الحاجة أم الاختراع، وما علمت الدنيا اختراعا مهما إلا لحاجة مُلحّة!

غلق الجزيرة مباشر مصر كان محبطا لأنصار الشرعية الذين كانوا يرون فيها نافذة قوية تعرض آلامهم وتقوي آمالهم! رغم أنها كانت إلى موضوعية ومهنية إلى حد بعيد تعرض الرأي والرأي الآخر، وتسمح دائما للطرف الآخر بالرد.

إلا أن غلق القناة وإن أحبطهم لم يدفعهم للاستسلام، وإنما دفعهم للبحث عن بدائل كانت لفترة طويلة ثانوية، بحكم أنها قليلة الكفاءة، محدودة التأثير، كعادة أي قناة في بدايتها وخاصة إعلام الإسلاميين الذين تأخروا لأسباب كثيرة في هذا المجال الخطير.

ومع بزوغ حاجة ملحة للإعلام ومع انتقال المشاهدين الذي أبوا الاستسلام إلى قنوات الشرعية، بدأت قنوات مثل مصر الآن ومكملين ورابعة والشرق تأخذ مكانة أفضل بكثير مما كانت عليه وأصبحت مرضية بالحد الأدنى للمشاهدين.

هناك المزيد أمام هذه القنوات بلا شك، إلا أن التطور فعلا ملحوظ، وزاد منه التسريبات التي بدأت تنفرد بها هذه القنوات، حتى بات اسمها على كل لسان! الأمر الذي دفع الخارجية المصرية للعمل الحثيث ليس لعرض حقوق مصر المتضررة من بناء أثيوبيا للسد، وليس للمطالبة بحقوق مصر المشروعة في حقول غاز المتوسط، وإنما لإغلاق قنوات الشرعية الأربعة!

ربما يرى البعض في #تسريب_مكتب_السيسي الأخير والذي تطاول فيه على دول الخليج عموما - وأمير قطر خصوصا - فرصة لعودة قناة الجزيرة مباشر مصر، خاصة وأن المصالحة الخليجية التي أتت على حساب إغلاق القناة كانت مرهونة بالملك عبد الله نفسه! إلا أن عودة الجزيرة مباشر مصر الآن سيعد فطاما قبل الموعد لقنوات الشرعية التي تحتاج لمزيد من الوقت حتى تثبت قدميها. ولا شك أن عودة الجزيرة مباشر مصر سيخطف منها الأضواء والأنظار والجمهور مجددا، وهذا مضر على المدى البعيد إلى حد كبير!

حتى وإن كانت عودة الجزيرة مباشر مصر مفيدة في المرحلة القادمة أو في أيام الحسم فأقترح ألا يعود برنامج مصر الليلة أو أن يقدم موعده لئلا يقطع الطريق على البرامج الرئيسية في القنوات الجديدة.

أعرف أن الجزيرة مباشر مصر ليست قناة الإخوان، وأنها ملك لقطر ولقطر سياستها، ولكني أكتب ما أراه مفيدا لنا ليس أكثر، والله ولي التوفيق...