مع توقف العدوان الإسرائيلي، بدأ الفلسطينيون في قطاع غزة معاينة منازلهم والدمار الذي لحق بها نتيجة للقصف الإسرائيلي العنيف الذي طاولها خلال الأيام الثلاثة، والتي شهدت استخدام الاحتلال الغارات القوية والمركزة.

ورغم أن الحرب لم تدم أكثر من 56 ساعة، إلا أنها أدت لإحداث دمار جزئي أو كلي في مئات المنازل، إلى جانب تضرر واضح في بعض البنية التحتية المتهالكة أصلًا بفعل غياب المشاريع التنموية والحروب الإسرائيلية.

وعمد الاحتلال خلال هذه الحرب إلى استخدام قوة جوية مركزة وعنيفة بهدف إحداث أكبر ضرر ممكن للمنازل والبيوت السكنية المستهدفة، ما تسبب في تهالك الوحدات السكنية التي تعرضت لأضرار جزئية كونها ملاصقة للمنازل المدمرة كليًا.

إحصائيات رسمية للمنازل المدمرة

يقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة ناجي سرحان، حول الآثار المبدئية للعدوان، إن 18 وحدة سكنية دمرت بشكلٍ كامل و71 وحدة سكنية دمرت بشكل جزئي بليغ وأصبحت غير صالحة للسكن، بالإضافة إلى 1675 وحدة سكنية تضررت.

ويوضح سرحان أن قيمة هذه الأضرار المباشرة الناتجة عن الدمار الإسرائيلي لها والقصف المباشر تصل إلى 5 ملايين دولار أميركي، بالإضافة إلى أضرار غير مباشرة سيجرى حصرها خلال الأيام المقبلة.

ووفق وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، فإنهم سيعملون على إضافة هذه الوحدات السكنية المدمرة إلى ملف إعادة الإعمار الخاص بالوحدات السكنية المدمرة خلال عدوان عام 2021 والحروب التي سبقتها ولم يُستكمل إعمارها.

ويشير إلى أن إجمالي ما أنجز من الحرب السابقة عام 2021 لا يتجاوز 40% فقط من البيوت المدمرة البالغ عددها 1700 وحدة ومنزل، وما يوجد له تمويل أو أنجز حتى الآن لا يتجاوز 800 وحدة سكنية فقط وهو ما يعكس حالة التباطؤ، وفقًا لـ"العربي الجديد".

ارتفاع فاتورة إعادة الإعمار

وبحسب وزارة الأشغال في غزة، فإن هناك 1300 وحدة سكنية دمرت في الحروب الإسرائيلية السابقة على القطاع لم يُعد إعمارها نتيجة لعدم وجود تمويل خاص بها من قبل الدول المانحة، وتحتاج إلى عملية إعادة إعمار.

وتبلغ قيمة المبالغ المالية التي يحتاجها الفلسطينيون من أجل إتمام عملية بناء ما دمره الاحتلال خلال الحروب الإسرائيلية السابقة، خصوصًا عامي 2014 و2021، ما يقرب من 200 مليون دولار أميركي لإتمام عملية الإعمار.

وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة، رصدت دولة قطر مبلغ 500 مليون دولار أميركي لصالح عملية إعادة الإعمار، فضلًا عن منحة مصرية مماثلة بذات القيمة المالية، من أجل إعادة بناء ما دمره الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم الإعلان المصري عن منحة مالية لعملية إعادة الإعمار، فقد ذهبت باتجاه بناء ثلاث مدن سكنية حملت اسم "مصر"، إلى جانب تعبيد الطريق الساحلي للقطاع، فيما تسير هذه العملية بوتيرة بطيئة للغاية مقارنة مع توقيت بداية العمل.

ويلجأ الاحتلال في كل عدوان أو تصعيد على القطاع لضرب أكبر قدر ممكن من البيوت والشقق المدنية، إضافة لضرب الأبراج السكنية الكبرى، بهدف الضغط على المقاومة والتأثير عليها من خلال حاضنتها الجماهيرية.

ويفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا خانقًا على القطاع منذ عام 2006، أدى لانعدام الحياة الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر إلى قرابة 80%، حيث يعتمد غالبية السكان على المساعدات الإغاثية، فيما ترتفع نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى أكثر من 60% من إجمالي النسبة العامة البالغة 54%.

تضرر شبكات الكهرباء

تعرضت شبكات الكهرباء في مناطق متفرقة من قطاع غزة لأعطال كبيرة نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي استمر 56 ساعة، وفق شركة توزيع الكهرباء، التي قالت إنّ طواقمها تعمل على تأمين الأماكن من خطر هذه الأضرار وإعادة صيانة الشبكة المتضررة.

وتوقفت محطة توليد الكهرباء في غزة، التي تمد القطاع بنحو 60 ميغاواطًا، السبت الماضي، عن العمل، بعد نفاد الوقود من خزاناتها الصغيرة التي لا تتسع للكثير، وأصبح جدول توزيع الكهرباء 4 ساعات تغذية ثم أكثر من 16 ساعة قطع.

وأدخلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الإثنين، عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، شاحنات الوقود المخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، بعد ستة أيام من المنع، الذي أدى، السبت الماضي، إلى توقف المحطة عن العمل كليًا عند ساعات الظهيرة.

وقالت اللجنة الرئاسية لتنسيق البضائع في غزة إنّ "الجانب الإسرائيلي أبلغنا بقرار إعادة فتح معبر كرم أبو سالم جزئيًا الإثنين الساعة التاسعة صباحًا، لإدخال المحروقات والأعلاف والمواد الغذائية والمواد الطبية".

لهذا السبب أنهت إسرائيل العدوان

ومن جهتها كشفت صحيفة "معاريف" العبرية، أن التقديرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية كانت تحذر جيش الاحتلال الإسرائيلي من مواجهة حركة حماس، وقالت إن الحركة، «تتخذ سياسية حذرة في التعامل مع تل أبيب، ولديها قدرة على إدارة المعركة».

وأوضحت صحيفة «معاريف» في خبرها الرئيس الذي أعده الخبير تل ليف رام، أنه بعد اغتيال قائد لواء الجنوب في «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، خالد منصور، مساء السبت، «أجمعت القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل، على أنه تحقق استيفاء كامل لأهداف وغايات الحملة، وينبغي السعي إلى إنهائها، قبل أن تتدحرج لحملة أوسع لا ترغب إسرائيل بها ولم تسع إليها»، وفقًا لـ"رصد".

وذكرت أن «إسرائيل غير معنية بالسماح لحركة الجهاد بأن تقرر واقعا جديدا تحاول فيه فرض معادلة تربط بين النشاط العملياتي لإسرائيل ضد نشطاء التنظيم في الضفة الغربية وبين المس بحياة المستوطنين في الجنوب».

واغتال جيش الاحتلال في الساعات الأولى للعدوان على غزة عصر الجمعة، القيادي قائد لواء الشمال في «سرايا القدس»، القيادي البارز تيسير الجعبري.

ونبهت الصحيفة إلى أن تل أبيب وبعد اغتيال كل من الجعبري ومنصور، كان لديها «قرار في السعي لوقف النار بشكل سريع»، زاعمة أن العمليات الإسرائيلية في القطاع، «ركزت بشكل دقيق وفي وقت قصير جدا مع معلومات استخبارية نوعية» على ضرب حركة الجهاد الإسلامي، لكن «حماس بقيت خارج الصورة».

واعترفت «معاريف» بأن العدوان الحالي على غزة والذي استمر ثلاثة أيام متواصلة، لن يحل «المشاكل المركبة التي تطرحها فصائل المقاومة في غزة وعلى رأسها حماس في قطاع غزة».

وأضافت: «لكن في إطار الأهداف المتواضعة التي وضعت، من حيث نوعية التنفيذ، والمعلومات الاستخبارية، والدقة، والخطاب بين المستويات المهنية، والجيش، والشاباك والقيادة السياسية، فإنها دارت حتى هذه المرحلة بشكل نوعي ومهني «وفق زعمها».

وأشارت إلى أن «القدرات العسكرية للجهاد الإسلامي ليست كقدرات حماس، وإنجازات الحملة يجب أن تُقطع في السياق الصحيح وتذكرنا بأن حماس تتخذ سياسة حذرة جدا من الدخول في مواجهة مع إسرائيل، انطلاقا من مصلحة داخلية، لأنها استغلت الهدوء الذي ساد في السنة الأخيرة في القطاع وأعادت بناء قدراتها العسكرية وتعاظم القوى حتى المواجهة التالية مع إسرائيل».

وأكدت الصحيفة، أن «قدرة قيادة منظومة النار «ومنها الصواريخ» لدى حماس والتحكم بها، تمكنها من إدارة النار بنجاعة؛ بمديات ورشقات أكبر بكثير من قدرات الجهاد الإسلامي، وهذا يطرح على إسرائيل تحديا آخر في التصدي لتهديد الصواريخ من غزة.. في حملة ينفذ فيها الجهاد الإسلامي وحده النار».