تعيش الأوساط الأكاديمية والطبية في مصر حالة من الجدل العميق إثر إعلان جامعة الأزهر دراسة إمكانية تدريس الطب والصيدلة باللغة العربية، وهي خطوة تباينت حولها الآراء بين مؤيد يرى فيها تعزيزًا للهوية اللغوية والثقافية، ومعارض يعتبرها عقبة أمام التطور العلمي والمهني.
 

أصل الجدل.. مقترح أم قرار؟
أثار الإعلان الذي صدر عن جامعة الأزهر عاصفة من النقاشات، حيث اعتبر البعض أن الجامعة اتخذت قرارًا رسميًا ببدء عملية التعريب، بينما أوضح بيان صادر عن الجامعة أن ما يجري حاليًا هو مجرد "دراسة اقتراح" في إطار جهود دورية لتطوير المناهج التعليمية.

محمد عماد، طالب السنة الأولى بكلية الطب بجامعة الأزهر، يعارض التعريب بشدة، معتبرًا أن اللغة الإنجليزية هي لغة الطب الحديثة، وأن التعريب لن يكون مناسبًا في ظل الاعتماد على المصادر والمراجع الغربية، في المقابل، يرى زميله أسامة أشرف أن التجارب مثل تركيا وإسرائيل أثبتت نجاح التعريب جزئيًا، ما يجعله فكرة قابلة للدراسة والتطوير.
 

مزايا التعريب وتحدياته
   الدكتور رضا رشدي، أستاذ الطب النفسي والرئيس السابق لقسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، أيد خطوة التعريب، مشيرًا إلى أن تدريس الطب باللغة العربية يسهل الفهم والاستيعاب، كما يعزز العلاقة بين الأطباء والمرضى الذين يتحدثون باللغة العربية.

في المقابل، أكد الدكتور سيد بركات، استشاري الأمراض الصدرية، أن التعريب يشكل "خطوة إلى الوراء"، محذرًا من أن الإنجليزية هي لغة الطب الدولية، وأن استبدالها بالعربية قد يُضعف قدرة الأطباء المصريين على الاندماج في الأوساط البحثية والمهنية العالمية، كما أشار إلى صعوبات ترجمة المصطلحات الطبية بدقة، ما قد يؤثر على جودة التعليم والتدريب.
 

نماذج وتجارب دولية
   يشير المؤيدون للتعريب إلى تجارب مثل سوريا وتركيا وإسرائيل، حيث تم إدخال التعليم الطبي بلغات محلية بنجاح متفاوت، ومع ذلك، يشكك المعارضون في إمكانية تحقيق نجاح مماثل في مصر، مشيرين إلى أن التجربة السورية لم تحقق نتائج مرضية، بينما نجحت تركيا وإسرائيل بسبب التحضير المبكر والاعتماد على البحث العلمي المكثف.
 

موقف البرلمان والمجتمع الأكاديمي
   على الصعيد السياسي، تقدم النائب أيمن أبو العلا بطلب إحاطة إلى مجلس النواب مطالبًا الحكومة بتوضيح موقفها من التعريب، مشددًا على أهمية إجراء حوار مجتمعي واسع قبل تنفيذ أي قرارات قد تؤثر على مستقبل التعليم الطبي في مصر.

من جهته، أعرب الأمين العام لمجمع اللغة العربية، الدكتور عبد الحميد مدكور، عن دعمه لمبادرة الأزهر، مشيرًا إلى أهمية التمهيد لها عبر الترجمة العلمية وتدريب الطلبة والأساتذة على المصطلحات الطبية باللغة العربية.