يتساءل كثير من الناس عن القبة الحديدية الإسرائيلية، ولماذا فشلت في مواجهة عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب القسام على الرغم من الفارق الضخم في القدرات والإمكانات؟ وهل يدل ذلك على خلل استخباراتي كبير في تل أبيب؟
فكرة القبة الحديدية الإسرائيلية
بدأت فكرة القبة الحديدية الإسرائيلية بهدف اعتراض صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى التي أطلق حزب الله اللبناني العديد منها على إسرائيل خلال حرب عام 2006، وبالفعل تم إنشاء القبة الحديدية في فبراير 2007 بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية.
الهدف من القبة الحديدية الإسرائيلية
تستخدم القبة الحديدية لحماية المناطق السكانية الإسرائيلية من الصواريخ والقذائف التي تطلق من قطاع غزة. يتم نشر القبة الحديدية في مواقع مختلفة حول إسرائيل، ويتم تشغيلها من قبل الجيش الإسرائيلي، وبالفعل كانت القبة الحديدية عنصرًا مهمًا في السياسة الإسرائيلية منذ دخولها الخدمة، ويُنظر إليها على أنها أداة مهمة لحماية الإسرائيليين من الصواريخ والقذائف التي تطلق من قطاع غزة.
ما القبة الحديدية؟
والقبة الحديدية عبارة عن منظومة للدفاع الصاروخي في إسرائيل، لكنها مشروع مشترك مع وزارة الدفاع الأمريكية، ولا تسمح الاتفاقية بين الطرفين ببيع النظام إلى دولة ثالثة بدون موافقة مشتركة، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
ـ صممت القبة الحديدية لإطلاق الكثير من النيران للتعامل مع الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية الثقيلة، وقد طورته شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، ودخل الخدمة في عام 2011. وتحتوي البطارية الواحدة على 8 قاذفات، تحوي الواحدة 20 صاروخًا معترضًا، التي يكلف كل واحد منها ما لا يقل عن 50 ألف دولار، أي أن القاذفة الواحدة بحاجة إلى صواريخ اعتراضية عشرات الآلاف من الدولارات، وكانت الكلفة الباهظة أحد أهم الانتقادات الموجهة للمنظومة، ويمكن إطلاق صواريخ متعددة في وقت واحد.
ـ تعمل القبة الحديدية في مختلف الظروف والأحوال الجوية، وتشمل المنظومة عربة للتحرك يسهل نقلها من مكان إلى آخر، وتعتمد في عملها على جهاز رادار ونظام تعقب جوي وبطارية تحوي على 8 قاذفات صواريخ.
ـ يبلغ الحد الأدنى لمدى القبة الحديدية 4.5 كيلومترات من أجل اعتراض الصواريخ التي تشكل تهديدًا، مما يعني صعوبة في اعتراض الصواريخ في المدى القصير.
شكل القبة الحديدية الإسرائيلية
تتكون منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية من ثلاث مكونات رئيسة:
1 - رادار لاكتشاف الصواريخ والقذائف.
2 - نظام توجيه يحدد مسار الصواريخ والقذائف ويوجه صواريخ الاعتراض نحوها.
3 - صواريخ اعتراض لتدمير الأهداف.
مواصفات القبة الحديدية الإسرائيلية
تتكون كل بطارية من القبة الحديدية من رادار كشف وتتبع، ونظام تحكم بالإطلاق، وثلاث قاذفات صواريخ، وتبلغ مدة إطلاق صاروخ الاعتراض من القبة الحديدية حوالي 10 ثوانٍ، وتبلغ أبعاد القبة الحديدية حوالي 10 أمتار عرضًا و5 أمتار ارتفاعًا، وتزن كل وحدة إطلاق صواريخ حوالي 100 طن.
يتكون رادار القبة الحديدية من أربع هوائيات، تقع اثنتان منها على جانبي النظام، والاثنتان الأخريان في الأعلى، يقوم الرادار باكتشاف الصواريخ والقذائف القادمة من مسافة تصل إلى 70 كيلومترًا، ويتكون نظام توجيه القبة الحديدية من كمبيوتر يحدد مسار الصواريخ والقذائف ويوجه صواريخ الاعتراض نحوها.
تتكون صواريخ الاعتراض من القبة الحديدية من رأس حربي شديد الانفجار مصمم لتدمير الأهداف، وتبلغ سرعة صاروخ الاعتراض حوالي 2.7 كيلومتر في الثانية.
تسمية القبة الحديدية
وفقا للكولونيل الذي قام بمشروع إنشاء القبة الحديدية الإسرائيلية، بدأ التفكير في اسم القبة الحديدية باسم "مضاد القسام"، ثم تم اقتراح اسم Tamir كاسم للصواريخ اختصارًا للصواريخ الاعتراضية، وبعدها تم اقتراح اسم القبة الذهبية، ومع الإحساس بانه اسم مبالغ فيه، تم اختيار اسم القبة الحديدية لتشير إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي.
صاروخ القبة الحديدية
تستخدم القبة الحديدية صاروخا يسمى تامير لاعتراض الصواريخ والقذائف، يبلغ طول الصاروخ حوالي 3 أمتار ويزن حوالي 90 كيلوجرامًا، ويحتوي الصاروخ على رأس حربي شديد الانفجار مصمم لتدمير الهدف.
ـ يتم إطلاق الصاروخ المعترض إذا كانت الصواريخ المهددة ستسقط فوق مناطق مأهولة بالسكن وقرب مناطق سكنية ومواقع إستراتيجية، إذ زعم الجيش الإسرائيلي بأن القبة الحديدية تمكنت من اعتراض 80% من الصواريخ التي تشكل تهديدًا وتسقط داخل المناطق المأهولة.
تكلفة القبة الحديدية الإسرائيلية
بلغت تكلفة تطوير القبة الحديدية حوالي 210 مليون دولار، وتبلغ تكلفة كل صاروخ اعتراض حوالي 100 ألف دولار، وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة منظومة القبة الحديدة الإسرائيلية إلا أن هناك انتقادات عسكرية بشأن فعاليتها، أبرزها:
- عدم القدرة على التعامل مع قذائف الهاون من عيار 120 ملم وما دون ذلك.
- عدم القدرة على تدمير الصواريخ التي تقل مسافتها عن 4 كم.
أماكن القبة الحديدية الإسرائيلية
نُشر نظام القبة الحديدية عام 2011 بالقرب من قطاع غزة، وتم لاحقًا نشر بطاريات أخرى منه قرب مدينتي عسقلان وأشدود، وجنوب تل أبيب وقرب مدينة نتيفوت الواقعة على مسافة 20 كيلومترًا من حدود غزة.
لماذا فشلت القبة الحديدية الإسرائيلية في اعتراض صواريخ القسام؟
تزايدت عمليات البحث عن القبة الحديدية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، بعد إطلاق كتائب القسام عملية طوفان الأقصى، وقد أطلقت من خلالها 5000 صاروخ في اليوم الأول من الهجوم، ولم تتعامل القبة الحديدية وفقا للخبراء العسكريون إلا مع 1500 صاروخ فقط، وهو ما أرجعه الخبراء لهذه التحليلات:
نقطة التشبع
إطلاق حماس آلاف الصواريخ في اللحظة الواحدة تسبب في إحداث ما يسمى عسكريًا بـ "نقطة التشبع"، أي أن عدد الصواريخ يفوق قدرة الاعتراض الخاصة بالمنظومة.
إطلاق الصواريخ في أماكن مزدحمة
استخدام كتائب القسام خلال طوفان الأقصى تقنيات جديدة في إطلاق الصواريخ، مثل إطلاقها من أماكن مزدحمة أو إطلاقها بشكل متفرق، مما جعل من الصعب على القبة الحديدية اعتراضها.
إنهاك المنظومة
استمرار المواجهة أدى إلى "إنهاك للمنظومة"، إضافة إلى زيادة طاقة التشغيل وعدم وجود الوقت الكافي لإعادة وضع صواريخ جديدة برؤوس المنظومة.
فشل استخباراتي
وفي المقابل رأي محللون آخرون أن القبة الحديدية الإسرائيلية لم تفشل في التعامل مع طوفان الأقصى، ولكنها لم تُستغل بشكل صحيح، ووصف الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان ما حدث في إسرائيل بـ الفشل الاستخباراتي.

