يقول خبراء فلسطينيون إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يستثمر الحرب على قطاع غزة لتنفيذ مشروعه الاستعماري الذي من شأنه إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد.

ويقول الخبراء في أحاديث منفصلة، إن نتنياهو يسعى لعقد تحالفات وتطبيع مع الدول العربية على حساب القضية الفلسطينية، وتهجير جزء كبير من سكان قطاع غزة إلى مصر.

وتعد فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" حجر العثرة أمام المشروع الصهيوني.

وكان نتنياهو، قال الإثنين، إن الحرب على قطاع غزة "ستستغرق وقتًا"، وتوعد "بتغيير منطقة الشرق الأوسط".

والسبت أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، ردًا على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".

في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية" ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من 2.2 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار صهيوني متواصل منذ 2006.

ومنذ بدء العملية وبحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الخميس، فقد بلغ إجمالي ما وصل لمستشفيات قطاع غزة حتى اللحظة جراء العدوان 1354 شهيدًا و6049 جريحًا بإصابات مختلفة.

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، اليوم الأربعاء، أن أكثر من 340 ألف شخص في قطاع غزة قد نزحوا من منازلهم، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ خمسة أيام، والعدد مرشح للارتفاع.

وأعلنت وسائل إعلام الاحتلال أن أكثر من 1200 إسرائيلي قتلوا في العملية التي نفذتها حركة حماس في غلاف غزة، إضافة إلى أكثر من 3000 جريح بينهم 340 حالتهم خطرة، و23 موت سريري، في حين تشير التقديرات لوجود عشرات الأسرى، ومئات المفقودين.

 

تهجير غزة إلى سيناء

مدير مركز يبوس للدراسات، سليمان بشارات، يقول إن شرق أوسط جديد عبارة يجب التوقف عندها في خطاب نتنياهو الذي يترافق مع تشاورت مع قادة دول أوروبيين، والتحرك الأمريكي العسكري من خلال حاملة الطائرات.

ويضيف في تصريحات لوكالة "الأناضول": "الرؤية الإسرائيلية الأمريكية ومحاولة استغلال الفرصة في تنفيذ مخطط سعت له إسرائيل وأمريكا منذ زمن بعيد وهو إعادة رسم الشرق الأوسط الجديد، والذي يتمثل في جزء منه تهجير جزء كبير من سكان قطاع غزة إلى سيناء عبر اشتداد وتكثيف القصف وتشديد الحصار ومنع وصول المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية للقطاع لدفع السكان للهجرة".

ويشير إلى أن هذا المخطط يهدف إلى تحقيق مفهوم البعد الجغرافي للفلسطينيين عن مستوطنات غلاف غزة وبالتالي تأمينها مستقبلاً.

كما ويهدف المخطط إلى إضعاف أو تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية التي عملت على تعزيزها خلال السنوات الماضية، وفق المتحدث.

ويرى بشارات أن إسرائيل أمام خيارين، الأول الاستمرار بضرب الأهداف داخل قطاع غزة عبر الطائرات، والثاني الدخول في حرب برية، معتبرًا أن الحرب ما تزال في بدايتها بحسب المعطيات.

 

إنجاز مشروع التطبيع

بدوره يرى المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، أن "نتنياهو يسعى لرسم خارطة شرق أوسط جديد عبر إنجاز مشروع التطبيع مع الدول العربية وترك القضية الفلسطينية وراء الظهر بدون حل وإبقاء الفلسطينيين تحت واقع الاحتلال".

ويقول البرغوثي، إن "نتنياهو يرى في فصائل المقاومة بغزة حجر عثرة أمام هذا المشروع وقد حان الوقت لكي يزيح هذه العقبة لتحقيق مشروعه وضمان أمن إسرائيل".

و"يسعى نتنياهو لأن تصبح إسرائيل ركنًا أساسيًا في المنطقة دون أن يقول لها أحد: لا"، وفق المتحدث.

وبشأن تطورات العملية العسكرية في قطاع غزة يرى البرغوثي أن المستويات العسكرية والسياسية في إسرائيل تتساءل بشأن العملية البرية وقدرة الجيش على تحقيق مكاسب في ظل تطور أدوات المقاومة والخشية من مفاجآت على الأرض قد تكبد الجيش خسائر.

ولفت إلى أنه من الصعب حسم اتجاه إسرائيل بهذه الناحية حتى الآن.

وتتحسب إسرائيل بحسب البرغوثي من فتح جبهات جديدة في المنطقة كجبهة لبنان الشمالية مع "حزب الله"، الأمر الذي سيخفف عن قطاع غزة ويغير المعادلة التي تسعى إسرائيل لتطبيقها.

 

حل سياسي شامل

بدوره يقول أحمد رفيق عوض، الخبير السياسي الفلسطيني، إن السيناريوهات كلها مفتوحة في التوتر المتصاعد في قطاع غزة، وإن لأي حرب نتائج وتغير إستراتيجي.

ويضيف، أن إسرائيل تسعى لقذف قطاع غزة إلى مصر عبر هجرة جديدة إلى صحراء سيناء، وجعلها مسؤولية عربية بعيدة عن إسرائيل، وفقًا لـ"الأناضول".

ورغم صعوبة ذلك يقول عوض، إنه "ربما تفتح أيضًا جبهات جديدة ويتم إسقاط دول وتغيير ديمجرافي، وأيضًا قد يكون هناك العكس قد تُجبر إسرائيل على التسوية ويكون هناك دولة فلسطينية".

ويرى الخبير أنه من الممكن أن يكون ما بعد الحرب تسوية سياسية لأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيبقى مرتبطًا بحل سياسي شامل.

وفي حال طول عمر الحرب توقع الخبير الفلسطيني خروج الشعوب العربية للشوارع الأمر الذي سيصيب مصالح الأنظمة التي ستجبر على اتخاذ مواقف رسمية تجاه الصراع والحرب.