وثق مؤشر الديمقراطية (جهة حقوقية مستقلة) 493 احتجاجا عماليا منذ يناير وحتى نهاية أبريل 2016، مثلوا الحراك العمالي المطالب بحقوق العمل في مصر، والمحتج على الأوضاع المتدهورة التي تعصف بحقوقه، مما دفعهم لتنظيم قرابة أربعة احتجاجات يومية بمتوسط احتجاجا عماليا كل ست ساعات.


ولفت المؤشر إلى ارتفاع وتيرة الاحتجاجات العمالية بنسبة 25% عن العام الماضي (2015) الذي شهد 1117 احتجاجا عماليا بمتوسط 93 احتجاجا شهريا و372 احتجاج خلال أربعة أشهر.


وذكر أن عمال المصانع والشركات تصدروا الفئات المنظمة للحراك الاحتجاجي العمالي بعدما نفذوا 107 احتجاجات بنسبة 21.7%، وجاء العاملون بقطاع الصحة كثاني الفئات المحتجة بعدما نظموا 91 احتجاجا بنسبة 18.4%، تلاهم العاملون والموظفون بالهيئات والوزارات الحكومية الذين نظموا 88 احتجاجا بنسبة 17.8%، في حين نظم أصحاب الأعمال الحرة 58 احتجاجا بمتوسط 11.8% من الاحتجاجات العمالية.


فيما ارتفعت المعدلات الاحتجاجية للعاملين بقطاع النقل الذين وصلت احتجاجاتهم لـ 49 احتجاجا خلال فترة التقرير بنسبة 10% من الاحتجاجات العمالية، وانعكست الأزمات المستمرة لقطاع التعليم على احتجاجات العاملين بهذا القطاع، والتي وصلت 41 احتجاجا مثلت 8.3% من إجمالي الاحتجاجات.


وأضاف أن فترة الرصد شهدت ارتفاعا واضحا في الانتهاكات التي تعرض لها المحامون بشكل انعكس في 27 احتجاجا خلال فترة الرصد، بينما شهدت الفترة نفسها "عصفا" متعمدا بحقوق الصحفيين والإعلاميين بشكل عكسه 19 احتجاجا نظمها الصحفيون والإعلاميون، وانخفضت معدلات الاحتجاجات التي نظمها العاملون في القطاع الأمني بشكل يعكس مزيدا من رضى هذا القطاع الذي تقلصت احتجاجاته لتصل لـ 6 احتجاجات فقط، بينما لم تعكس 7 احتجاجات للعاملين بقطاع السياحة مدى التدهور الجذري الذي شهده هذا القطاع.


وحول مطالب الحراك الاحتجاجي العمالي خلال فترة الرصد، قال التقرير إنه "لأول مرة منذ 2011 تشهد الاحتجاجات العمالية غيابا تاما للمطالب السياسية أو المدنية، حيث جاءت 99.2% من الاحتجاجات العمالية متعلقة بمناخ العمل بشكل مباشر تصدرها المطالبة بالمستحقات المالية للقوى العاملة، والتي نظمت 135 احتجاجا لهذا السبب بنسبة 27% من إجمالي المطالب، حيث تفاقمت مشكلة الأجور خلال السنوات الماضية وتوقف أجور العمال، خاصة بعد تعطل صناعات بأكملها مثل صناعة الغزل والنسيج".


وتابع: "في حين طالب 58 احتجاجا عماليا بالتعيين والأمان الوظيفي بشكل مثل 12% من المطالب، وجاءت مطالب العاملين بقطاع النقل لتتصدر 44 احتجاجا بشكل يعكس إشكالية واضحة في إدارة عملية هذا القطاع في مصر".


وأردف: "مثل أفراد جهاز الشرطة في مصر رابع أكبر معوقات العمل، حيث خرج 40 حراكا احتجاجيا ضد اعتداءات العاملين بقطاع الشرطة على القوى العاملة، ومثل المحامون والأطباء والسائقون والصحفيون وعمال اليومية/ السريحة أبرز الفئات التي تعرضت لتلك الاعتداءات التي وصلت للقتل في أحيان عدة بشكل عكس خللا واضحا في إدارة الجهاز وجعله معوقا من المعوقات التي يواجهها القوى العاملة المصرية".


وقال: "هناك 26 احتجاجا عماليا خرجت ضد النقل والفصل التعسفي وقطع الأرزاق، حيث تشهد الدولة المصرية منذ 2011 حتى الآن إغلاق حوالي 7 آلاف مصنع وشركة تضم قرابة مليوني عامل، ومعاناة سوق العمل المصرية من كساد تام في قطاعات مثل الغزل والنسيج والسياحة وغيرها من المجالات، مما يجعل المطالب المتعلقة بالفصل وقطع الأرزاق سوف تتفاقم خلال الفترة القادمة، ناهيك عما تحدثه تلك الانتهاكات من خلل كامل في نظام الدخل الفردي والقومي، وما تنتجه عمليات غلق المصانع والشركات ليس فقط كخسارة على مئات الآلاف من العمال وأسرهم، بل أيضا في أحجام رأس المال المستثمر وحجم إنتاجية السوق المصري، والاقتصاد المصري بشكل عام".


ونوه إلى وجود 5 احتجاجات للصحفيين للمطالبة بالإفراج عن زملائهم، وحملة تقديم بلاغات كشفت ما تعانيه حرية الإعلام في مصر، وخاصة بعدما قبض على أكثر من 53 صحفيا ومراسلا خلال أيام، وتم الاعتداء عليهم وعلى المعدات الخاصة بهم والاطلاع على بياناتهم الخاصة بهواتفهم وأجهزة الحاسبات الشخصية، بالإضافة لاحتجاجات الصحفيين للمطالبة بتمكينهم من المعلومات والمزيد من الشفافية، الأمر الذي يدعو لاتخاذ تدابير فورية للحد من الانتهاكات التي تطال الصحفيين والإعلاميين.


وأوضح أن القوى العاملة المحتجة انتهجت 20 أسلوبا وشكلا وأداة للاحتجاج، وجاءت 95% من احتجاجاتهم سلمية ومتماشية مع الدستور المصري والتشريعات الدولية المنظمة للحق في التظاهر السلمي والاحتجاج والتي صادقت عليها الدولة المصرية، وجاء على رأس تلك الأشكال الاحتجاجية 214 وقفة احتجاجية و99 إضرابا عن العمل، و36 تظاهرة، و31 اعتصاما، و28 حالة تقديم مذكرات/ شكاوى، و25 تجمهرا، و16 إضرابا عن الطعام، بينما نظمت القوى المحتجة 7 حملات مقاطعة و6 حملات جمع توقيعات بالإضافة لمؤتمر احتجاجي وحملة إلكترونية احتجاجية.


واستطرد قائلا: "وجاءت أشكال العنف الاحتجاجي متمثلة في حالة انتحار و3 حالات محاولة انتحار، بالإضافة لـ 14 حالة قطع طريق، 3 حالات إغلاق شركات وحالتين لاقتحام شركة ومثليها لمنع عمال أجانب من دخول شركة، لكن كافة تلك الحالات لم تتعد الـ 25 حالة بنسبة 5% من الاحتجاجات العمالية أي أن الاحتجاجات العمالية اتسمت بالسلمية في مجملها بامتيار".


وأكد أن احتجاجات القوى العاملة عمت 170 مؤسسة عمل بالإضافة لعشرات الاحتجاجات التي لم تضمهم مؤسسات عمل مثل السائقين وأصحاب المحال التجارية وغيرها، لافتا إلى أن المؤسسات التي رصدها التقرير تتمثل في 54 شركة وفرع لشركة، و52 مستشفى، و26 مؤسسة أو هيئة حكومية، و13 مصنعا، و11 محكمة، و7 مؤسسات تعليمية من مدارس وجامعات، وميناءين بحريين.


ولفت إلى أن الاحتجاجات العمالية غطت 27 محافظة مصرية، تصدرتها القاهرة التي شهدت 113 احتجاجا بمتوسط 23% من الحراك العمالي، تلتها محافظة الغربية التي شهدت 40 احتجاجا، وتأتي البحيرة كثالث المحافظات احتجاجا عماليا بـ 32 احتجاجا، فيما تصدر إقليم القاهرة الكبرى (القاهرة- الجيزة- القليوبية) الأقاليم الاحتجاجية بـ 144 احتجاجا، تلاها إقليم الدلتا (كفر الشيخ- المنوفية- الغربية- الدقهلية- دمياط) والذي شهد 110 احتجاجا، فيما شهد إقليم القناة (الشرقية- السويس- الإسماعيلية –بورسعيد- شمال سيناء- جنوب سيناء) 63 احتجاجا، وإقليم الإسكندرية (الإسكندرية- البحيرة- مرسى مطروح) 60 احتجاجا، وشهدت أقاليم الصعيد الثلاثة (شمال ووسط وجنوب) 111 احتجاجا عماليا.


وذكر أن وزارة القوى العاملة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر تتنهج موقفا معاديا من أية منظمات أهلية أو نقابات مستقلة تحاول المشاركة في وضع حلول، رغم اعتراف الدولة بأنها لا تستطيع سوى إحالة 77.5% من المشاكل العمالية للقضاء الذي غالبا ما يطول انتظار أحكامه في القضايا العمالية التي تننظر أحكامها سنوات حتى الإصدار، ويبقى العمال طوال تلك السنوات إما مشردين خارج أماكن أعمالهم أو معلقة حقوقهم بانتظار حكم قضائي عادل.