تشهد مدارس مصرية تحديات كبيرة فيما يخص الأطفال اللاجئين، حيث يواجه العديد منهم عقبات نفسية وتعليمية تعرقل اندماجهم في النظام التعليمي المصري، سواء بسبب التنمر من الزملاء أو المشاكل القانونية والإدارية التي تعيق حصولهم على التعليم.
أحد أبرز هذه القصص هي تجربة السيدة السورية عواطف محمد، التي تحدثت عن معاناة ابنها منير في التكيف مع زملائه المصريين بعد أن انتقلوا للعيش في مصر.
"بات أولادي يخشون التحدث بغير العامية المصرية في المدرسة حتى لا يسخر منهم التلاميذ"، هكذا بدأت عواطف حديثها حول تجربة ابنها الذي تعرض لمواقف مزعجة بسبب لهجته السورية، مثل عبارات "اتكلم لنا سوري" أو "بشار الأسد قتل أهلك"، مما أثر سلبًا على نفسيته وجعله يتجنب الحديث باللهجة السورية، ليكتسب العامية المصرية بدلًا منها حتى لا يتعرض للسخرية.
تقول عواطف: "أعلم أنهم أطفال ولا يدركون ما يفعلونه، ولكن تلك العبارات أثرت في نفسيته بشكل كبير"، مشيرة إلى أن ابنها تعرض لأزمة أكبر بعد مشاجرة مع أحد زملائه في المدرسة انتهت بكسر إصبع زميله، إلا أن المدرسة لم تتخذ أي إجراءات مع الطالب المعتدي، ومع مرور الوقت، أصبح منير يرفض الذهاب إلى المدرسة خوفًا من التعرض لأذى جديد.
صعوبات قانونية وتعليمية
تأتي معاناة الطلاب اللاجئين في مصر من جانب آخر بسبب تعقيدات قانونية في الحصول على حق التعليم. وفقًا لدراسة "الاحتياجات التعليمية للطلاب اللاجئين في المؤسسات التعليمية في مصر"، هناك عقبات كبيرة أمام الأطفال اللاجئين في الحصول على التعليم الحكومي المجاني، إذ يقتصر الحق في التعليم على بعض الاستثناءات للاجئين من سوريا واليمن، ما يزيد من معاناتهم.
وأوضح المحامي المتخصص في قضايا اللاجئين عصام حامد أن الأطفال اللاجئين يمكنهم الالتحاق بالمدارس المصرية بشرط حصولهم على بطاقة لجوء وجواز سفر ساري، وهي عملية قد تستغرق وقتًا طويلًا بسبب صعوبة تجديد الأوراق بسبب الضغط الكبير على مفوضية اللاجئين.
إغلاق المدارس السودانية
شهدت الأشهر الماضية إغلاق حكومة السيسي لعدد من المدارس السودانية التي كانت تقدم التعليم للأطفال اللاجئين السودانيين، بسبب عدم استيفائها للمتطلبات القانونية.
هذا القرار أثار أزمة كبيرة بين الجالية السودانية، الذين دفعوا رسومًا كبيرة للحصول على تعليم لأبنائهم في تلك المدارس، مما دفع وزارة التربية والتعليم المصرية إلى التشديد على ضرورة خضوع جميع مدارس اللاجئين للإشراف الكامل.
مبادرات مجتمعية
ومع ذلك، ظهرت مبادرات مجتمعية مثل "مبادرة روح" التي تأسست عام 2019 لتقديم مساعدات للاجئين، بما في ذلك الدعم الطبي والغذائي، بالإضافة إلى توفير خدمات تعليمية للأطفال اللاجئين، خصوصًا من السودان.
تقول مروة أزهري حجازي، منسقة المبادرة، إن المبادرة قدمت العديد من الخدمات للأطفال السودانيين، إلا أن قرار إغلاق المدارس السودانية فرض ضغطًا كبيرًا على المدارس المصرية التي تواجه صعوبة في قبول الطلاب بسبب الإجراءات القانونية المعقدة.
التنمر والعنصرية
إلى جانب التحديات القانونية والتعليمية، يعاني العديد من الأطفال اللاجئين من التنمر والعنصرية في المدارس.
إحدى القصص المؤلمة هي تجربة الطفل السوداني محمد الذي تعرض للسخرية بسبب لونه وشُبه بلقب "جيلبرتو"، في إشارة إلى لاعب كرة القدم الأفريقي.
وتقول والدته زينات نور الدين إن ابنها لم يفهم سبب التسمية في البداية، ولكنها هي التي تأثرت بشدة من هذه السخرية التي انتشرت بين زملاء ابنه في المدرسة.
وفي دراسة أكاديمية أشارت الباحثة سلمى حسني إلى أن الطلاب اللاجئين غالبًا ما يواجهون مواقف تنمر وعنف لفظي في المدارس بسبب مظهرهم الخارجي، ما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية ويزيد من معاناتهم في بيئة قد تكون غير داعمة لهم.
الواقع المرير
أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤخرًا تقريرًا يشير إلى أن عشرات الآلاف من أطفال اللاجئين في مصر باتوا خارج النظام التعليمي بسبب هذه العقبات، بما في ذلك التعقيدات البيروقراطية، والخوف من التعرض للتنمر والتحرش.

