في ظل المناخ الطارد للاستثمار في مصر بفضل سياسات نظام العسكر، ومحاولات حكومة الانقلاب إخراجها من "الإنعاش"، واصلت البورصة المصرية نزيفها بخسائر جديدة اليوم الخميس تقدر بنحو 5.5 مليار جنيه، بعد أن احتلت أمس المركز الثاني ضمن قائمة البورصات الأكثر هبوطا حول العالم؛ حيث خسرت أكثر من 29 مليار جنيه بحسب وكالة "بلومبرج".
 
وتأتي هذه الخسائر قبل أيام من بدء حكومة الانقلاب خطتها لطرح حصص من شركات حكومية في سوق المال، لجمع نحو 25 مليار جنيه من بيع حصص في أربع أو خمس شركات بالبورصة، في الوقت الذي يحذّر فيه خبراء من هذه الخطوة باعتبارها عودة لزمن الخصخصة.
 
وتعكف حكومة الانقلاب على برنامج لبيع أسهم عشرات الشركات المملوكة لها على مدى السنوات الثلاث المقبلة في قطاعات مثل: البترول، والخدمات، والكيماويات، والشحن، والخدمات البحرية، والعقارات، للمساعدة في دعم المالية العامة للدولة.
 
* مصادرة أموال الإخوان
 
ويرجع خبراء ومراقبون لسوق المال أسباب الخسائر المتلاحقة التي منيت بها البورصة المصرية خلال الأسبوع الجاري والتي تقدر بعشرات المليارات إلى وجود حالة من الذعر بين المستثمرين بعد القبض على نجلي الرئيس المخلوع جمال وعلاء مبارك، فضلا عن مصادرة أموال وممتلكات عدد من قيادات جماعة الإخوان، ناهيك عن شح السيولة.
 
فمن جانبها قالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس: إن أسباب الهبوط الحاد  يرجع إلى ما يحدث في الأسواق الناشئة وخروج الأجانب منها، مضيفة أن هناك أيضا أخبار مصادرة أموال ومؤسسات رجال الأعمال من الإخوان المسلمين ثم القبض على علاء وجمال مبارك بجانب الدولار وقيمة الجنيه المصري، كل تلك الأخبار أثرت بالسلب على نفسية المتعاملين.
 
وأكد أستاذ الدراسات التمويلية، أشرف دوابة، أن القبض على علاء وجمال نجلي الرئيس المخلوع حسني مبارك في قضية التلاعب بالبورصة، ليس هو السبب الوحيد في الهبوط الذى حدث في البورصة، وإنما كان بمثابة الخطوة التي كشفت عن مخاوف عديدة للمستثمرين.
 
وأضاف  دوابة، في تصريحات له، أن من الأسباب الأخرى تخارج المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية، وإعادة توزيع استثماراتهم على الأسواق الناشئة، ومنها تركيا، والتي أصبحت سوقًا جاذبة للأموال الساخنة، بعد ارتفاع الفائدة إلى 24%، بالإضافة إلى مصادرة أموال جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بما فيها من شركات وعقارات وجمعيات ومستشفيات وخلافة، ما أدى إلى تفاقم الخوف داخل أوساط المستثمرين في البورصة.
 
شح السيولة
 
وقال  رئيس قسم التحليل الفني من شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية، إبراهيم النمر: "هناك حالة من الذعر في السوق وسط شح بالسيولة، فالمؤشر الرئيسي كَسر مستويات الدعم الرئيسية، ويتجه نحو  13400-13700 نقطة حاليا".
 
وأضاف النمر، في تصريحات صحفية، أنّ أي محاولات للصعود دون وفرة في السيولة سيكون مصيرها الفشل، مشيرا إلى أنّ ما يحدث في السوق لن يكون بيئة جيدة للطروحات الحكومية المتوقعة الشهر المقبل.
 
وعزت رانيا يعقوب، رئيسة إحدى شركات تداول الأوراق المالية، الهبوط الحادإلى "الشح الشديد في السيولة بالسوق وتخوف المستثمرين من أزمة الأسواق الناشئة".
 
وأضافت أن "الأنظار تتجه إلى اجتماع المركزي المصري المقبل بشأن أسعار الفائدة ليرى الجميع كيف سيتصرف المركزي في ظل محدودية الخيارات أمامه".
 
استمرار الهبوط
 
فيما توقع المحلل المالي أحمد عبد الظاهر، استمرار البورصة في الاتجاه العام الهابط، قائلا: "المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية كسر مستوى 15500 نقطة، وهو يمثل دعما قويا، حتى وصل حاليا ما يقارب 13000 نقطة، وهناك توقع بمزيد من الهبوط للمؤشر الرئيسي حتى مستويات 12500 نقطة".
 
وأوضح عبد الظاهر أن السوق المصري يتحكم فيه عدة عوامل، منها حالة نفسية للمستثمرين والمضاربين، لافتا إلى تدني شهية المخاطرة نتيجة لحالة الفزع والخوف بسبب الخسائر المتتالية للبورصة على مدى الأشهر الماضية، ما دفع المستثمرين إلى مزيد من البيع للأسهم وبالتالي مزيدا من الهبوط.