الدكتور الشيخ عائض القرني
أنصت لميميةٍ جاءتك من أَمَمِ … مُدادها من معاني نون والقلمِ
سالت قريحةُ صبٍّ في محبتكم … فيضاً تدفق مثل الهاطلِ العممِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحوح غدا … يطوي الروابي ولا يلوي على الأكمِ
أجش كالرعد في ليل السعود ولا … يشابه الرعد في بطش وفي غشمِ
كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم … أو خفق قلب بنار الشوق مضطرمِ
يزري بنابغة النعمان رونقها … ومن زهير ؟ وماذا قال في هَرِمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحاً ومادحه … وتبّعاً وبني شداد في إرمِ
ولا تعرج على كسرى ودولته … وكل أصْيد أو ذي هالة ٍوكمي
وانسخ مدائح أرباب المديح كما … كانت شريعته نسخا لدينهمِ
رصّع بها هامة التأريخ رائعة … كالتاج في مفرق بالمجد مرتسمِ
فالهجر والوصل والدنيا وما حملت … وحب مجنون ليلى ضلة لعمي
دع المغاني وأطلال الحبيب ولا … تلمح بعينك برقا لاح في أضمِ
وأنس الخمائل والأفنان مائلة … وخيمة وشويـهات بذي سلمِ
هنا ضياء هنا ريٌ هنا أملٌ … هنا رواء هنا الرضوان فاستلمِ
لو زينت لامرء القيس انزوى خجلا … ولو رآها لبيد الشعر لم يقمِ
ميمية لو فتى بوصير أبصرها … لعوذوه برب الحل والحرمِ
سل شعر شوقي أيروي مثل قافيتي … أو أحمد بن حسين في بني حكمِ
ما زار سوق عكاظ مثل طلعتها … هامت قلوب بها من روعة النغمِ
أثني على من ؟ أتدري من أبجلهُ ؟ … أما علمت بمن أهديته كلمي
في أشجع الناس قلبا غير منتقم … وأصدق الخلق طرّا غير متهمِ
أبهى من البدر في ليل التمام وقل … أسخى من البحر بل أرسى من العلمِ
أصفى من الشمس في نطقٍ وموعظةٍ … أمضى من السيف في حكم وفي حكمِ
أغرّ تشرق من عينيه ملحمةٌ … من الضياء لتجلو الظلم والظلمِ
في همة عصفت كالدهر واتقدت … كم مزقت من أبي جهل ومن صنمِ
أتى اليتيم أبو الأيتام في قدرٍ … أنهى لأمـته ما كان من يتمِ
محرر العقل باني المجد باعثنا … من رقدة في دثار الشرك واللممِ
بنور هديك كحلنا محاجرنا … لما كتبنــا حروفا صغتها بدمِ
من نحن قبلك إلا نقطة غرقت … في اليم بل دمعة خرساء في القدمِ
أكاد أقتلع الآهات من حُرَقي … إذا ذكرتُك أو أرتاعُ من ندمي
لما مدحتك خلت النجم يحملني … وخاطري بالسنا كالجيش محتدمِ
أقسمتُ بالله أن يشدو بقافيةٍ … من القريض كوجه الصبح مبتسمِ
صه شكسبير من التهريج أسعدنا … عن كل إلياذة ما جاء في الحكمِ
الفرس والروم واليونان إن ذكروا … فعند ذكراه أسمال على قزمِ
هم نمقوا لوحة للرق هائمة … وأنت لوحك محفوظ من التهمِ
أهديتنا منبر الدنيا وغار حرا … وليلة الـقدر والإسراء للقممِ
والحوض والكوثر الرقراق جئت به … أنت المزمل في ثوب الهدى فقمِ
الكون يسأل والأفلاك ذاهلةٌ … والجنّ والإنس بين اللاء والنعمِ
والدهر محتفلٌ والجو مبتهجٌ … والبـدر ينشق والأيام في حلمِ
سرب الشياطين لما جئتنا احترقت … ونار فارس تخبو منك في ندمِ
وصُفّدَ الظلم والأوثان قد سقطت … وماء ساوة لما جئت كالحممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزتهمُ … بك التشرف للتأريخ لا بهمِ
عقود نصرك في بدرٍ وفي أحدٍ … وعدلنا فيك لا في هيئة الأممِ
شادوا بعلمك حمراء وقرطبة … لنهرك العذب هبّ الجيل وهو ظمي
ومن عمامتك البيضاء قد لبست … دمشق تاج سناها غير منثلمِ
رداء بغداد من برديك تنسجهُ … أيدي رشيد ومأمون ومعتصمِ
وسدرة المنتهى أولتك بهجتها … على بساط من التبجيل محترمِ
دارست جبريل آيات الكتاب فلم … ينس المعلم أو يسهو ولم يهمِ
اقرأ ودفترك الأيام خُط به … وثيقة العهد يا من بر في القسمِ
قربت للعالم العلوي أنفسنا … مسّكتنا متن حبل غير منصرمِ
نصرت بالرعب شهرا قبل موقعة … كأنّ خصمك قبل الحرب في صممِ
إذا رأوا طفلا في الجو أذهلهم … ظنّوك بين بنود الجيش والحشمِ
بك استفقنا على صبح يؤرقه … بلال بالنغمة الحرّى على الأطمِ
إن كان أحببت بعد الله مثلك في … بدوٍ وحضرٍ ومن عربٍ ومن عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظرٍ حسنٍ … ولا تفوه بالقول السديد فمي