توطئة
مثلت نوادى أعضاء هيئة التدريس أحد المحطات الهامة للعمل الإخوانى داخل الجامعات المصرية، وكان تأسيس المؤتمر العام للنوادى أحد المحطات الهامة فى تاريخ الجامعات ومشاركتها فى العمل السياسى والمجتمعى، وكان أساتذة الجامعات من الإخوان دور واضح ومؤثر فى تفعيل دور تلك النوادى وإظهار مواقفها تجاه القضايا السياسية المختلفة سواء كانت محلية أو دولية.
فلم تكد تنتصف الثمانينات حتى كانت نوادى أعضاء هيئة التدريس تملأ سمع المجتمع المصرى، ففى عام 1987 كانت نوادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية تتشكل معظم مجالسها من الإسلاميين فكان فى القاهرة يرأس النادى أ.د. يوسف عبدالرحمن، وفى الإسكندرية أ.د. نبيل هاشم وفى أسيوط أ.د. محمد السيد حبيب، وغيرها من الجامعات الأخرى.
ويروى د. محمد حبيب فى مذكراته قصة ترشحه لرئاسة مجلس إدارة نادى جامعة أسيوط فيقول:
- فى أكتوبر عام 1985 أعلن عن فتح باب الترشيح لرئيس ومجلس إدارة النادى لدورة جديدة فكرت لماذا لا نطرق هذا المجال؟ولماذا هو حكر على مجموعة أو مجموعات بعينها تتناوب عليه، ويشير إلى أنه التقى بالدكتور منير شهوان الأستاذ بكلية الطب وطرح عليه أن يقوم هو بالترشيح بنفسه لرئاسة مجلس إدارة النادى، وبالفعل قدم د. حبيب بطلب ترشيحه، وبالفعل تم إعلان فوز د. محمد حبيب برئاسة النادى.
ويقول د. محمد حبيب نائب المرشد السابق ورئيس نادى أعضاء هيئة التدريس سابقاً
- " أنه شكل المؤتمر العام للنوادى خاصة منذ منتصف الثمانينات صداعاً فى رأس النظام فكانت دعوته وطالبته المستمرة بالحريات العامة، وتصديه للاستبداد وملاحقته للفساد لها صداها وانعكاستها الإيجابية على مستوى الجامعات المصرية؛
- وعلى مستوى المجتمع المصرى، لدرجة أن رؤساء الأحزاب كانوا يلجئون إلى المؤتمر العام للنوادى وإلى المؤتمرات التى كانت تعقدها مجالس إدارات النوادى مع جمعياتها العمومية، على اعتبار أن النوادى كانت تمثل آنذاك قلاعاً وحصوناً للحرية ولا نستطيع أن نغفل فى هذا الصدد الدور الذى قامت به بعض النوادى فى استضافة رؤساء الأحزاب مثل ،فؤاد سراج الدين،إبراهيم شكري،خالد محي الدين،حول موضوع مستقبل الديمقراطية. (1)
ولقد نشطت نوادى أعضاء هيئة التدريس فى ظل الإسلاميين نشاطاً محموداً فى كافة مجالات العمل الجامعى وأثمرت فى ذلك ثمرات طيبة.فقد اصدرت النوادى عدداً من الدراسات والتوصيات الهامة على مختلف المستويات
ومن أهم تلك التوصيات:
(1) وضعت النوادى مقترحاً مفصلاً لتعديل القانون الخاص بالجامعات (49 لسنة 72) طالبت فيه بـ:
- (أ) الاستقلال المالى والإدارى للجامعات.
- (ب) اختيار كافة القيادات الجامعية عن طريق الانتخاب الحر المبار.
- (ج) ربط سياسة التعليم بالمجتمع واحتياجاته.
- (د) ضمان حرية الرأى والتعبير والنشر والاجتماع بالجامعة ووضع الضمانات الكفيلة بتأمين الأعضاء على حاضرهم ومستقبلهم.
(2) وضعت النوادى اقتراحاً تفصيلياً لتصحيح هياكل رواتب أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم.
(3) إنشاء نظام التأمين الصحى من خلال كل نادى بالجامعات.
(4) إعادة جميع الأعضاء الذين نقلوا خارج الجامعة نتيجة قرارات سبتمبر1981.
(5) الوقوف بحزم فى مواجهة سياسات التطبيع مع الصهاينة وكافة مؤساتهم العلمية.
(6) مكافحة التعديات البوليسية على الجامعات والمطالبة بإلزام الحرس الجامعى بمهمته المحددة فى حراسة المنشآت الجامعية وتأكيد تبعيته للجامعة وليس العكس.
(7) تأييد المطالب الطلابية الخاصة بإلغاء اللائحة الطلابية المجحفة والتى أصدرها الرئيس السادات لتقييد الحركة الطلابية.
(8) المشاركة الايجابية فى كافة القضايا القومية التى مرت بها الأمة ومنها
- (قضية الحريات والشوريوالديمقراطية، قضية تطوير التعليم، قضية الحاصر العلمى والتكنولوجى المفروض علينا من الغرب، قضايا حقوق الانسان، الوقوف مع الشعب العراقى فى مواجهة الاستعمار الأمريكى، المطالبة بالغاء قانون الطوارئ). (2)
و مقارنة بالحركة الطلابية نجح النظام في إقصاء الإخوان عن سيطرتهم على نوادي أعضاء هيئة التدريس وعلى الرغم من أن أعضاء هيئة التدريس يشاطرون الطلاب الفضاء الجامعي ذاته , بما فيه من حرية نسبية إلا أنهم في المحصلة موظفون في الجامعة؛
ولا يحظون بالقدرة نفسها على الحركة والمناورة ولذلك فإن مآل الإخوان في نوادي أعضاء هيئة التدريس كان شبيه بمآلهم في النقابات فباستثناء " نادي أعضاء هيئة التدريس " في جامعة القاهرة تمت تصفية الإخوان من بقية نوادي الجامعات بحلول العام 2007 .
في التسعينيات حاول النظام دعم مرشحيه للفوز في انتخابات مجلس إدارة النوادي إلا أن محاولاته باءت بالفشل فلجأ في النهاية إلى تشكيل نواد بديلة تسعي إلى توفير الخدمات نفسها التي يوفرها الإخوان أطلقوا عليها اسم " نوادي الجامعة" ولأول مرة أصبح هناك في آن واحد في جامعة أسيوط
مثلا " نادي هيئة تدريس جامعة أسيوط" الذي يسيطر عليه الإخوان من خلال انتخابات دورية "ونادي جامعة أسيوط" الذي يسيطر عليه الحزب الوطني وبوجود " نادي الجامعة " الذي أقطعته الدولة أرضا بمنشآت مجهزة وميزانية ثابتة كانت الدولة من خلال رئيس الجامعة ومجلس إدارة الجامعة تضع العراقيل القانونية والأمنية أمام نوادي أعضاء هيئة التدريس " الشرعية" ما جمدها نهائيا .
وفقد الإخوان مع النقابات مظلة قانونية أخري كانوا يعملون تحتها ولم يستطع المدعومين من " الحزب الوطني " أن يؤدوا الخدمات نفسها التي كانت تؤديها الجماعة لأعضاء النادي مما أعاد نوادي الجامعة إلى حالة الكمون التي كانت عليه في بداية الثمانينات .
بعض التقارير الحكومية لمواجهة الصحوة الإسلامية بالجامعات
التقرير الأول: حول مؤتمر الإعداد للقادة، مبنى المركز الكشفي، مدينة نصر الزمان 1/7/1992
الذين يحضرون المؤتمر: مدعون بصفة خاصة من قبل السادة رؤساء الجامعات .. وهم اعضاء هيئة التدريس وموظفون من الجامعات ومختارون من الطلاب وذلك من جامعات
-
- الإسكندرية
- الأزهر
- الزقازيق
- قناة السويس
- المنيا
- أسيوط
- ومعيدة واحدة من جامعة عين شمس (كلية الخدمة الاجتماعية)
المحاضرون:
-
- د. يوسف والي
- د. أسامة الباز
- محفوظ الأنصاري من جريدة الجمهورية
- رئيس جامعة أسيوط
- أ. عبد المنعم عمارة رئيس الشباب والرياضة
- نور الدين فهمي رئيس جهاز الشباب
- الشيخ محمد سيد طنطاوي مفتي وزارة العدل
ومن الصف الثاني:
- د. حسن بكر، علوم سياسية، أسيوط
الهدف من المؤتمر:
- إعدادة القادة الذي يحمل مفاهيم الحزب الوطني في محاولة لإعادة (شبه تنظيم طليعي بالجامعات)
الوسائل:
- محاضرات وحوارات جميعها حول الظاهرة الإسلامية وكيفية التغلب عليها، ويدل التقرير الذي بين يدي على فشل الملتقي في تحقيق أهدافه ووقوع خلاف كبير في وجهات النظر بين المدعوين والمحاضرين وكثيرا ما أوصلتهم الحوارات إلى إيجابيات الظاهرة الإسلامية ولكن إصرار السيد عبد المنعم عمارة على التصدي لها كان الاتجاه الذي غلب، وقد فشل المجتمعون في التوصل لصيغة محددة المحركة نظرا لأن كل منهم ينتمي لجهة مختلفة.
- وقد أبدي عبد المنعم عمارة استياءه من أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة لأنهم رفضوا حضور حفلة بالجامعة في صحبته وحضر المحفلة وحده مع المحتفلين من أسرة الحزب الوطني بالجامعة وقد أدلى كل من حضر بدلوه في المسألة وكان أشدهم على الشباب فضيلة المفتي الشيخ طنطاوي وبعض أفراد الصف الثاني
التقرير الثاني: حول نادي حورس
(التنظيم الشبابي المكلف بمكافحة الإسلاميين في الجامعات المصرية) والتقرير نشر على عددين بجريدة الشعب جاء في العدد الاول:
- فكرة النادي: إحياء التنظيم الطليعي الذي شكله الاتحاد الاشتراكي في الستينيات ليكون جناحا يتشبع بأفكار النظام مقابل الإمتاع والإنفاق على شهوات الشباب المنضمين إليه.
- النشأة الحديثة: عقب الدورة الأفريقية حيث تم انتقاء فتيان وفتيات من الذين شاركوا في خدمات الدورة والترفيه عن الاعبين والضيوف.
- الأهداف: يلخصها السيد أشرف المهدي، مدير النادي فيقول: نريد أن ينقرض التيار الإسلامي تماما ويتم إصلاح مسار الإتحادات الطلابية.
- التمويل: من خلال اشتراكات الأعضاء ومساهمات المجلس الأعلي للشباب والرياضة
- الانتشار: يوجد للنادي تجمعات في معظم المحافظات وعلى رأسها القاهرة، والإسكندرية، وأسوانوالدقهليةوالمنصورة، وجاري تأسيس فروع في كل من المنوفية، الإسماعيلية، بورسعيد
- التوجهات الفكرية: يقول رئيس النادي هناك ثلاثة مسائل لا دخل لنا فيها.
-
- الدين
- السياسة
- الأحزاب
أسباب الانتقادات الموجهة لحورس
- يقول رئيس النادي لعل السبب ان الشباب من أوتي بأفعال تسيء إلى السمعة.وكذلك قد يكون السبب السرنجات المخدرة التي تم ضبطها مع الأعضاء عقب حفل يوم 27 فبراير الماضي.
سلوكيات أسرة حورس في رحلة قطار الشباب إلى أسوان:
- نقل التقرير وقائع كثيرة حول الحالة الأخلاقية المتردية لأعضاء التنظيم تصل إلى شرب الخمر والعبث الجنسي بين الفتيات والفتيان، والتطاول بالمطاوي، وأن ذلك من الأمور المتعارف عليها في نادي حورس، بل إن بعض المشرفين يشارك الطلاب في هذه المهازل (طالع تقرير الشعب في عددي 5 ، 9 فبراير1993)
التقرير الثالث: حول دراسة أعدتها جامعة المنوفية كلية الآداب تحت عنوان " الريادة المتكاملة للرعاية الطلابية"
وقد أرسلتها الجامعة للجامعات الأخرى بهدف الدراسة والمناقشة والتعميم.ويعد التقرير محاولة جادة لمقاومة صاحب التدين بالأسلوب العملي (كما يتصور صاحب التقرير) بالرغم من أن الدكتور صاحب التقرير حاول أن يغلف توجهاته تحت عنوان "الريادة المتكاملة" والتقرير يبدي قلقه البالغ لوجود المتدينين بجامعة المنوفية ويصفهم كالعادة بالأوصاف المهينة.
ويحدد التقرير تسعة أهداف لتجربته التي يدعي أنها نجحت، ثم يشرح كيفية السير لتحقيق هذه الأهداف فيسرد كيف عقد كثيرا من الاجتماعات وكيف جند (4 طلاب) بالتحديد اسماهم (بالرواد) لكل سنة دراسية ويشرح كذلك كيف كان الدور الرئيسي لهؤلاء منع الطلاب المتدينين (ويصفهم بالمتشددين) من إلقاء كلمات دينية بالمدرجات قبل الدروس والمحاضرات وبدأت المسألة على أنها خلاف بين الطلاب لا دخل للكلية فيه.
كما نسى نفسه تماما عندما قال في التقرير في صفحة (6) لطلاب الرواد المختارين كان بين أدوارهم تذكير الأساتذة بمواعيد المحاضرات وهكذا أصبحوا أدوات لسيادته على الأساتذة أيضا التقرير وجاهة عند المسئولين.
وفي نهاية التقرير يقدم الأستاذ الدكتور مطالبة الأتية:
-
- ضرورة زيادة المكافأة لأعضاء هيئة التدريس الذين يتفاعلون مع التجربة ومجازاة المتقاعسين عنها.
- يطبق ذلك على الطلاب أيضا فيفصل من الاتحاد.. المتقاعسون
- يعاد النظر في قانون تأديب الطلبة بحيث تعطي للعمداء صلاحيات أوسع من ذلك.
- ضرورة العمل على تلبية حاجات الطلاب حتى لا يقعوا فريسة للتوجهات الإسلامية. (3)
وكانت الجامعات ونواى أعضاء هيئة التدريس مقدمة أساسية وضرورية للعمل النقابى فيها بعد فمن خلال الممارسة فى تلك المؤسسات اكتسبت كوادر الجماعة الخبرة الجماهيرية والعملية للصعود إلى النقابات المهنية التى كانت تخضع بصورة كاملة إما للتيار اليسارى الناصرى أو التيار الحكومى.
المراجع
- ذكريات د. محمد حبيب عن الحياة والدعوة والسياسة والفكر، دار الشروق، ص219
- تاريخ الحركة الاسلامية فى ساحة التعليم، السيد عبدالستار المليجى،ص113-115
- تجربتى مع الاخوان، السيد عبدالستار، الزهراء للإعلام العربى،ص170-172