يعتبر محمد السنوار (50 عاما) أحد أبرز مهندسي عملية طوفان الأقصى، فقد كان يتبنى قبلها استراتيجية استمرار الهجمات على الجيش الإسرائيلي بهدف إفقاده الدافعية للقتال. وكان السنوار ممن أشرفوا بشكل مباشر على اقتحام مستوطنات غلاف غزة صبيحة السابع من أكتوبر 2023، وتتهمه إسرائيل بأنه أحد "العقول الرئيسية" لهذه العملية التاريخية.

 

العقل المدبر والمطلوب على رأس القائمة

 

في سياق دوره المركزي، ينقل تقرير لصحيفة التلغراف عن رئيس سابق لمكافحة الإرهاب في جهاز الموساد الإسرائيلي قوله: "إن مجموعة تتكون من 4 أشخاص تقف وراء الهجوم المميت، وبنسبة 100% كان محمد السنوار أحد هؤلاء الأربعة".

 

وفي نوفمبر 2023، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت عن ملاحقة إسرائيل لمحمد السنوار إلى جانب شقيقه يحيى السنوار، وذلك خلال مؤتمر له في تل أبيب ظهرت فيه صورتا الشقيقين محمد ويحيى. كما أعلن الجيش الإسرائيلي في الشهر ذاته أنه دهم مكتب السنوار في قطاع غزة وصادر منه ما ادعى أنها "كراسات قتال تابعة لمنظمة حماس". ويعتبر محمد السنوار من أصحاب المواقف الصلبة، وكان له علاقة بمتابعة عملية التفاوض خلال الحرب على صفقات الأسرى.

 

النشأة والعلاقة مع "الضيف" ويحيى

 

ارتبط اسم محمد السنوار بشقيقه يحيى، قائد حركة حماس في قطاع غزة الذي استشهد خلال اشتباكه المباشر مع الجيش الإسرائيلي في حي تل السلطان غرب مدينة رفح في أكتوبر 2024. كما جمعته علاقة قوية بمحمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، نظراً لنشأتهما المشتركة في مخيم خان يونس، إضافة إلى علاقته بقيادات كتائب القسام في جنوب القطاع مثل رائد العطار ومحمد أبو شمالة ومحمد برهوم، الذين اغتالتهم إسرائيل في حربها على غزة عام 2014.

 

ولد محمد إبراهيم السنوار في سبتمبر من عام 1975 بمخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة، لأسرة فلسطينية لاجئة تعود أصولها إلى بلدة المجدل. تلقى تعليمه الأساسي في مدارس "الأونروا"، وانضم إلى حركة حماس منذ السنوات الأولى لانطلاقتها.

 

مسار عسكري حافل من "شاليط" إلى قيادة الأركان

 

وضعت إسرائيل محمد السنوار على قائمة المطلوبين لديها مبكراً، إذ اتهمته بأنه من ضمن العقول المدبرة لعملية "الوهم المتبدد" في 25 يونيو 2006، التي استهدفت موقعاً عسكرياً إسرائيلياً على الحدود الشرقية لمدينة رفح وأسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، والاحتفاظ به على مدار 5 سنوات حتى الإفراج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" في أكتوبر 2011، مما زاد من وضعه تحت الأنظار الإسرائيلية.

 

برز نشاط السنوار العسكري في انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر عام 2000، حيث شكل مجموعات لاستهداف المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي خان يونس عبر عمليات إطلاق النار وقذائف الهاون والتصدي للاجتياحات، مسهماً في إعادة تشكيل المجموعات المسلحة للكتائب.

 

وقد تدرّج في مواقع العمل العسكري وتولى منصب قائد لواء خان يونس، ليصبح عضواً بارزاً في المجلس العسكري. وترجح إسرائيل أنه تولى قيادة كتائب القسام خلال الحرب الأخيرة بعد اغتيال محمد الضيف ومن قبله مروان عيسى والعديد من القيادات العسكرية. وفي السنوات الأخيرة، تولى مسؤولية مركزية في هيئة الأركان، وأشرف بعد عام 2012 على ملف التجهيز والإمداد والدعم اللوجستي (توفير العتاد والسلاح والصناعات العسكرية)، وهو الملف الذي أداره تحت قيادة شقيقه يحيى حين كان الأخير على رأس الدائرة العسكرية قبل انتخابه رئيساً للحركة في غزة عام 2017.

 

"رجل الظل" و"الميت الحي".. الهروب من الموت

 

يُعرف محمد السنوار بشخصيته الجدية الحادة وصرامته في العمل العسكري، وهو لا يظهر إعلامياً إلا نادراً ودون الكشف عن ملامحه الحقيقية، ما جعل البعض يطلق عليه لقب "رجل الظل". ظهر في تسجيل نادر عقب الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، ثم ظهر إعلامياً لأول مرة خلال برنامج "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة في مايو 2022، ولم يشارك في تشييع والده الذي تُوفي في يناير/كانون الثاني 2022 لدواعٍ أمنية.

 

ويُطلق عليه أيضاً لقب "الميت الحي"؛ إذ نجا من أكثر من محاولة اغتيال إسرائيلية، منها محاولة زرع جسم ملغم في جدار منزله بمدينة خان يونس عام 2003، وقصف منزله خلال حرب عام 2014، واستهدافه مجدداً في معركة "سيف القدس" في مايو 2021.