ألقت كاتبة إسرائيلية الضوء على روايتين تشيران إلى أن الجيش الإسرائيلي طبق بروتوكول "هانيبال" بغلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي، داعية إلى تحقيق فوري في هذه الأحداث.
و"هانيبال" بروتوكول عسكري مثير للجدل يُنسَب استخدامه للجيش الإسرائيلي منذ اعتماده رسميا عام 2006، من خلال السماح للوحدات الميدانية بضرب الآسرين بالأسلحة الثقيلة حتى لو أدى ذلك لمقتل الأسرى الإسرائيليين، لمنعهم من مغادرة موقع الحدث رفقة أسرى.
البروتوكول عاد للواجهة بعد أسر فصائل فلسطينية بغزة العشرات، بينهم عسكريون برتب رفيعة في عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، وتعود أول صياغة له للعام 1986، لكن صحيفة "هآرتس" العبرية أشارت إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت ألغاه في يونيو 2016.
وتساءلت الكاتبة الإسرائيلية نوعا ليمون في مقال بصحيفة "هآرتس" عن ما إذا كانت إسرائيل "طبقت توجيه هانيبال في حادثة احتجاز رهائن إسرائيليين في كيبوتس (مستوطنة) بئيري في 7 أكتوبر الماضي".
وفي ذلك اليوم نفذ مئات المقاومين من حركة "حماس" هجومًا مفاجئًا على 22 بلدة و11 قاعدة عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة.
وكتبت ليمون: "روايات الناجين من حادثة احتجاز الرهائن في بئيري في 7 أكتوبر تعطي الانطباع بأن الجيش الإسرائيلي استخدم ما يسمى بتوجيه هانيبال مع الأشخاص الذين تحتجزهم حماس كرهائن داخل أحد المنازل في الكيبوتس".
وأشارت إلى أنه "عند تنفيذه، يسمح توجيه هانيبال للجيش بتعريض جندي للخطر لمنع اختطافه".
وأضافت: "وفقًا لتقرير في قناة أخبار 12 الإسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع حول وضع الرهائن في بئيري، فإنه بعد عدة ساعات من المعارك بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حماس، والتي شهدت استخدام أسلحة خفيفة مضادة للدبابات، خرج إرهابي من المبنى مع الرهينة ياسمين بورات وأطلق سراحها"، حسب وصفها.
وتابعت أن "بورات قالت إن الشرطة الخاصة لمكافحة الإرهاب استجوبتها بعد ذلك وأخبرتهم أن هناك حوالي 40 إرهابيًا و14 رهينة مدنية في المنزل"، وفق ما ورد في المقال.
ولفتت إلى أنه "في نهاية المطاف، وصل الجنرال باراك حيرام لتولي قيادة المنطقة، وعندما علق أحد الجنود على القتال قائلًا: يا باراك، هذا عار، أجاب: أعرف. وبعد ذلك أطلقت دبابة كانت متمركزة بالقرب من المنزل قذيفتين – إحداهما على الأرض والأخرى على السطح".
وقالت: "من بين الرهائن الـ14 الذين كانوا بالداخل، طفلان، لم تنجُ سوى هداس داغان، وقد ظهرت أول رواية عامة لبورات عن الحادث بعد يومين وتم التحقق منها لاحقًا من خلال داغان".
وتساءلت ليمون: "لماذا لا يُنظر إلى هاتين الروايتين، اللتين يبدو أنهما تقولان إن قواتنا أمطرت قذائف الدبابات ونيران أخرى على منزل كان فيه مدنيون إسرائيليون محتجزون كرهائن، على أنهما صادمتين؟ هناك 3 إجابات محتملة".
وتابعت: "الأولى، هي أنه نظرًا لعمق الحزن والغضب الذي سببته أحداث 7 أكتوبر، فليس هناك اهتمام كبير بمحاسبة أولئك الذين هبوا لإنقاذ ضحايا المذبحة".
وبيّنت أنه "حتى داغان، التي قُتل زوجها في الحادثة، تجنبت انتقاد منقذيها. وقالت: لقد ضحى الناس بحياتهم من أجل إنقاذنا، لا أستطيع إلا أن أشكر أولئك الذين كانوا هناك وقاتلوا من أجلي".
وأضافت: "الإجابة الثانية المحتملة هي الخوف من أن الاعتراف بما حدث إعلاميًا وبشكل عام بالحادثة لن يخدم إلا من ينكرون وقوع المجزرة (أحداث 7 أكتوبر) وغيرهم من الدعاة"، بحسب رأيها.
واعتبرت أن "هذه المنظمات سارعت إلى استغلال التقارير المتناقلة عن تعرض المدنيين للأذى عن طريق الخطأ بنيران غير مباشرة لمحاولة الادعاء بأن إسرائيل، وليس حماس، هي المسؤولة عن غالبية الوفيات بين المدنيين".
فيما رأت أن "الإجابة الثالثة هي الروح السائدة في الجيش والمجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، والتي ربما أثرت على عملية صنع القرار في الميدان وعلى المزاج العام".
وأوضحت أنه "على الرغم من أن توجيه هانيبال لا ينص على إمكانية قتل جندي لمنعه من الوقوع في أيدي العدو، إلا أن العديد من الضباط والجنود في الميدان يفسرونه بهذه الطريقة".
وأشارت ليمون إلى أنه "يجب أن نضيف إلى تلك القواعد الفضفاضة التي يطبقها الجيش الإسرائيلي بشأن إطلاق النار، والتي شهدنا عواقبها المأساوية في مقتل المدني الإسرائيلي يوفال دورون كيستلمان على يد جندي خارج الخدمة في موقع هجوم إرهابي" (الشهر الماضي بالقدس الغربية)"، والذي قتله لاعتقاده أنه "مسلح فلسطيني".
وقالت إن "التصورات في الجيش والمجتمع تغذي بعضها البعض بشكل تكافلي، وينبغي دراسة عواقبها".
لكن ليمون اعتبرت أنه "لا ينبغي أن نسمح للسببين الأولين أن يحولا دون إجراء فحص جدي للأحداث التي جرت في بئيري".
وأردفت: "يجب أن نحدد بالضبط ما حدث في ذلك اليوم، فهل كان هناك قرار بالقضاء على الإرهابيين حتى لو كان هناك خطر كبير بقتل الرهائن أيضًا؟ هل تم تطبيق توجيه هانيبال على المدنيين؟"، بحسب المقال.
وأضافت: "يجب إجراء تحقيق ومناقشة عامة الآن، بغض النظر عن مدى صعوبتها".
وخلصت ليمون إلى أنه "لا نستطيع أن ننتظر نهاية الحرب ـ وليس حين يظل 137 رهينة محتجزين في غزة، وحين تقاتل المؤسسة العسكرية بكل قوتها، ولا يلوح في الأفق أي اتفاق بشأن الرهائن".
وكشف تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، عن تصرف جنوده بشكل "مخالف" لتعليمات إطلاق النار، وقتلهم 3 محتجزين إسرائيليين كانوا يحملون "راية بيضاء" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
جاء ذلك في تحقيق للجيش الإسرائيلي نشرت تفاصيله وسائل إعلام عبرية، بينها "هيئة البث" الرسمية وإذاعة الجيش الإسرائيلي.
ووفق إحصاءات إسرائيلية قتلت "حماس" خلال هجومها في 7 أكتوبر الماضي على مستوطنات ونقاط عسكرية في غلاف غزة نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت نحو 239 بادلت العشرات منهم خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة خلّفت حتى الجمعة 18 ألفا و800 شهيد و51 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.

