أجاب الباحث السياسي أحمد فهمي على سؤال يدور في اذهان الكثيريين وهو : هل يعاني السيسي من الفشل دوليا؟

وقال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:

كثر الحديث عن العلاقات الخارجية وعن الوزن الإقليمي والدولي لمصر تحت حكم السيسي، فالبعض يتحدث عن "إخفاق دولي" يعاني منه الانقلاب، وآخرون يتحدثون عن تنامي للترحيب الدولي بالنظام المصري الجديد.
فكيف نحسم هذا الخلاف؟

في كل نظام إقليمي توجد- غالبا- 3 أنماط متباينة من الدول، وهي/
الدول المهيمنة (Hegemonos) أو المتطلعة للهيمنة.
الدول المساومة أو المناوئة ( Bargainer) أو "الفاعل الثاني".
الدول الموازنة ( Balancer).
النمط الأول يسعى لفرض سيطرته إن كان دولة واحدة، وإن تعددت الدول المتطلعة للهيمنة، يحدث بينها صراع أو توازن.
النمط الثاني، يمثل الدول التي لا تملك قدرة – مؤقتا أو دائما- للمنافسة على السيطرة إقليميا، لكنها تعارض "بعض" الدول المهيمنة وتناكفها، وتتحالف مع أخرى.
النمط الثالث، دول لا تبحث عن الصراعات بل تتجنبها، حتى وإن كانت إمكاناتها تماثل الدول المناوئة.

كانت مصر دولة تتطلع للهيمنة منذ سنوات طويلة، وكانت إمكاناتها تتقارب مع الدول الكبرى في المنطقة، وقد حدث مع بعضها صراعات ومع أخرى توازنات.
في السنوات الأخيرة، تراجع دور مصر تدريجيا، حتى وصل إلى مستواه الأدنى في عهد السيسي، وتحولت مصر إلى دولة "مناوئة" بعد أن كانت "تتطلع للهيمنة"، وبات عليها أن تخضع في سياساتها لدول أخرى تريد فرض سيطرتها ولا ترغب بعودة مصر إلى مكانتها السابقة..
نعم الخارطة تغيرت والمشهد لم يعد كالسابق ودور مصر – الآن - يرسمه الآخرون..

باختصار، فإن تحول مصر من نمط "الهيمنة" إلى نمط "المساومة"، أحدث فراغا ملأته دول أخرى، ثم ارتأت هذه الدول أن هذا الوضع ربما يكون أفضل لتحقيق مصالحها في المنطقة، لذلك فشلت محاولات السيسي في تجاوز دور "المساومة"، سواء في ليبيا أو غيرها..

مصر في هذه الحالة توصف بحسب "نظرية تحول القوة" ( Power Transition Theory) بأنها:
"دولة قوية غير راضية" ..
حيث أن التغير في موازين القوة الإقليمية أدى إلى تقلص الدور المصري، ومع الإقرار بإمكانات مصر المعروفة، فإن هذا التقلص يجعل "الدولة" في حالة من عدم الرضى، وهذه الحالة تقود النظام الإقليمي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

هذا الوضع الشاذ، لا يمكن المراهنة على استمراره، لأن النظام الإقليمي لن يتحمله كثيرا، وفي ذلك تفسير لتذبذب الدعم السياسي الذي تقدمه دول كبرى عالمية وأخرى إقليمية للسيسي، فهي لا تريد له السقوط الحر، خوفا من البديل، كما أنها غير مقتنعة بقدرته على الصمود لأنه يُقزم "الدولة المصرية" لتتناسب مع رغبته في البقاء عن طريق تقديم التنازلات..

فتراهم يستنزفونه ليقدم لهم أقصى ما يمكن من تنازل، وفي الوقت نفسه يقدمون له من الدعم بالقدر الذي يحفظ النظام من السقوط، دون أن يتوفر لديهم أفق واضح لمرحلة: وماذا بعد ..