11/01/2010م

أضحت روزارنو في منطقة كالابريا جنوبي إيطاليا البلدة الوحيدة في العالم التي تضم سكانا بيضا فقط بعد أن تم إجبار المهاجرين الأفارقة على مغادرتها في أعقاب أعمال عنف بين سكان محليين ومهاجرين.

وقال لويجي مانكوني وزير الدولة في حكومة يسار الوسط الائتلافية في تصريحات لصحيفة "الجارديان" البريطانية نشرتها الإثنين 11-1-2010 إن روزارنو هي البلدة الوحيدة في العالم التي أصبحت بيضاء، مضيفا: "حتى سياسة الفصل العنصري الموجودة في جنوب إفريقيا لم تصل إلى هذه النتيجة".

وكانت السلطات الإيطالية قد بدأت منذ أمس إجلاء أكثر من ألف عامل إفريقي يعملون بتصاريح مؤقتة من البلدة بعد ثلاثة أيام من مصادمات اندلعت عندما بدأ بعض السكان المحليين في مهاجمة المهاجرين الذين ردوا بأعمال عنف تعتبر الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، أسفرت عن إصابة ما لا يقل عن 37 شخصا بينهم 19 مهاجرا و18 من رجال الشرطة.

وشرعت السلطات الإيطالية في هدم المنازل البدائية للعمال الأفارقة، بينما بررت الحكومة قرار الإجلاء بأنه يهدف إلى حماية المهاجرين بعد مصادمات السكان الذين طاردوهم في الشوارع بهراوات خشبية وقضبان معدنية.

وغادر العمال الذين يحملون تصاريح إقامة عادية البلدة الإيطالية هربا من الأجواء التي شبهها أحد المعلقين السياسيين بأعمال العنف العنصرية لعصابة "كو كلوكس كلان" في ستينيات القرن الماضي بالولايات المتحدة.

ولا تعد الاعتداءات على المهاجرين الأفارقة نادرة الحدوث في إيطاليا؛ حيث اندلعت احتجاجات عنيفة في سبتمبر 2008 في بلدة كاسطيلفورتونو جنوب نابولي إثر تصفية حسابات بين مهربي مخدرات تم تنفيذها من طرف "المافيا"؛ ما أدى إلى مقتل ستة مهاجرين أفارقة.

شبه عبودية

واعتبر نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن هذه الأزمة أظهرت الوجه القبيح للعنصرية في إيطاليا والمعاملة اللاإنسانية للمهاجرين.

وقال فلافيو دي جياكومو المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في إيطاليا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "هذا الحدث كشف لنا عن أمر هام نحن العاملين في مجال حقوق الإنسان نعرفه جيدا.. لكن لا أحد يتحدث".

وأضاف جياكومو موضا أن: "الاقتصاد الإيطالي يقوم على أساس التكلفة المنخفضة للعمالة الأجنبية الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية.. إنهم يعيشون في شبه عبودية.. من العار أن يحدث هذا في قلب إيطاليا".

ويقدر أعداد المهاجرين الشرعيين في إيطاليا بنحو 4 ملايين مهاجر من أصل عدد السكان البالغ عددهم حوالي 60 مليونا، بينما لا تستطيع السلطات تحديد أعداد المهاجرين غير الشرعيين.

ويعمل أكثر من 8 آلاف مهاجر غير شرعي في منطقة كالابريا الجنوبية كعمال مؤقتين في جمع الفاكهة والخضراوات، ويجني العامل أقل من 30 دولارا يوميا من هذا العمل الذي يراه  الكثير من الإيطاليين دون مستواهم.

ويعيش العديد منهم في مصانع مهجورة بلا مياه أو مورد كهرباء، بينما تقول جماعات حقوق الإنسان إن عصابات المافيا تستغل هذه الظروف.

وكان البابا بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكان قد خرج عن النص المعد له في صلاته الأسبوعية، وأدان أعمال العنف التي وقعت في إيطاليا، قائلا: "المهاجر إنسان مختلف في الأصل والثقافة والتقاليد، لكنه شخص له حقوق وواجبات ويجب أن يحظى باحترام".