قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه على الرغم من أن ثورة يناير مهزومة ومكسورة إلى حد مؤلم، لكن ينبغي أن تسلم نفسها لأول عابر سبيل أو قاطع طريق أو أحمد شفيق؟ مضيفا أنه من حق أي أحد أن يتضامن مع المواطن أحمد شفيق ضد ما يتعرّض له من إهانةٍ وتنكيل، غير أن هذا لا ينبغي أن يتحوّل إلى استثمار سياسي يمنح شفيق جدارة سياسية، ويسبغ عليه أدوارًا بطولية في هذا المسرح الإغريقي المنصوب في مصر منذ أيام.
وتساءل قنديل خلال مقاله اليوم الاثنين "هل أحمد شفيق مرشح للانتخابات الرئاسية حقاً؟ وهل يستقيم عقلاً أن يعلن أحد عزمه منازلة رجل الإمارات من قلب الإمارات؟ وهل كان شفيق، والذين معه، يتوقعون أن من الممكن أن يكشف نيته تحدّي عبد الفتاح السيسي، الشخص الذي أنفقت الإمارات كل هذه المليارات لوضعه في السلطة، ثم يخرج منها سالمًا تحفّه الدعوات بالتوفيق، وتحيطه الوعود بالدعم والمساندة؟".
وأكد قنديل أن شفيق ما هو إلا مجرد وديعة وضعتها سلطات العسكر في الإمارات، ومن ثم يستطيع المودع أن يطلب سحب وديعته وقتما أراد، وهذا ما حدث، وتكفي هذه الفرضية وحدها دليلاً على أننا أمام رجل أو مشروع تغيب عنه الحنكة، ويفتقر إلى التكتيكات والمهارات التي تؤهله لخوض صراع، لتكون النتيجة الوحيدة لكل ما جرى، أن أطراف اللعبة نجحت في فرض الانتخابات الرئاسية ميدانا وحيدا للاشتباك والجدل، وتحول النقاش من مقاطعة هذه الملهاة الانتخابية، إلى الشجار بشأن أفضل المرشحين العسكريين لحكم البلاد، لتسقط من جدول الهموم قضايا الحريات والمعتقلين والمختفين قسريًا، ويتراجع الكلام عن كوارث الاقتصاد والسياسة، ويصبح الحديث عن رئيس جمهورية منتخب، مختطف في زنزانة يوشك أن يفقد حياته وبصره داخلها، نوعًا من الترف، يعرض صاحبه لموجات من السخرية، والاستهزاء والاتهام بالانفصال عن الواقع والتعلق بالأوهام.
وأكد أن رعاة سلطة عبد الفتاح السيسي، في الخارج والداخل، أرادوا أن يثبتوا في اعتقاد الجماهير أنه لا قبل لأحد بمواجهة عبد الفتاح السيسي، فها هو الذي توهمتموه بديلاً مخيفاً، ومرعباً للنظام، يتحوّل مادة مسلية ومضحكة، كما أن الذين يفترض أنهم أهل ثورة يناير لم يعد أحد منهم يذكر الحراك أو الغضب، أو يجنح إلى المقاومة، بعد أن مالوا جميعًا إلى الثرثرة والمفاضلة بين الفريق والعقيد، بما يفضي، في النهاية،
إلى التسليم بخروج فكرة الثورة من معادلات الفترة المقبلة.
واختتم قنديل مقاله قائلا: "البديل يصنع في الداخل، ولا يستورد من الخارج، لا يأتي فوق دبابة، ولا في جوفٍ كيس من الأرز، ولا يصل في حقيبة دبلوماسية، أو مرحّلاً على طائرة خاصة".

