قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، في تقرير لها إن حملة الاعتقالات التي تشنها سلطات الانقلاب على صناع المحتوى الذين تنتشر نتاجاتهم على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حتى لو كان هذا المحتوى غير سياسي، "جزء من حملة قمع على حريات التعبير.
وأضافت الصحيفة، أنه في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية متصاعدة وتزايد الضغط الشعبي على الحكومة، تسعى السلطات إلى إقناع المصريين الذين لديهم عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي بـ"الانصياع لخط الحكومة"، من خلال فرض الصوت الواحد.
وتابعت الصحيفة أنه في هذا السياق، يقول الصحفي المصري المعارض، وليد عباس، إن الاعتقالات التي تطال نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي "ليست ظاهرة جديدة وإنما بدأت مع وصول السيسي إلى الرئاسة"، وذلك وتحديدا باستخدام اتهامات مثل "نشر أخبار كاذبة والانضمام لمنظمات إرهابية".
ووينوه الصحفي، أن من المستحيل تقنيا فرض الصوت الواحد أو الهيمنة على شبكات التواصل الاجتماعي ولكن الأجهزة الأمنية، تستمر في ملاحقة المؤثرين عليها بهدف تحجيم حجم المعارضة على الشبكة.
وبحسب الفاينانشيال تايمز، بدأ العديد من المصريين في التشكيك في طريقة إدارة الأزمة الاقتصادية الحادة بالبلاد، مع تفاقم معدلات التضخم وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار تسبب في معاناة فئات واسعة من المصريين في الحصول على المواد الغذائية الأساسية.
في هذا الجانب، يقول عباس، إن من الصعب اليوم "صرف الأنظار عن الأزمة الاقتصادية الحادة والعميقة، بأي طريقة"، مشيرا إلى أن "المسعى المستحيل" الذي تطمح إليه سلطات البلاد، يبقى "تغليب وجهة النظر الرسمية على تحليلات مختلفة للأزمة".
ويورد الناشط المصري أن عجز الإعلام الحكومي عن التسويق للنظام "يبرز في انصراف الجمهور عنها وفي انتقادات رئيس الدولة لهذا الإعلام، مع بروز دور شبكات التواصل الاجتماعي وظهور أعداد كبيرة ومتزايدة ممن يعبرون عن آرائهم، وغالبيتهم ضد سياسات النظام".
ويشير عباس إلى أن هذه المنصات أصبحت "أداة الإعلام الحقيقية للمصريين"، وهو ما برز في انتقادات حادة وجهها إعلاميون مقربون من السلطة لشبكات التواصل الاجتماعي.
وتطالب عدد من المؤسسات الحقوقية المصرية بإغلاق القضايا التي يتابع فيها تضم عدد كبير من الصحفيين واليوتيوبرز وصناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتشابه فيها لائحة الاتهامات، رغم اختلاف ملابسات التحقيق معهم.
و الشهر الماضي، نشر صانع المحتوى المصري، محمد حسام الدين، مقطع فيديو ساخر، شاهده أكثر من 7.5 مليون متابع على فيسبوك، بعدها بأيام قليلة، اعتقلته السلطات، مع أربعة أشخاص آخرين شاركوا معه في الفيديو، بتهمة "الإرهاب"، على الرغم من حقيقة أن الفيديو لا يتضمن أي رسالة سياسية صريحة.
ويظهر مقطع الفيديو الذي يحمل عنوان "الزيارة"، امرأة تزور خطيبها في السجن بعد اعتقاله، ويتبادل الثنائي المزاح مع العديد من الشخصيات الأخرى بما في ذلك أحد حراس السجن.
وتقوم صانعة المحتوى بسمة حجازي، التي يتجاوز عدد متابعيها على تطبيق تيك توك 200 ألف متابع، بدور المرأة ويلعب محمد حسام الدين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على فيسبوك، دور السجين.
ونُشر الفيديو ومدته ثلاث دقائق في 13 يناير وتجاوز عدد مشاهداته سبعة ملايين مشاهدة على فيسبوك.
وقال مختار منير، وهو محامي اثنين من صناع المحتوى المعتقلين لرويترز، إن المحتجزين يواجهون تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويل جماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار كاذبة واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض ارتكاب جريمة من الجرائم الإرهابية".
ورُفعت قضايا أخرى ضد صناع محتوى ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك مقاطع فيديو تتناول مواضيع حساسة مثل الظروف المعيشية أو تلك التي ترى السلطات أنها "تنتهك القيم الاجتماعية المحافظة".

