصفية طبية وتطهير ممنهج
وتحدث شهود عيان وصحفيون محليون عن تصفيات جسدية استهدفت طواقم طبية بالكامل داخل المخيم، بينهم موظفون في منظمة "ريليف" الدولية وطبيب أثناء تأدية عمله، إلى جانب عشرات من حفظة القرآن الكريم وطلاب الخلاوي.
وأكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن قوات الدعم السريع نفذت عمليات قتل ممنهجة استهدفت المدنيين بلا تمييز، وسط انقطاع تام في شبكات الاتصالات مما حال دون التحقق الكامل من أعداد الضحايا.
استمرار القصف ونزوح جماعي
الهجمات لم تتوقف عند هذا الحد، فمع فجر السبت، جددت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي لمخيم زمزم، باستخدام راجمات بعيدة المدى، تزامنًا مع تقدم بري من المحورين الجنوبي والغربي.
وقالت مصادر ميدانية إن الاشتباكات لا تزال مستمرة، ما أدى إلى نزوح مئات الأسر من المخيم سيرًا على الأقدام نحو مناطق أكثر أمنًا.
مخيم أبو شوك في مرمى النار
لم يسلم مخيم أبو شوك الواقع شمالي الفاشر من العنف، إذ أعلنت غرفة الطوارئ فيه مقتل نحو 40 شخصًا وجرح المئات جراء قصف مدفعي مكثف شنته قوات الدعم السريع صباح اليوم ذاته.
ووصف حاكم إقليم دارفور ما يتعرض له المخيمان بأنه "إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية"، داعيًا الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى التدخل الفوري.
اتهامات سياسية ومخاوف من تغيير ديمغرافي
من جانبه، اتهم محمد آدم كش، القيادي بحركة جيش تحرير السودان - قيادة مناوي، قوات الدعم السريع بارتكاب عمليات قتل ذات طابع إثني وعرقي، شملت أطفالًا وكبار سن ونساء.
كما حمّل الحركتين المتحالفتين مع الدعم السريع، "تجمع قوى تحرير السودان" بقيادة الطاهر حجر و"المجلس الانتقالي" بقيادة الهادي إدريس، مسؤولية المشاركة في الهجوم، مشيرًا إلى وجود تحالف عسكري معلن بينها وبين قوات دقلو منذ توقيع اتفاق سياسي في نيروبي.
وأشار كش إلى أن الحديث عن منع المدنيين من مغادرة المخيم "مجرد فرية"، وأن السكان يرفضون مغادرة أراضيهم لإدراكهم بأن وراء الحملة خطة ممنهجة للتغيير الديمغرافي.
إدانات دولية وتداعيات في لاهاي
جاءت هذه التطورات في وقت حساس، إذ كان السودان قد رفع دعوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية في مارس الماضي، متهمًا إياها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، عبر تمويل وتسليح قوات الدعم السريع، وخصوصًا في الهجمات التي شهدتها مدينة الجنينة وأسفرت عن مقتل نحو 15 ألف شخص من قبيلة المساليت.
ورغم نفي الإمارات أمام المحكمة أي تدخل في النزاع، قدم السودان أدلة متعددة، منها تقرير أممي صدر في يناير الماضي، يثبت تورط أبوظبي في إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر تشاد.
السودانيون يواجهون الوفد الإماراتي في لاهاي
وفي مشهد لافت، طارد عشرات السودانيين الوفد الإماراتي خارج مبنى المحكمة في لاهاي، وهتفوا ضد دور أبوظبي في تسليح الدعم السريع والمشاركة في مأساة المدنيين.
مقاطع الفيديو التي وثقت الحادثة سرعان ما انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، معبرة عن غضب شعبي متصاعد.
كارثة إنسانية شاملة.. المجاعة تطرق أبواب المخيمات
وفي سياق متصل، أعلنت الأمم المتحدة أن السودان يشهد "أسوأ أزمة نزوح في العالم"، مع بلوغ عدد المحتاجين للمساعدة 30 مليون شخص، بينما يواجه 25 مليونًا خطر الجوع، بينهم خمسة ملايين طفل وأم يعانون من سوء التغذية الحاد.
كما حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، كليمنتاين نكويتا، من أن الوضع في مخيم زمزم "كارثي"، مع تدهور سريع في الأمن الغذائي وشح الإمدادات الطبية.
شاهد:
https://x.com/EastKordofan/status/1910780383869759898
https://www.facebook.com/share/p/18kLBfZru7
https://x.com/YASIR_MOS91/status/1910583149148483682