26/01/2009

بدأت الشرطة المصرية منذ يومين حملة موسعة لكبح نشاط الأنفاق الموجودة أسفل الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، والتي استأنفت نشاطها بعد انتهاء الحرب الصهيونية على قطاع غزة التي استمرت 22 يوماً وخلقت آلاف الشهداء والجرحى.

وتتزامن هذه الحملة مع تصريحات لرئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الحرب الصهيونية "عاموس جلعاد" والذي أكد فيها على "أن مصر قادرة على منع تهريب الأسلحة من أراضيها إلى القطاع، وأن (إسرائيل) ترى أن مصر في وضع يمكنها من التصدي لتلك المسألة ووضع حد لها، كما أن لديها رغبة غير مسبوقة لوقف تهريب الأسلحة".

وأضاف المبعوث الصهيوني في المحادثات المصرية لوقف إطلاق النار أن "مصر تتفهم أن حماس لا تشكل تهديداً لـ(إسرائيل) فقط وإنما لها أيضاً، حيث تعمل حماس بالتنسيق مع إيران وجماعة الإخوان المسلمين المعارضة في مصر", على حد قوله.

واستهدفت طائرات الاحتلال خلال الحرب على غزة الشريط الحدودي مع مصر بمئات الصواريخ بحجة تدمير الأنفاق، كما قامت (إسرائيل) بعدة مساع دولية لترتيب جهود الشركاء الأمريكيين والأوروبيين، في مقدمتها الاتفاق الأمني الذي وقعته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندوليزا رايس"، ونظيرتها الإسرائيلية "تسيبي ليفني"، ويقضي بأن تقوم واشنطن بتوفير المعونة الفنية والاستخباراتية على الحدود المصرية مع غزة لمنع تهريب حماس للسلاح.

الحملة المصرية على الأنفاق الحدودية في رفح بدأت بملاحقة المسؤولين عنها ونشر قوات أمنية جديدة ومداهمة العديد من منازل سكان رفح الذين قالوا لبعض الصحفيين ": إن أصحاب المنازل الملاصقة للشريط الحدودي تلقوا تحذيرات شديدة اللهجة من الأجهزة الأمنية بعدم التعامل مع الأنفاق، وتهديدهم باتخاذ خطوات رادعة لمن يعثر في منزله أو مزرعته على نفق أياً كان نشاطه".

وشددت الشرطة المصرية على مشايخ قبائل البدو القاطنين في مناطق وسط سيناء بضرورة الإبلاغ الفوري عن أية تحركات لـ"عصابات" يشتبه بأنها تقوم بنقل أسلحة أو توصيلها لمناطق الأنفاق على الشريط الحدودي مع الجانب الفلسطيني.

وأسفرت الحملة الأمنية حتى الآن عن اعتقال شخصين من سكان رفح تشتبه الشرطة المصرية في علاقتهما بنشاط تهريب عبر الأنفاق، دون الكشف عن نوع ما يهربان، بالإضافة إلى العثور على ثلاثة أنفاق تم وضعها تحت الحراسة لحين هدمها.

كما صاحب هذه الحملة إعادة نشر نحو 400 جندي من قوات الأمن المركزي المصري بمحيط المنطقة السكنية الملاصقة للشريط الحدودي، وذلك في إشارات واضحة على إصرار الحكومة هذه المرة على كبح جماح ظاهرة الأنفاق التي استشرت بصورة مكثفة وعلنية خلال الفترة الماضية، بحسب أهالي رفح.

كما أعادت الشرطة المصرية مراقبة الطريق الدولي الرابط بين القاهرة ورفح بعدد من نقاط التفتيش الأمنية، التي تستوقف من يحملون البضائع وخزانات الوقود للتفتيش والتأكد من مسارهما.

                                             سبب اقتصادي

من جانبها، رفضت المصادر الأمنية المسئولة في المدينة الحدودية التعليق على الأمر، مؤكدة أن "الحكومة تحارب الأنفاق بصفة مستمرة لما تمثله من خطورة اقتصادية على مصر، لأنها تتيح تهريب بضائع بأسعار مدعمة للمواطن المصري كي تباع بأسعار مضاعفة في غزة، لتستفيد منها فئة محدودة من المهربين والتجار".

وتعد هذه الأنفاق شرايين الحياة لغزة، منذ بداية الحصار الإسرائيلي على القطاع في يونيو 2007، لما تقوم به من دور في توصيل الأغذية والوقود، غير أن (إسرائيل) تقول إن حركة حماس تستخدمها كوسيلة لتهريب السلاح للقطاع.

وشهد الأسبوع الأخير عدة تحركات دولية قيل إنها لمنع "تهريب الأسلحة" عبر الأنفاق بين مصر وغزة، كان آخرها ما ذكرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أمس الأحد بأن القوات البحرية الأمريكية تلقت أوامر بتعقب السفن الإيرانية التي يحتمل أن تقوم بنقل شحنات أسلحة إلى القطاع، وذلك بعد يوم واحد من قيام فرنسا بإرسال فرقاطة حربية "لمراقبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بالتنسيق مع مصر و(إسرائيل) بحسب الرئاسة الفرنسية.

وفي اتصال هاتفي بينهما حث الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بعد يومين من توليه مهام منصبه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، على دعم الجهود الدولية الجارية لوقف "تهريب" الأسلحة إلى غزة.

وأعلن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر الجمعة الماضية موافقته على ترتيبات أمنية مع مصر لوقف تهريب الأسلحة للقطاع تشمل زيادة عدد القوات المصرية على الحدود مع غزة، وهو ما نفته القاهرة رسمياً.

                                 
   أمريكيون يستطلعون الحدود

في سياق متصل؛ ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية البي.بي.سي. في القاهرة، أن 6 عسكريين ومهندسين أمريكيين بينهم الملحق العسكري الأمريكي في القاهرة تجولوا أمس في منطقة الحدود المصرية الفلسطينية قرب رفح لبحث إمكانية نصب المعدات لاكتشاف الأنفاق.

وذكرت أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها ضباط أمريكيون ومصريون بمثل هذه الجولة الميدانية في نطاق المساعي لوقف تهريب الأسلحة والوسائل القتالية من الأراضي المصرية إلى قطاع غزة.

وكانت مصر أعلنت في الماضي أنها ستكون مستعدة لاستقبال معدات ومساعدات لمنع التهريب من أي دولة تريد ذلك.

وذكرت تقارير إعلامية نهاية الأسبوع الماضي أن مهندسين أمريكيين قاموا بتدريب رجال أمن مصريين خلال مدة أربعين يوماً على تشغيل معدات أمريكية الصنع لاكتشاف الأنفاق