حين نفتقد إلى قانون يحتكم إليه الجميع، وحين تضع السلطة يدها على كل شيء، بما فيها السلطة القضائية والنيابة العامة، فلا تتحدث عن استقلالية أو تتكلم عن نزاهة أو تطالب بالعدالة، ولا تسأل عن حقوق لمتهم يفترض القانون براءته حتى تثبت إدانته.
ولعلها من النوادر أن تختصم النيابة محامي الدفاع في قضية تنظرها المحكمة، كما حصل مع محمد حمودة محامي المنتجة سارة خليفة، يوم الاثنين- في اتهامها بالاشتراك في عملية جلب وتصنيع المواد المخدرة من الخارج، مع 27 متهمًا آخرين-، وذلك بعد أن دفع بعدم حيادية النيابة العامة في التحقيقات بشأن موكلته.
إجراءات قانونية ضد حمودة
فقد طالب ممثل النيابة العامة من هيئة المحكمة إثبات ما قاله الدفاع نصًا في محضر الجلسة، تمهيدًا لما ستتخذه من إجراءات قانونية، ليرد حمودة: "أنا بكرر وبصر على دفعي بعدم حيادية النيابة العامة في التحقيقات مع موكلتي، وهو دفع قانوني سليم وليس به إهانة للنيابة العامة، هل النيابة بتهددني باتخاذ الإجراءات؟".
وقال ممثل النيابة العامة لرئيس المحكمة: "أطالب بتوجيه دفاع المتهمة للتحدث إلى هيئة المحكمة وعدم مخاطبة النيابة العامة".
وعقب حمودة: "أنا أقدر أجيب 400 محامي الصبح وندفع بعدم حيادية النيابة العامة في التحقيقات، أنا بترافع بقالي 14 سنة عمري ما النيابة وجهت لي تهديد باتخاذ الإجراءات ضدي".
ليطلب وكيل النائب العام مرة أخرى من المحكمة إثبات تكرار الدفاع "عدم حيادية النيابة بالتحقيقات" عدة مرات. الأمر الذي قابله عدد من محامي المتهمين الموجودين داخل قاعة بالإعراب عن تضامنهم مع حمودة لتحرير مذكرة رسمية بعدم حيادية النيابة.
ليرد رئيس المحكمة: من حق النيابة العامة إثبات ما تود إثباته في محضر الجلسة كما هو حق الدفاع: "ما تكبروش الموضوع يا أستاذة، وتفضل يادكتور حمودة باستكمال المرافعة".
وأثارت الواقعة سجالاً بين المحامين بين رافض لإعلان النيابة ملاحقة المحامي، ومؤكد بأن ثمة فرقًا بين الطعن في حياديتها وآلية التحقيقات.
جدل بين المحامين
إذا اعتبر المحامون المتضامنون أنه لا يجوز ملاحقة المحامي بعد أن دفع بعدم حيادية التحقيق طالما الدفع فى صلب الموضوع، إلا إذا وصل ذلك إلى التجريح أو التشكيك فى نزاهة المحقق نفسه. وللمحكمة أن تتدخل وتبدي رأيها إذا كانت لها وجهة نظر.
فيما رأى آخرون أن هناك فرقًا شاسعًا بين الطعن فى كيفية إجراء التحقيقات وبطلان الدليل المستمد منها، والطعن فى حيادية النيابة العامة، لأن النيابة هي الأمينة على الدعوى العمومية وليس المحامي وهى خصم شريف في الدعوى، ولايجب أن يتم الطعن فى النيابة ولكن الطعن فى الدليل.
وعلق المحامي محمد علاء الدين عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، قائلاً: "لما يكون الدكتور محمد حمودة من أكبر وأشهر محامين مصر وتخرج علينا الصحف بمانشيت ملاحقة محمد حموده محامي سارة خليفة بسبب دفع قانوني قاله في الجلسة.. يبقا إحنا بنعيش أحقر عصر على جميع المستويات.. دفع محمد حموده بعدم حيادية النيابة العامة قانوني١٠٠%.. وأغلبية القضايا المعاصرة شابها قصور في التحقيق أصلاً...".
وعلق الكاتب سليم عزوز ساخرًا عبر صفحته في "فيسبوك": "هذه هي الجمهورية الجديدة يا حضرة الأفوكاتو، ستقول جرى العرف، واستقرت التقاليد؟ أي عرف وأي تقاليد؟ أعراف وتقاليد الحمهورية القديمة؟ لا تخصنا في شيء اعتذر للم الدور مالك مندهش هكذا؟ غريب مش من المنطقة؟".

