بقلم: أحمد القاعود

كل الحقائق تؤكد أن الوضع فى شمال سيناء بات خارج السيطرة، إذ تسببت الحرب الضروس التى يشنها النظام العسكري الحاكم فى مصر، على أهل سيناء المسالمين والعزل، فى خلق مقاومة قوية وعنيفة ضد قوات الجيش هناك.

وبالعودة إلى تصريحات سابقة بالصوت والصورة، لقائد الانقلاب، فى لقاء مع عدد من الضباط، وقت أن كان وزيرا للدفاع، يمكن التأكد أن الانقلاب ما جاء إلا لتسليم شبه جزيرة سيناء للكيان الصهيوني، أو على الأقل جعلها مساحة واسعة من الحواجز الطبيعية، لحماية الصهاينة، من الكتلة البشرية العربية والإسلامية الأكبر فى المنطقة.

تلك التصريحات التى قال فيها السيسي نفسه، أن أي تصرف أو حل أمني تجاه أهل سيناء والتسبب فى قتل أحد، أو بعض من، الأهالي سيكون سببا فى كراهية الجيش والدولة ولن يحقق أي شيء من الاستقرار هناك.

والآن يفعل السيسي، كعادته، ضد كل ما قاله وصرح به سابقا، وبصورة عامة فان من خان رئيسه، المنتخب بارادة شعبية حرة ونزيهة، لايمكن أن يؤتمن على المطلق.

فى سيناء تخوض الدولة حربا شرسة ضد الأهالي، تقصف الكتل السكنية بالطيران والقذائف، وكأن المشهد المروع من حلب السورية أو مخيم اليرموك، وهناك لا ينقص السيسي إلا القاء البراميل المتفجرة وضرب المدنيين بغاز الكلور، فالوحشية دائما تقول هل من مزيد!.

وبينما يخوض النظام حربا طاحنة وضد الإنسانية تجاه الأهالي، يخوض المسلحون، وهم نتاج تصرفات الدولة المروعة، حربًا شرسة ضد قوات الجيش، فى هذه الحرب أثبت المسلحون قدرة عالية على استخدام السلاح ومهاجمة الكمائن وأوجاع القوات النظامية هناك.

وبالنسبة لسلطة القتل والكراهية القابعة فى القاهرة، فان أرواح عشرات الجنود "الشهداء" لا ترقي لعملية تفجير أبراج كهرباء تغذي مدينة القتل والخراب، الإنتاج الإعلامي سابقا. صور الجنود البؤساء المتناقلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم ممزقوا الأشلاء بعد عمليات العنف تجاههم، وغيرها التى يوثق المسلحون فيها عملياتهم ضد الجيش، لم تكن كفيلة بأن يذهب القابع، قسرا، فى قصر الحكم بأن يزور مكان الاستشهاد، أو حتى يقوم بالاتصال هاتفيا لتعزية أسر "الشهداء"، فالرئيس الضرورة، أو رئيس الاختيار، فيما بعد، حسب توصيف عراب النكسة، وكاهنها الأكبر، محمد حسنين هيكل، منشغل بالصورة، والاتصال بفنان هنا، أو شاعر محرض على القتل هناك، وهؤلاء الجنود، وهم وقود حربه، واستمراريته فى منصبه، لا قيمة لهم لديه أو نظامه.

هرع شاغل منصب رئيس الوزراء ووزير داخليته لزيارة موقع انفجار برج كهرباء بجوار الإنتاج الإعلامي، بينما لم يكلف أي منهم خاطره فى عزاء أسر مكلومة، فقدت أبنائها بدون سبب الأ رغبة الحكم، الدموي، فى حماية أمن الكيان الصهيوني وشن حرب على الأهالي هناك.
حادث مدينة الإنتاج الإعلامي، عليه أن يعيد، لأولئك الشبيحة وطيور الظلام من مرتادي الأستوديهات، طرح أسئلة على أنفسهم وعلى النظام. ما سر هذه الفرحة منقعطة النظير التي وحدت المصريين جميعا، المؤيد للنظام والمعارض له، بسبب توقف بث عدد من القنوات؟! وكيف لعملية تفجير أو تدمير مكان يفترض أنه للصالح العام، أن تكون سببا فى فرحة وسعادة كبيرة، وتوحد نادر الحدوث للمصريين منذ الانقلاب العسكري ضد الإنسانية، قبل حوالي عامين.
تشير الحقائق إلى أن المصريين يكرهون السلطة حتى وإن رهبوا بطشها، ويكرهون وسائل الدعاية التابعة لها حتى ولو مارست نوعا متفاوتا من تخريب العقول ونزع الضمائر، ومدينة الإنتاج والعاملين بها، مكروهة بالضرورة لدي القطاع الواسع والأوسع من المصريين.
يعمل مذيعو القتل والكراهية ليل نهار ضد مصلحة الشعب المصري، يبثون السموم ويثيرون الضغائن والأحقاد، وبينما يتقاضي أقلهم ملايين الجنيهات، شهريا، جراء عمله العدواني ضد المصريين، ينام الملايين فى العراء، وغيرهم فى مستنقعات الصرف الصحي، وقطاع واسع منهم مشغول بالأمراض.
انتهى المؤتمر الاقتصادي المصري الذى تحدثت عنه وسائل الدعاية التابعة للنظام وكأنه السبيل الوحيد لانتشال مصر من مستقبل أسود، وضعه فيها " حكم العسكر"، لم يعد للمؤتمر نتيجة، ولم تنهمر المليارات الضخمة على الاقتصاد، ولم يوظف أحد ، ولم يبدأ العمل فى العاصمة الجديدة، وتراجع قائد الانقلاب نفسه عن فكرتها، لأن ميزانية الدولة لا تتحملها، ونتيجة لكل هذا الوهم، كان لابد من عودة مصر إلى صلب الحكم العسكري، وهو الخراب والتفجيرات فى كل مكان، وإحالة معارضين ومنهم بنات إلى محاكم عسكرية، وتلفيق التهم لأبرياء لا علاقة لهم بالأحداث. فشغل المجتمع بحرب هذه الدولة ضد الإرهاب هو السبيل أمام هذا النظام للاستمرار.