بين برد الشتاء القارس، وتساقط الأمطار الغزيرة، وقلة الماء الغذاء، واستمرار العدوان الإسرائيلي على المدنيين، وعيش أكثر من مليون شخص داخل الخيام، تتفاقم حياة النازحين في جنوب غزة، وتتقاذفهم المحن من هنا وهناك، آملين في نصر قريب يزيح عنهم التعب والمعاناة، ويشفي صدورهم من عدوان الصهاينة على أرواحهم وبيوتهم وأراضيهم.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن كثيرًا من المناطق في قطاع غزة غمرتها المياه، مما زاد من صعوبة أوضاع النازحين الذين توجه أكثر من نصفهم إلى رفح في الجنوب طلبًا للأمان، إلا أن جنوب القطاع لم يسلم أيضًا من غارات الجيش الإسرائيلي واجتياحه البري.

وتكتظ ملاجئ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بشكل كبير إذ يقيم بها أعداد تفوق بمقدار 9 مرات قدرتها الاستيعابية، ويعيش الكثيرون في الخلاء حيث يتعرضون لظروف الطقس الصعبة أو في أماكن إيواء غير مجهزة.

 

معاناة من البرد والجوع

ويعيش مئات الآلاف من النازحين في خيام من البلاستيك مقامة على أرضية رملية، تغرق مع أول تساقط للأمطار؛ ما يجعلها غير صالحة للحياة تمامًا، وفق نازحين.

يقول سليمان حويلة، وهو نازح من شمال قطاع غزة إلى أحد مراكز الإيواء بالمحافظة الوسطى: "نعيش داخل خيمة فيها أكثر من 12 شخصًا، معظمهم من الأطفال، في ظروف معيشية غاية في السوء، وزاد تساقط الأمطار تلك الظروف سوءًا، حيث دخلت المياه إلى الخيمة، وغمرتها تمامًا؛ ما جعلها غير صالحة للنوم أو العيش".

ويضيف حويلة: "رضينا بالهم والهم ما رضي فينا"، كناية عن ازدياد الأوضاع سوءًا، فقد "قمت بإنشاء الخيمة على حسابي الخاص، وبالكاد استطعت أن أوفر ثمنها، ومع هطول مياه الأمطار بالأمس تبللت جميع ملابسنا والأغطية والفراش، الأمر الذي سيحرمنا من النوم عدة أيام لحين تجفيفها"، وفقًا لـ"إرم نيوز".

وزاد: "لم يعد باستطاعتي كربّ أسرة التحمل أكثر في ظل هذه الظروف القاسية، حيث هناك معاناة في كل شيء، معاناة في توفير الدقيق لعمل الخبز، ومعاناة في توفير مياه للشرب، ومعاناة في استلام مساعدة غذائية من داخل مركز الإيواء، ومعاناة في توفير حطب لإشعال النار".

وأردف حويلة: "المعاناة وصلت لأن نقف أكثر من ساعة لقضاء حاجتنا في حمام عام، يتزاحم عليه مئات الأشخاص في وقتٍ واحد".

من جانبه، قال الطفل عمر الأشرم، وهو نازح من مدينة غزة في مركز إيواء بمدينة دير البلح: "الحياة قاسية جدًا، فقد جعلتني أتمنى عدم سقوط الأمطار حتى لا تغرق خيمتنا بالمياه، ونصبح بعد ذلك بلا مأوى أنا وعائلتي".

وأضاف الطفل عُمر: "لقد تعرض منزلنا في حي الشجاعية للقصف بالكامل، ولم يعد لدينا سوى هذه الخيمة التي امتلأ داخلها بمياه الأمطار، وأعتقد أننا سنمكث فيها وقتًا طويلًا إلى حين بناء منزل جديد لنا، حيث أنني منذ الأمس لم أجد مكانًا للنوم بسبب تبلل الأغطية والفراش، وستأخذ عدة أيام حتى تجف وتصبح صالحة للنوم".

 

أمراض معدية

ومع الفيضانات وتراكم النفايات، تؤدي تلك الظروف إلى انتشار الحشرات والبعوض والفئران، مما يسفر عن تفاقم مخاطر انتشار الأمراض.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وثّقت 360 ألف حالة إصابة بأمراض معدية في الملاجئ، علمًا أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى من ذلك، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت من كارثة صحية عامة في قطاع غزة ومن انتشار الأمراض الفتاكة والأوبئة بين سكانه، كما اعترفت وكالة إغاثة تابعة لها بأن سكان غزة يواجهون القصف والحرمان والأمراض والجوع “في مساحة تتقلص باستمرار”.

وقال رئيس قسم الأطفال الدكتور أحمد الفرا “العديد من الحالات تأتي بحالات جفاف شديدة منها ما يصل إلى حد الفشل الكلوي أو ضعف أداء الكلى”.

وأضاف أنه كان هناك بالفعل ما يصل إلى 30 من حالات التهاب الكبد الوبائي “أ”، الذي تصل فترة حضانة الفيروس فيه إلى شهر.

وتابع “سنفاجأ بعد شهر بأعداد مهولة من التهاب الكبد، وهذا مؤشر خطير جدًا وسببه الازدحام السكاني وتناول الأطعمة غير الصالحة، والاستخدام المشترك للحمامات”.