قادت المناهج التربوية الدعوية من خلال الممارسة المستمرة وحسن الأداء، والمراقبة، إلى تثبيت وترسيخ بعض المفاهيم التربوية بشكل جيد  إن أول دوافع الإيجابية التي يجب أن يتذكرها الداعية هو التكليف فردي وأن كل فرد سيحاسب يوم القيامة فرداً ، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وإن كان المرء يحاسب عن عمله في الجماعة، وبعض التكاليف لا تتم إلا بجماعة، وأن يمتلك زمام المبادرة إلى الطاعات دون الالتفات إلى عمل فلان أو قول فلان، ولا تثبطه أثقال المعصية، ولا ينتظر الإذن بالعمل من شخص ما بل يفكر الداعية بنفسه أنه سيحاسب يوم القيامة عن أعماله، وعما قدم، ولا يسأل عن الآخرين عليه أن ينصب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قدوة عملية أمام عينيه، "فقاتل في سبيل الله، لا تكلف إلا نفسك، وحرض المؤمنين... ".


والمعنى واضح في أمر الله تعالى لنبيه في عدم تكليف أحد إلا نفسه ، وأن لا ينتظر إعانة من أحد، رغم أن المعلوم من الشريعة أن الأمة كلها مكلفة بالجهاد ولكن المعنى أن يفترض كل مسلم من الأمة_ والقدوة في ذلك نبيها_ صلى الله عليه وسلم _أنه وحده المكلف بالأداء، وأن الله قادر على نصره، وينحصر واجبه في تحريض المؤمنين.


وعلى الداعية أن يتذكر دوما أنه مغبون ما دام في صحة وعافية وعنده رزقه، وأن لا يفوت شيئاً من أوقاته، وترك الإيجابية في توعية المجتمع أو زمام المبادرة، لهو منتهى الكسل، وتمام الفتور، والسلبية الايجابية نعمة من الله عز وجل على الانسان ، من تمسك بها حصل على الخير والله عز وجل حث عليها في كتابه المبين وامرنا ان نكون إيجابيين في هذه الحياة.

 

وعندما تنعدم من حياة الانسان تصبح عيشته في كدر الإيجابية مهارة مثل باقي المهارات التي تكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر كله يندرج تحت عاملين أساسيين هما: طريقة التفكير وطريقة التصرف وكليهما قابل للتغيير والتطوير، أي أن الإيجابية ما هي إلا مزيج من طريقة تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها.


إذا ظل الإنسان يعتنق الأفكار نفسها التي اعتاد عليها، فسوف ينعكس هذا بالطبع على البيئة التي تحيط به والتي يعيش بداخلها، فإذا كان الشخص يرغب في نتيجة مفيدة عليه أن يكون حريصا في طريقة تفكيره التي لابد وأن تتسم بالإيجابية المستديمة.


ومن خلال تربية المصطفى_ صلى الله عليه وسلم _ الصحابة، صار كل صحابي أمة لوحده، وما من صحابي إلا وله سمة معينة، وموقف خاص، وإبداع متميز، فمنهم من أشار واقترح، ومنهم من أوضح وشرح، ومنهم من أضاف واستدرك، فيما يخدم الدعوة وحركة الإيمان، وقد تؤدي الإيجابية إلى الكثير من العمل الإسلامي .


كما أن لها نتائج باهرة، فمنها وما يتفرع عنها من علم وعمل، ومعذرة واعتذار، فالمعذرة إلى الله_ عز وجل _ من التقصير حيث أداء الواجب جهد الإمكان والاستطاعة، وبالتالي شعور المؤمن بالأداء وحسن النية، إذ أنه يؤدي ما عليه، وليس عليه النتائج، وهذا المعنى هو المطلوب من التكليف،ولقد عذب الله أقواماً تركوا الدعوة للخلق، بحجة أن الموعظة لا تؤثر في قومٍ: الله مهلكهم أو معذبهم، بينما امتدح الله آخرين اعتذروا إلى ربهم، وقاموا بأداء الواجب المعين عليهم، فالمعذرة إلى الله واجب عيني على المؤمن أن يؤديه بإيجابية، دون انتظار لما يعمله الآخرون .


وفي الإيجابية احترام للنفس، وثقة بها، حتى لا يستهين المؤمن بنفسه


ومن خصائص الإيجابية عدم استصغار الأمر، وعدم استكثار الكثير، فربَّ صغير عظمته النية، وربَّ عظيم صغرته النية، وقد تؤتي الكلمة الطيبة ثمارها_بإذن الله تعالى
ويبقى العامل المهم في حياة الدعاة، وهو الإحتفاظ بالهمة، وكان الجنيد البغدادي- رحمه الله- يوصي الداعية بذلك.. فيقول:


(عليك بحفظ الهمّة، فإن الهمّة مقدمة الأشياء).
( إذا فتح أحدكم باب خير، فليسرع إليه، فإنه لا يدري متى يغلق عنه )
.
ليحذر الداعية من الفتور، ويجب عليه أن يلحق العمل بالعمل
ولابد من التذكرة دوماً بضرورة المداومة، فكم من داعية تحمس لعمل، ثم فتر عنه، وإنما البركة في المداومة بعد حسن القصد
وصدق النية، بل إن المداومة على العمل أحد مظاهر صدق النية، وسلامة القصد


الكلمة الطيبة ... تكون مباركة
تكون الثمرة خصبة تتضاعف وتتضاعف، وتنتشر هنا، أو تنتقل إلى هناك
وقد قال بعض السلف عن الكلمة الطيبة أنها كلمة التوحيد
الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنةِ


إن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد الى الله سبحانه و تعالى، وهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذاِ العمل الصالح الى الله،
بالكلمة هى التي تدفع عن مجموع المسلمين المظالم، وتدفع عنهم الكرب بدعوتهم لإقامة شرع الله .


فالكلمة الواحدة قد تنشئ دعوة، وقد تبني مؤسسة
ومن الله سبحانه نستمد العو، وعليه التوكل، وإليه الإستناد، فإنه لا يخيب من توكل عليه، ولا يضيع من لاذ به، وفوض أمره إليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل  .